رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العالقون فى قطر.. كيف علِقوا؟!



حقارة، وضاعة، وخسة العائلة الضالة التى تحكم قطر بالوكالة، ليست جديدة. لكن تغليبها للعب القذر على أرواح الشعب القطرى، وأرواح رعايا الدول الأخرى المقيمين فى دويلتهم، وأرواح كل شعوب المنطقة إجمالًا، كشف عن مستوى الانحطاط، غير المسبوق، الذى نزلت إليه تلك العائلة والأبواق التابعة لها والغلمان الذين تستعملهم.
تفشى وباء كورونا المستجد أجبر دولًا كثيرة، من بينها مصر، على إغلاق مطاراتها وموانيها، وتعليق السفر منها وإليها. غير أن وزارة الهجرة وشئون المصريين فى الخارج، قامت بالتنسيق مع الوزارات المعنية، لمتابعة موقف المصريين العالقين فى مختلف دول العالم. وتم تشكيل غرفة عمليات، منعقدة على مدار الساعة، مع تخصيص بريد إلكترونى ورقمين للتواصل عبر «الواتس آب»، بالإضافة إلى نموذج تسجيل على الإنترنت، لتلقى بيانات العالقين وشكاواهم. وبالفعل، قامت شركة مصر للطيران بتسيير العديد من الرحلات الاستثنائية، فى ظروف شديدة الصعوبة.
حالة الفخر التى عاشها المصريون، وهم يرون الأساطيل تتحرك لإعادة العالقين فى الخارج إلى أرض الوطن، ألجمت الذباب الفضائى والإلكترونى، التركى، القطرى، الإخوانى. وعليه، قررت العائلة الضالة، التى تحكم قطر بالوكالة، أن ترمى لهم هذا العنوان: «القاهرة ترفض استقبال طائرة إسبانية استأجرتها الدوحة لنقل عمال عالقين».
العنوان بنصه، تقريبًا، تكرر فى كل الصحف والمواقع الإلكترونية القطرية، التركية، والإخوانية، مساء أمس الأول، الأحد. وجاء فى التفاصيل أن مصدرًا مسئولًا فى الخارجية القطرية رد على استفسار قناة «الجزيرة» عن أوضاع مَن وصفتهم بأنهم «عمال مصريون عالقون فى قطر»، بأن «السلطات المصرية رفضت استقبال طائرة إسبانية استأجرتها الدوحة لنقل هؤلاء العمال». وأضاف أن «السلطات القطرية استأجرت الطائرة يوم الجمعة الماضى. إلا أن السلطات المصرية امتنعت عن استقبالها قبل أن تقلع بدعوى توقف حركة الطيران الدولى فى مطار القاهرة بسبب الإجراءات المتخذة لمواجهة فيروس كورونا».
الكلام يخاصم العقل، طبعًا، إذ لا يمكن أن تتحرك طائرة إسبانية من مطار دولتها، ومجالها الجوى، المغلق منذ ٢٢ مارس. مع ملاحظة أن إسبانيا، فى ذلك اليوم، يوم الجمعة، تخطت إيطاليا فى أعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد، وصارت ثانى أكبر الدول المصابة فى العالم، بعد الولايات المتحدة والثانية فى أعداد المتوفين، بعد إيطاليا. وعليه يكون الأرجح هو أن ما ذكره المصدر المسئول، المجهول أو المكسوف، غير صحيح. خاصة أن هذا الكلام لم تنقله غير تلك القناة المنحطة. وإلى أن تصدر تصريحات رسمية من مصدر قطرى معلوم تؤكده، أو تصريحات تنفيه من السلطات المصرية، يكون السؤال واجب الطرح هو: كيف علِق هؤلاء؟!
علِقَ، يَعلَق، عُلوقًا وعَلَقًا، فهو عالق. ويُقال علِق الشىء بالشىء أى نشب فيه واستمسك، وعلِق الفأر بالمصيدة، إذا دخل فيها ولم يستطع أن يخرج منها. وكانوا يقولون للصائد: أَعْلَقْتَ فأَدْرِكْ، حين يعَلِقَ الصيدُ فى شباكه. أما مَن صاروا عالقين خارج بلادهم، بعد تفشى فيروس كورونا المستجد، فهم الذين كانوا خارج بلادهم، بصفة استثنائية سواء كانت زيارة عائلية أو سياحة أو علاجًا أو دورة تدريبية أو حضور مؤتمر أو عملًا مؤقتًا. والتوصيف، الذى لم تخترعه مصر، لا ينطبق على هؤلاء الذين استخدمتهم قطر، سواء بعلمهم، أو بدونه.
الطيران المباشر متوقف بين القاهرة والدوحة، منذ ٥ يونيو ٢٠١٧. وفى أول مارس الماضى، قررت دويلة قطر حظر دخول حاملى الجنسية المصرية، عن طريق نقاط وسيطة، حتى لو كانوا يحملون إقامة سارية فى دولة قطر. وزعمت السلطات القطرية أن القرار يأتى فى إطار تدابير الصحة العامة اللازمة لمنع انتشار فيروس كورونا. وفى مقطع الفيديو الذى، تم تسجيله فى ٢٩ مارس، يجلس عشرات أمام متحدث رئيسى، زعم أن الشركة التى يعملون بها استغنت عن خدماتهم فى ١٠ مارس الماضى.
قد تتعاطف مع هؤلاء، لو لم تكن تعرف أن سلطة الطيران المدنى المصرية أعلنت يوم الثلاثاء ١٧ مارس عن تعلق حركة الطيران، بدءًا من ظهر الخميس ١٩ مارس. ما يعنى أن هؤلاء، لو سلّمنا بأن قرار إنهاء خدماتهم صدر فى ١٠ مارس فعلًا، كان أمامهم تسعة أيام، ويومان بعد إعلان القرار. كما نعتقد أن مساحة التعاطف كلها قد تتبخر بعد أن أفلتت من أحدهم عبارة «احنا واخدين حقنا لغاية ١٠ مايو». وهى العبارة التى حاول المتحدث الرئيسى أن يتداركها بقوله «وفيه ناس زمايلنا واخدين مرتباتهم لحد ١٠ أبريل، بس الريال اللى باصرفه هنا أولى به بيتى».
أخيرًا، وسواء عاد هؤلاء «غير العالقين» فى قطر، إلى مصر، كما نتمنى، أم لم يعودوا، فإن العائلة الضالة التى تحكم قطر بالوكالة لن تتوقف عن لعبها القذر، إما بالاستغناء عن خدمات مئات آخرين، أو باختراع أى حيل جديدة لتحقيق أهداف ومخططات، فشلت وستفشل فى تحقيقها.