رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد رفيع: أدب ما بعد كورونا سينفتح أكثر على ثقافات العالم

محمد رفيع
محمد رفيع

من المؤكد أن العالم ما بعد وباء كورونا لن يعود كما كان قبله، وربما سيأتي اليوم الذي يؤرخ فيه بكورونا، وربما قيل الوقائع الفلانية حدثت قبل أو بعد الكورونا. وبعيدًا عن روايات أو عالم الــ"ديستوبيا"، استطلعت "الدستور" آراء العديد من الكتاب والمثقفين حول هذا الفيروس القاتل، وكيف يتخيل الكتاب شكل العالم ما بعد الكورونا؟ وما التأثير الذي سيتركه على الأدب، وعليهم شخصيًا، وهل سيفرض هذا الوباء نفسه على الكتابة فيما بعد، أو حتى تداعياته والتأثير الذي تركه على العالم كما نعرفه؟ كل هذه الأسئلة وغيرها في محاولة لاستشراف عالم الغد.

يقول الكاتب "محمد رفيع": لقد كنا خلال السنوات الماضية على أعتاب تشكل نظام عالمي جديد لكن هذا التشكل كان ينمو ببطء لأن النظام العالمي الحالي يقاوم التغير٬ ولأن مكونات العالم الجديد كانت آخذه في التشكل، أما ما سيحدثه كرونا في العالم من وجهة نظري إنه سيسرع هذا الانتقال، فقد عشنا في زمن القطبين وفي زمن القطب الواحد وآن لنا أن نعيش في عالم به أربعة أو خمسة أقطاب أو كيانات جديدة٬ وهذا في رأيي سيفتح باب التعددية وفهم الثقافات الأخرى، ففي زمن القطبين كانت الدعاية الامريكية تصور لنا الروس أنهم قساة القلوب وملاحدة وشياطين بمبدأ الأغيار الأشرار، ونشأت حركة عدم الإنحياز في المنتصف بين المعسكرين، وفي زمن القطب الواحد بدأت تسوق الدعاية الأمريكية للعولمة التي هي لم تكن عولمة قدر ما هي أمركة وفرض النموذج الأمريكي على الاقتصاد والثقافة وكل شيء وبالتالي صار عدم الإنحياز بلا معنى وصار مروجوه بلا عمل تقريبا، أما عالم ما بعد كرونا هو عالم التعدد وفهم الثقافات فلا مجال لتصارع خمس قوى طوال الوقت، هذا لا يعني أن الصراعات ستختفي فهي قدرنا المحتوم لكن بجانب هذه الصراعات ستنشأ تفاهمات كثيرة لأن هذا هو سبيلنا للبقاء.

تابع مؤلف: "بوح الأرصفة" و"ابن بحر": ولن يكون في وسع الدعاية الامريكية ان تسفه من أربعة كيانات جملة واحدة. ولذلك الفوز هنا لمن يتفهم الآخر أكثر ويعقد معه شراكات أكثر، ولأن الأدب هو انعكاس لهذه الحركات فان أدب ما بعد كرونا سينفتح أكثر على ثقافات العالم ولن يكون هناك نموذجا واحدا أو حتى عدة نماذج له بل ستتكاثر النماذج وتزدهر الروايات العابرة للقارات والتي بها قدر كبير من الكوزموبليتانية. أو تعدد الثقافات فرغم وسائل الاتصال الواسعة إلا أن العالم يحتوي على قدر من الثقافات المختلفة التي لا يعلم عنها أحد أو لم تحظى بالأضواء التي حظيت بها ثقافات أخرى مع احتوائها على مقومات تجعلها في مرتبة أعلى بكثير، وستلعب وسائل الاتصال والانترنت دورا كبيرا في تشكيل عالم ما بعد كرونا، أما على مستواي أنا الشخصي فقد بدأت بالفعل منذ سنوات الانفتاح على ثقافات متعددة من خلال الانترنت ومن خلال الأسفار والمنتديات الأدبية التي دعيت إليها في كثير من البلدان منها المغرب وروسيا والهند وقد منحتني تلك الأسفار رؤية أعمق للواقع الإنساني ومكنتني من الاطلاع على ثقافات كثيرة وعادات وتقاليد كثيرة وأنا أذهب إلى هذه البلاد بعين المتأمل ودهشة الطفل ومحبة العاشق فتفتح لي البلاد قلوبها وتبوح بأسرارها وقد أفدت كثيرا على المستوى الفكري والأدبي وسيظهر ذلك حتما في انتاجي الأدبي في القادم من أعوام، ومن الجدير بالذكر أن روايتي الأخيرة وهي قيد النشر تحت عنوان "أنا ذئب كان" تبحر من شواطئ المغرب إلى جنوب البحر الأحمر مرورا باب المندب والتوقف في جزيرة سوقطرة اليمنية ثم الاستمرار إلى شبه جزيرة جوادر في باكستان ثم تتركها إلى الهند ومن ثم تعود أدراجها إلى شواطئ مصر وهذا يشعرني أني بدأت المشوار ما بعد الكروني بالفعل.