رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أميمة تخفى وجهها.. وDW أيضًا!


ليست هى التى قال لها النابغة الذبيانى «كِلينى لِهَمٍ يا أميمة ناصبِ». ولا تلك التى أضحت «لا يُنالُ زِمامُها، واعتاد نفسَكَ ذِكْرُها وسقامُها»، كما قال النابغة الشيبانى. بل هى ألمانية، من أصل تونسى، عمرها ٣٥ سنة تجرى محاكمتها، الآن، بعدة اتهامات من بينها الانتماء لتنظيم «داعش» الإرهابى. وتحرص، خلال جلسات المحاكمة على إخفاء وجهها.
أميمة، المولودة فى مدينة هامبورج، لأب تونسى وأم ألمانية، محبوسة منذ ٨ أشهر على ذمة قضية. ولو كنت تتعاطى «الكلة» أو من المؤلفة جيوبهم، يمكنك أن تقول إنها معتقلة «بصفة الحبس الاحتياطى»، كما اعتاد عملاء أو أجراء المخابرات الألمانية أن يصفوا الإرهابيين المحبوسين على ذمة قضايا فى مصر. كما يمكنك أن تدّعى، أيضًا، أنها «معتقلة رأى»، وأن تتهم الشرطة الألمانية بانتهاك خصوصيتها، لأن كل الاتهامات مبنية على آراء وصور شخصية، لم يكن متاحًا للسلطات معرفتها أو الاطلاع عليها إلا بالتنصت على مكالماتها وتفتيش تليفونها.
عادت أميمة إلى ألمانيا، عبر تركيا، فى أغسطس ٢٠١٦، لتضع طفلها الرابع فى هامبورج. وفى يناير ٢٠١٨ لقى زوجها الإرهابى، مغنى الراب الألمانى السابق، مصرعه. وقبل أن تلقى الشرطة الألمانية القبض عليها، فى سبتمبر ٢٠١٩، كانت تعيش حياة «طبيعية» مع أطفالها الأربعة، دون أن تشتبه فيها السلطات. لكن الوضع اختلف حين وجدوا على تليفونها صورًا لها، فى سوريا، مع مغنى الراب الألمانى دنيس كاسبر، المعروف باسم «ديزو دوج»، عضو تنظيم داعش الإرهابى، الذى تزوجته سنة ٢٠١٥. ومن التنصت على مكالماتها وبريدها الإلكترونى، عرفوا أنها لم تندم على الزواج أو على انضمامها للتنظيم الإرهابى.
غير الانضمام لتنظيم داعش، تواجه أميمة اتهامات تتعلق بالاتجار فى البشر، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وتعريض نمو أطفالها الجسدى والعقلى للخطر. ومحاولة تجنيد سيدات من ألمانيا للانضمام للتنظيم الإرهابى. والإشارة هنا مهمة إلى أن أعدادًا متزايدة من زوجات «الدواعش» العائدات إلى ألمانيا، تجرى محاكمتهن. وحين تعجز السلطات عن جمع أدلة تثبت انتماءهن لتنظيمات إرهابية، تتقدم بدعاوى تتعلق باختطاف أطفالهن وتعريضهم للخطر. وهذا ما حدث، مثلًا، مع كارلا جوزفين «٣٣ سنة»، التى عاقبتها محكمة دوسلدورف العليا، الخميس الماضى، بالسجن لمدة ٥ سنوات و٣ أشهر، فى اتهامات تتعلق باختطاف أطفالها ونقلهم إلى سوريا.
لو كنت تتعاطى «الكلة» أو من المؤلفة جيوبهم، أو مركوبًا، ذهنيًا، من الإرهابيين، أو تستعملك أجهزة هذه الدولة أو تلك، يمكنك أن تشكك وتتشكك، أيضًا، فى الحكم الصادر ضد كارلا جوزفين. أو فى الحكم الصادر، منذ شهر، ضد التونسى الألمانى «سيف الله»، الذى أدانته المحكمة نفسها، المحكمة العليا فى دوسلدورف، باعتزامه القيام بعمل إرهابى، وعاقبته بالسجن لمدة عشر سنوات، قضى منها ١٩ شهرًا، محبوسًا على ذمة القضية، وقضتها أيضًا زوجته التى مثلت أمام المحكمة، يوم الجمعة، وحاولت نفى التهم الموجهة لها بالتواطؤ معه.
لأكثر من سبب، يمكنك اتهام المشككين والمتشككين بأنهم ينتمون إلى تلك الفئات، أبسطها هو أن القضاء الألمانى، كما أى قضاء فى كل مكان، لا مصلحة له فى إدانة فلان أو تبرئة علان. وربما يستوقفك تناقض بعضهم، وغالبية المنظمات الحقوقية التى تراها تنتفض من أجل الإرهابيين فى دول، وتبصق عليهم وتتجاهل التنكيل بهم فى دول أخرى. وقد تستوقفك، أيضًا، أميمة، التى أشرنا إلى أنها تحرص، خلال جلسات المحاكمة، على إخفاء وجهها، كانت تغطيه بمجلة، خلال جلسة الإثنين، لكن شعرها كان مكشوفًا. مع أن شعرها كان مخفيًا ووجهها هو المكشوف، فى صور تم التقاطها لها فى مدينة الرقة السورية وهى تحمل الكلاشينكوف!.
بهذا التناقض تتعامل مؤسسات الدولة الألمانية مع الإرهاب. تتخذ وزارة الداخلية، ووزارات داخلية الولايات، إجراءات قاسية لمواجهته من بينها تشديد الرقابة على شبكات التواصل الاجتماعى وعلى ألعاب الفيديو. وفى الوقت نفسه، تقوم وزارات وأجهزة أخرى بدعم الإرهابيين، وتفتح وسائل إعلامها لمن يقومون بالتخديم عليهم وتبرير جرائمهم. ولن نتوقف عند ما تنشره، مثلًا، المواقع الإلكترونية لإذاعة صوت ألمانيا، دويتشه فيله، أو ما تعرضه شاشاتها، مكتفين بتذكيرك بأكاذيب، فبركات وتشنجات ذلك البريطانى، الذى لم يتم الاستغناء عن خدماته، إلا بعد ثبوت تحرشه جنسيًا بكل «تاء مربوطة» داخل المؤسسة وخارجها، ولم يستطع من يستعملونه حمايته من الملاحقات القضائية إلا بإخفائه.
تمويل دويتشه فيله، أو DW، يأتى رأسًا من الخزانة العامة الاتحادية، ما يعنى أن كل ما تنشره مواقعها الإلكترونية أو تعرضه شاشاتها، مدفوع الثمن من الـ٣٢٦ مليون يورو، هى ميزانية المؤسسة السنوية. ومعروف أن من يدفع للزمار يختار اللحن. كما بات معروفًا أن من استعمل يسرى فودة، سابقًا، ويستعمل علاء الأسوانى، حاليًا، ضابط عبيط أو أرعن!.