رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حسام المقدم: كورونا جعلت الكابوس يسبق الفن بأميال من الخيال

حسام المقدم
حسام المقدم

حول تأثيرات فيروس كورونا علي العالم والأدب٬ قال الكاتب "حسام المقدم": مَن كان يُصدّق! الذئب الأمريكي العجوز هنري كسينجر، يخرج بحديث يقول فيه إن الظروف التي يمر بها العالم الآن أعادتْ إليه نفس المشاعر التي انتابته عندما كان جنديا في فرقة المُشاة أثناء الحرب العالمية الثانية، وأن الجهود المبذولة لمواجهة الوباء ينبغي ألا تشغل قادة العالم عن ضرورة أخرى مُلحة؛ وهي إطلاق مشروع مواز لعالم ما بعد كورونا.

وتابع "المقدم" في تصريحات خاصة للدستور: إذا كان "كسينجر"، داهية التفكير الاستراتيجي، يقول "مشروع ما بعد كورونا"، كأنه يتكلم عن مشروع مارشال أو إعادة صياغة نظام العالم؛ فذلك هو الكابوس الكبير.. ما الذي سيحدث بعد الإفاقة من هذه الغُمة؟، وإلى أي مدى ستتأثر الدول الكبرى الموبوءة؟.. إلى أين تتجه بوصلتها؟ والاقتصادات الضعيفة، ما مصيرها وحجم انكماشها؟.. نحن في الصدمة لا نزال، وفي الصدمة تنزل شبورة كثيفة لا نستطيع معها الرؤية المؤكدة، رغم كثرة الرؤى والتأويلات.. الآن هناك التأمل الذي لابد منه، التأمل لما يحدث كل يوم وكل ساعة، للوصول إلى أي نقطة نور في نهاية المشهد المظلم.

وأضاف: على مستوى الفن والأدب، جعلت هذه الكارثة الواقع الكابوسي يسبق الفن بأميال من الخيال. صحيح أن الخيال الإنساني لن يتوقف أبدا، لكن ما حدث يفوق رعب نهايات العالم التي عُرضت في أفلام أو كُتبت في روايات. ولا "الطاعون" لكامي، أو "الشوطة" الرمزية التي نجا منها "عاشور الناجي" في "الحرافيش" لنجيب محفوظ؛ ولا أي وباء فني أو حقيقي يُمكن أن يُغلِق العالم كله، ويرجع بمُدُن حضارية كبرى مثل روما أو باريس لعصر الكهوف، ويسمح للخنازير البريّة أو القرود، أن تسير بحرية في الشوارع الخالية من البشر.

في الجانب الآخر هناك لحظات فنية مُبهجة، دافعها صناعة حالة وهم جميل بأن الحياة ماضية رغم أي شيء، مثل تحديد ساعة للتصفيق الجماعي في الشُّرفات، أو للعزف الموسيقي الرائع. فهل ستتراجع الفانتازيا الأدبية في المستقبل، أو على الأقل ستتخفف من أدواتها، مثلما الآن، في عالم يختبئ سكانه في منازلهم، ولا تشغلهم الفانتازيا أو أفلام الخيال، وإنما فقط انتظار البحث والتجارب ليلا ونهارا في المعامل، لتخريج لِقاح فعّال من أجل كورونا! كل شيء من أجل كورونا ولمواجهة كورونا، لذلك من الطبيعي أن تأخذ هذه الكارثة الإنسانية نصيبها الفني المُستحق في الأدب والسينما في المستقبل.

أما على المستوى الشخصي، لا يوجد إلا الحرص، ومحاولة التعايش مع الأخبار المتوالية والحركة المحدودة والزهق.. مع وقت طويل للتأمل فيما يحدث، ومن عدة زوايا: كارثية وفنية وأحيانا ميتافيزيقية.