رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فيروس «حمادة» الغلبان


صباح الخير، خلال اليومين تلاتة اللى فاتوا فيه أطباء كتير «بعضهم أثق فى رجاحته» طرحوا أمر مهم جدًا، أو خلينا نقول تساؤل:
ليه ما تكونش مصر انضربت فعلًا بـ فيروس كورونا، خلال الفترة من أواخر نوفمبر ٢٠١٩، لـ مدة شهرين تقريبًا، بس محدش عرف، لـ إنه الفيروس ما كانش معروف وقتها.
دليلهم على دا إيه؟ إنه خلال الفترة المذكورة ناس كتير بـ الفعل، أصيبوا بـ فيروس مش معروف لديهم، الناس الكتير دول أغلبية الشعب المصرى، «مفيش أرقام، لكن الأمر ملاحظ» وإنه حالات كتير احتاجت عناية طبية، لـ درجة سببت أزمة فى أجهزة التنفس الصناعى، وغرف العناية المركزة، وإنه فيه آلاف ماتوا من ذلك الفيروس الغامض.
ثم بـ يتكلموا عن مكاتبات متبادلة بين الأطباء والمستشفيات من جهة، ووزارة الصحة من جهة أخرى حول هذا الفيروس «المستجد»، ثم انتهى الأمر مع انحسار الفيروس.
هذا الطرح، قوبل بـ الرفض من أطباء تانيين «بعضهم أثق فى رجاحته» قالوا إنه الكلام دا مش مظبوط، بل إنه خطر، لـ إنه هـ يخلى الناس تهمل فى إجراءات الوقاية، اللى العالم كله مستنفر بـ شأنها دلوقتى.
دليلهم لـ نفى الأدلة اللى ساقها الفريق الأول، هو اللى يعنينى هنا، هم ما أنكروش وجود فيروس، بدأ انتشاره فى نوفمبر، ما أنكروش إنه فيروس نوفمبر تسبب فى الأمور المذكورة، هم أنكروا إنه كان فيروس كورونا تحديدا. وقالوا إنه وزارة الصحة عملت التحليلات اللازمة، وقطعت بـ إنه ما كانش فيروس كوفيد- ١٩، الشهير بـ كورونا.
حيلو جدًا، أنا مصدق الفريق التانى، الفيروس بتاع نوفمبر ما كانش كورونا، خلينا نسميه «حمادة»، «حمادة» دا أصابنى أنا شخصيًا، أنا وكل أهل بيتى، واللى عارفينى، يعرفوا كويس إنى قضيت أواخر نوفمبر وديسمبر، إما وأنا مريض جدًا، أو وأنا بـ ألف ع المستشفيات بـ العيال.
«حمادة» ضعيف جدًا مقارنة بـ «كورونا»، ماشى، بس «ضعيف» دى تترجم إزاى ع الأرض؟
إنه مثلًا كورونا لو اتساب، ممكن يصيب ٧٠ مليون مصرى، بينما حمادة كان آخره نص هذا العدد، أو حتى ربعه، يعنى مثلًا أصاب ١٥-٢٠ مليون شخص «أعرف ناس كتير أصابهم (الدور الجامد)».
كمان كورونا يقتل بـ معدل ٢٪ من حالات الإصابة بيه، فـ إحنا بـ نتكلم عن مليون- مليون ونص ضحية، بينما «حمادة» الغلبان لم يقتل إلا بضعة آلاف.
حيلو، موافق على كل هذا الكلام، إنما يبقى حمادة «فيروس خطير قاتل»، مقارنة بـ الفيروسات الاعتيادية بتاعة كل سنة، مش مقارنة بـ كورونا، وإن الفروق بينه وبين كورونا فى الأرقام، هى فعلًا فروق فى «أرقام».
إنما البنى آدمين مش أرقام، شوية آلاف أو حتى شوية مئات، هم بشر فى النهاية، كل واحد منهم إنسان، عنده حياة وقصة وآمال وطموحات، ومشاكل ومشاغل، ودور يؤديه فى المجتمع.
كل واحد فينا هو العالم ذاته، فـ لما ييجى فيروس أقوى من «المعتاد»، ويلاحظوه لـ درجة المكاتبات بـ شأنه، هو فيروس قاتل مهدد لـ البشرية، مش فارق بقى، هـ يقتل ألف ولا ١٠ آلاف.
هنا بقى فيه ٣ أسئلة:
لماذا لم يحدث أى نوع من الاستنفار، خلال موجة انتشار «حمادة»، مش بـ اتكلم عن استنفار يشبه ما يحدث الآن، بس يعنى، حتى الناس تتكلم، حتى الناس تاخد بالها شوية، حتى يصدر تصريح من وزارة الصحة عبر القناة الأولى، أى حاجة، إن شاء الله حتى الناس تغسل إيديها، أى حاجة تقول إننا بـ شأن حدث استثنائى، مهما كانت درجة استثنائيته.
لماذا لم يحدث أى شىء؟ هل لـ إنه الفيروس دا كان منتشر فى مصر بس، فـ عادى يعنى، إحنا سايبينها على الله؟
السؤال التانى: ماذا لو إنه منظمة الصحة العالمية، والمسئولين سياسيًا وطبيًا فى عديد من البلدان، ما عملوش حالة الاستنفار دى، واتصرفوا زى ما اتصرفنا فى مصر وقت فيروس «حمادة»، واكتفوا بـ مكاتبات داخلية، وسابوا الدور ينتشر، واللى يموت يموت، واللى يعيش يعيش، من غير إعلان أرقام كل لحظة، واكتفوا بـ إننا قدام «دور برد جامد»؟
ماذا لو حدث دا؟
السؤال التالت بقى: هل سلوكك إنت كـ مواطن الناتج عن مخاوفك واحتياجاتك ورغباتك، مرتبط بـ مدى إدراكك المباشر.. ولا بـ مدى حالة الاستنفار المحيطة بيك؟
بعد ما تنتهى أزمة كورونا نبقى نتكلم أكتر.