رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وقفة مع النفس


بين الحين والآخر يحتاج كل إنسان إلى أن يقف وقفة جادة مع نفسه لمحاسبتها ومراجعتها وتصويب تصرفاتها وتقويم اتجاهاتها، وجاءت فرصة اجتياح فيروس كورونا معظم بلدان العالم لأن يجلس الإنسان مع نفسه بمعزل عن الآخرين ويقيم حياته السابقة محاولا تصويب أخطائه والبدء ببداية جديدة مختلفة قناعة منه بأن الحياة قصيرة ولابد من استغلالها أفضل وأمثل استغلال
ذات مرة كتب هومر رود هيبر :
ماذا يثقل قلبي عند غروب الشمس ؟ أنا أعلم أنها ليست الأعمال التي أعملها طوال النهار بل هي الأشياء التي لم أعملها. الكلمة الحنونة التي كان يجب أن أقولها ولكني لم أقلها. الخطاب الرقيق الذي كان يجب أن أكتبه ولكني لم أكتبه. الزهور التي كان يجب أن أرسلها إلى مريض ولكني لم أرسلها. الحجر الذي لم أرفعه من طريق أخي. النصيحة التي لم أقدمها لأنني كنت مشغولا. اللمسة الحانية على كتف متألم التي لم ألمسها. الهمسة الرقيقة المشجعة في أذن مضطرب التي لم أهمسها. أعمال الرحمة التي لم تخطر لي ببال. الفرص النادرة التي أتيحت لي على مدى النهار لكي أشارك في أعمال الملائكة.
هذه الأشياء الثمينة التي لم أجد وقتا للتفكير فيها ولم أفعلها تحت وطأة انشغالاتي اليومية هي التي تثقل قلبي في آخر النهار وتضفي على حياتي الكآبة والأسى عند غروب الشمس.
وفي رسالة الوداع لجابريل جارسيا ماركيز، الروائي والصحفي والناشر والناشط السياسي الكولومبي، وهو على فراش المرض بعد اصابته بمرض عضال كتب يقول :
لو شاء الله أن يهبني حياة اخرى، فإنني سوف أستثمرها بكل قواي .
سأنام قليلاً، وأحلم كثيراً، مدركاً أن كل لحظة نغلق فيها أعيننا تعني خسارة ستين ثانية من النور.
سوف أسير فيما يتوقف الآخرون، وسأصحو فيما الكلّ نيام.
قارئي العزيز.. بدلا من التذمر والشكوى هل تجعل فرصة إقامتك الإجبارية بالبيت فرصة لمراجعة النفس؟