رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أحمد علوي يكتب: في شهر المرأة.. كل عام والرجل بخير

أحمد علوي
أحمد علوي

المرأة هي الأم والأخت والزوجة والابنة، نعم صحيح.. ولكن هل هذا كل شيء؟!، وهل يُذكر الرجل عند الإشارة لما يقدمه كإنسان للبشرية بوجه عام أو لمجتمعه على الأقل كأب وأخ وزوج وابن فحسب؟!
تلك علاقات أُناس بذويهم ليس أكثر، ولا ترقى لإشادة أو ثناء إلا إذا تدخل الوصف التفصيلي لطبيعة ما يترتب على ذلك من مهام.

في شهر مارس/آذار من كل عام تتردد على المسامع تلك العبارات التي تبدو في ظاهرها عرفانًا بأدوار المرأة وتقديرًا لها، بينما هي في حقيقة الأمر كلمات تعبر عن علاقات المرأة بمحيطها الضيق فقط دون التطرق لدورها الرئيسي كإنسان تجاه البشرية عمومًا.. لقد قدمنا ما تقوم به المرأة كأم وأخت وزوجة وابنة على دورها في أي منجز علمي أو عملي في شتى المجالات، ولم يكن لذلك أن يحدث بالمصادفة أبدًا، فهو نتاج لوعي جمعي مترسخ في الأذهان بطبيعة ما تقدمه المرأة قبل وأثناء بل وبعد مشوارها الخاص أيضًا، فهي تنطلق من نقطة تسبق نقطة انطلاق الرجل نحو مشواره الخاص الذي ربما يحصل على فرصة التفرغ التام له بسهولة، بينما هي فعليها دائمًا أن تجيد المشي على الحبل لحفظ التوازن بين أشياء أخرى.

للمرأة بصمات على كل إنجاز بشري وإن لم يحمل توقيعها بشكل مباشر، فإذا لم تكن شريكة في صناعته بوضوح، فحتمًا ستجد لها أثرًا به على أقل تقدير، فضلًا عن ما تقدمه المرأة كاملًا مكتملًا بمفردها.

في مجتمعاتنا تقوم المرأة العاملة (إلى جانب عملها) بتجديد وإعادة إنتاج قوة العمل حيث تتولى مسؤولية معظم الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال، بينما يتفرغ الرجل تفرغ شبه تام لعمله.

وقد تساهم المرأة مبكرًا في وظائف المنزل (إلى جانب دراستها) على اعتبار أن ذلك تدريب تأهيلي مقدم لها لإعدادها لتحمل تلك المسؤولية مستقبلًا، بينما يُنظر للرجل الذي بدأ حياته العملية أثناء الدراسة أو قدم بعض الأدوار الجادة في إدارة منزل الأسرة باعتباره لم يحصل على فرصة للرفاهية كأقرانه.

ومنذ الطفولة على البنت أن تختار من بين ألعاب التسلية والترفيه ما يُعزز إحساسها بالمسؤولية مثل العروسة التي تُصفف شعرها أو تصنع ملابسها، أو أدوات الطبخ، بينما يلعب الولد بالكرة، أو الدراجة، أو السيارة.

المدهش حقًا فيما سبق ليس فقط في كونه يُرجح كفة المرأة ويزيد من أسهمها قبل دخول أي مُعترك علمي أو عملي، بل أنه في حال تفوقها في أي من المجالين يُنسب الفضل في ذلك بمنتهى الإجحاف لتفرغها للأمر لا لجهودها، بدعوى أنها غير ملتزمة بمسؤوليات مثل الرجل، وكأنه أمر مُهين أن تتفوق المرأة، لا لشيء سوى لكونها امرأة.. فيُعد موقف ثقيل للغاية أن تُضيف المرأة معلومة لرجل أو تُصححها له، أو تقوم بتوجيهه لشيء وإن كانت أعلم، أو ترفض عرضًا مقدمًا منه أو ترفضه كشخص أو كرجل، أو يكون لها تعليق على أدائه في العموم أو تتحفظ على أي من سلوكياته مهما كان.

ومن المؤسف أنه كلما يُراد إهانة رجل أو التقليل من شأنه تم وصفه بأية صفة مع تأنيثها، بل وحينما يُراد الإشادة بموقف لامرأة أو الثناء عليها ومدحها وُصفت بأنها بـ"مئة رجل"، فكيف للمرأة أن تكون بخير كل عام دون أن تستقيم الأمور وتوضع في نصابها الصحيح، وما أود إنهاء قولي به في شهر المرأة.. كل عام والرجل بخير مادامت المرأة بخير.