رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كورونا فيروس العولمة الكاشف لعورات الإنسانية


أحدثت جائحة كورونا صدمة كبيرة في مفهوم وشكل العلاقات الدولية، وأظهرت بلا أدنى شك أن هناك عوار في قيم ومفاهيم تلك العلاقات، وسوف يحدد متغيرات كثيرة في شكل تلك العلاقات وكما أن العالم بعد الحربين العالميتين أنشأ عصبة الأمم، فان كورونا أوكوفيد 19 يعيد تشكيل النظام الدولي، ونحن أمام مشهد مختلف يتجه نحو الشرق هناك في الصين والتي كتبت قبل نحو ثلاث أعوام مقالا (نار التنين الصيني تحرق الغرب)، وتنبأت بأننا أمام انفراط عقد الغرب وخصوصا القوى الامريكية بعد هذه الجائحة.
يعاني الاتحاد الأوربي صعوبات بكل تأكيد وخصوصًا مع هروب بريطانيا منه وبريطانيا تعاني أيضًا وظهرت عجوز غير قادر على تحريك عصاه لينتصب الا بصعوبة.
ما حصل في إيطاليا من كارثة أظهرت وحشية الرأسمالية التي اهتمت بجني الأرباح على حساب الارواح، والكلام غير صحيح عن تخلي دول الاتحاد الأوربي لان هناك 400 مليار يورو تحت تصرف دول الاتحاد كطوارئ، المشكلة تكمن في عوار النظام الصحي الإيطالي، ولا تقاعس للدول الاتحاد بدليل اليوم ألمانيا فتحت مستشفياتها أمام فرنسا، قوة الاتحاد تكمن في ألمانيا وفرنسا، أما إيطاليا وإسبانيا وحتى سويسرا وهولندا وباقي عجائز الاتحاد، جمل في صفحات مكتوبة باللغتين الألمانية والفرنسية.
وكانت الآمال معقودة على زعماء مجموعة الدول العشرين الأغنى في العالم الذين عقدوا قمة عبر الفيديو في مواجهة كورونا لكنهم اتفقوا على زيادة تنسيق الجهود في زيادة التمويل الطارئ ليس لاغراض الرعاية الصحية، ولكن لإنقاذ الأسواق المالية وقطاعات الأعمال المهددة، خصوصا شركات الطيران والقطاع الصناعي.
غافلين أن أقوى ترسانة عسكرية واستخبارية باتت ليست ذات قيمة أمام ضعف الترسانة الطبية في تلك الدول والتي عليها أن تدرك أيضا أن الحرب في مواجهة فيروس كورونا دخلت إلى مرحلة عنق زجاجة بسبب النقص الحاد في الملابس الواقية ومعدات الحماية الشخصية للاطقم الطبية العاملة في خطوط المواجهة، بما يعني ان الجيوش البيضاء أضحت بلا عدة ولا عتاد.
وتخيلوا ان أقوى سلاح يمكن ان تملكه أقوى الجيوش يتمثل بحاملات الطائرات المزودة بصواريخ قادرة على حمل روؤس نووية، ومن يملك هذه السلاح قادر على حسم المعركة بسهولة، بينما العالم بعد كورونا صار يقاس بكم تملك الدول من اجهزة التنفس الصناعي وغرف الرعاية المركزة، وبدل الحديث عن قوة أجهزة المخابرات صار الحديث بعد كورونا عن أقوى مختبرات البحث البايلوجي، فيالسخرية القدر.
هذه التجربة ستخلق صين جديدة غير التي نعرفها، هي دولة فائزة في معركة الوباء بكل ديكتاتوريتها، ومتفوقة علي الديمقراطيات العريقة، وسيجعلها هذا أكثر شراسة في مجال السياسة، وأيضًا الاقتصاد، فخسائرها من الوباء اقتصاديا تستطيع التغلب عليها، لانها اكثر الدول التي تملك احتياطي نقدي، والتأثير الذي سينالها سيكون متلازما مع الكساد العالمي الذي سيطال الجميع، ولكنها ستقوي في محاوله مجابهه النظام المالي العالمي المرتبط بنيويورك والدولار.
في أوروبا لاندري ماذا سيكون رد الفعل الإيطالي تجاه الاتحاد الأوروبي، بعد الافاقه من كابوس كورونا، وربما تجد المسانده أيضا من اسبانيا، الاتحاد الأوروبي سيواجه مصاعب جمه.. إنجلترا المنفصلة، ثبت ان قيام احد الشعبويين بحكمها هي فكره فاشله، وعليه ان يرحل.
في أمريكا ربما تزيد فرص بايدن الديمقراطي، لحاجه البلاد بعد أزمه كورونا إلي رئيس سياسي يواجه المد الصيني ويحافظ علي مقومات القوة الأمريكية المتمثلة في السيطرة علي النظام المالي الدولية وشبكه الانترنت وما يتبعها من تقنيات الذكاء الاصطناعي وشركات العولمة، ستكون المواجهه شرسة للحفاظ علي السيطره والمكتسبات.
كورونا أيضا اثبت فشل الهيئات الدولية التي لم تستطع التدخل أو المساندة، واولهم الأمم المتحدة ومنظماتها، نحن في عالمنا العربي لم يكن لجامعة الدول العربية أي دور أو تأثير، ومنطقة الخليج البترولية تواجه هبوط في مداخيلها، بسبب انخفاض سعر برميل البترول من ٨٠ دولار الي ٢٥ دولار ومستمر بالانخفاض.
كل هذا المشهد يضعنا أمام منحى خطير، فالمشكلة تكمن هنا في عالمنا العربي المتخم بالأسلحة والمعدات والفقير بسلاح التقنيات الطبية وسلاح البحث العلمي وسلاح الذكاء الصناعي المستورد، والبدائل كحلفاء صعبة أمامنا فالصين ستحلبنا فى أكثر من أمريكا التي حلبتنا لسنوات، وروسيا تبحث عن عودة القيصرية وتردينا أن نكون تحت سياط قيصرها، وإذا حصل فإننا سنفقد الكثير وسيكون حالنا ضعيف كما هو حال نظام الرئيس بشار الأسد.
إن أمتنا في وضع صعب وخطير وحالنا مضحك مبكي، ليس أمامنا وقت كثير، العلاج يمكن في التكاتف العربي العربي، وإبداء بحل الجامعة العربية وإيجاد كيان بديل اكثر فعاليا يبدأ بالاقتصاد والتعليم والصحة ويترك هامشًا بسيط للسياسة، وأن يكون هذا الكيان قادر على بناء جسور حقيقة.
لدينا قدرات نعم لدينا ينقصنا العلم نعم ينقصنا لدينا إمكانيات نعم لدينا تنقصنا الإرادة نعم تنقصنا، والأمل في ثلاث نقاط ارتكاز يمكنها ان تحدث تغيرا لواقعنا العربي.
تتمثل ـولها بمصر بما تملك من موارد بشرية وقدرات لوجستية، وهي الأهم في عنصرها البشري القادر على الخليج بما يملك من قدرات مالية، المغرب العربي المنفتح القادر على ان يكون جسر العرب نحوالغرب.
نحن أمام جائحة إنسانية قبل أن تكون جائحة وبائية، وجسدنا العربي ضعيف عليل قليل المناعة، القوي فينا فقط هو مصر دولة تملك ما لا نملك، تملك جيش شريف وقوي وشجاع ابناءه كانو اول المضحين بارواحهم لحماية أهلهم هذا الجيش قادر أن يحمينا وسلاحه حب ملايين العرب له ولمصر، ومصر تملك كوادر طبية محترمة تعمل ليل نهار لتجاوز الأزمة.