رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التواصل الفعّال فى مستشفى ناصر العام



«نحن نؤمن بأن لكل مواطن الحق فى العيش على أرض هذا الوطن فى أمن وأمان، وأن لكل مواطن حقًا فى يومه وفى غده»، «نحن نكتب دستورًا يحقق المساواة بيننا فى الحقوق والواجبات دون أى تمييز».. هذه كلمات جاءت فى مقدمة دستورنا الذى أجمع عليه الشعب المصرى فى ٢٠١٤.
ولأن الأمم تتقدم بالتنمية وفى القلب منها تنمية الموارد البشرية، لذا يعتبر الإنفاق على الصحة والتعليم مؤشرًا مهمًا على تقدم ونمو البلدان. وينص دستورنا فى الفصل الأول «المقومات الاجتماعية» من الباب الثانى فى المادة «١٨» على «لكل مواطن الحق فى الصحة وفى الرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لمعايير الجودة.. وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة.. وتلتزم الدولة بإقامة نظام تأمين صحى شامل لجميع المصريين يغطى كل الأمراض.. وتلتزم الدولة بتحسين أوضاع الأطباء وهيئات التمريض والعاملين فى القطاع الصحى».
ما جاء فى الدستور يؤكد حق المواطن فى الصحة، وحق من يقومون بتقديم الخدمة الطبية فى أجر عادل يكفل حياة كريمة، وحقهم فى توفير ظروف وبيئة عمل تُمكنهم من أداء واجباتهم تجاه المرضى. كل هذه الأمور تداخلت فى ذهنى وتفكيرى وأنا ذاهبة إلى مستشفى ناصر العام بشبرا الخيمة، الثلاثاء ١٠ مارس، للمشاركة فى ندوة عن «التواصل الفعّال»، وكانت الندوة تلبية لدعوة كريمة من المخرج السينمائى الشاب المبدع ياسر شبانة، الذى كرّس حياته منذ تخرجه فى كلية الإعلام جامعة القاهرة قسم إذاعة وتليفزيون لعمل أفلام تسجيلية وروائية ترتبط بقضايا الوطن وهموم الناس، ومن هذه الأفلام «مدد يا طاهرة»، و«درويش الميدان» و«ستر الحياة»، وهو الفيلم التسجيلى الذى تم عرضه قبل الندوة. ويقدم الفيلم عبر صورة سينمائية رائعة، حياة عم محمود مواطن من أهل مصر الطيبين الذى احترف من صغره مهنة ماسح أحذية وعاش فى حجرة فى حى شعبى من أحياء القاهرة القديمة وعلّم نفسه القراءة والكتابة، وقرأ كتبًا فى الأدب المحلى والعالمى وقرأ الشعر والتاريخ والفلسفة. يعيش عم محمود حياته قانعًا راضيًا عن نفسه متصالحًا مع نفسه. ولن أعلق على الفيلم إلا بكلمة قالتها إحدى عضوات هيئة التمريض «أهم حاجة الرضا عن النفس والقناعة».
كان عرض الفيلم يا سادة يا كرام مدخلًا لندوتنا عن التواصل الفعال مع عدد من عضوات ومشرفات هيئة التمريض بجميع أقسام المستشفى، ومعهم دكتور مينا ماهر المسئول عن فريق التدريب الفنى بالمستشفى ودكتور الأمير عادل، رئيس قسم مكافحة العدوى. دعونا نلقى نظرة معًا على ما يسمى التواصل الفعّال. التواصل الفعّال هو التواصل الذى يتم بين طرفين أو أكثر من خلال تبادل رسائل مكتوبة أو منطوقة، ولكى يكون فعالًا لا بد أن يتم استقبال المعلومات التى احتوت عليها الرسالة، وأن تفهم من قبل الطرف الآخر وتؤدى إلى تشارك المعلومات وتبادلها بين الأطراف بأسلوب سلس، مما يؤدى إلى تعزيز آليات التعاون والتشارك وتنفيذ المهام بالشكل المطلوب. ولضمان أن تؤدى عملية التواصل إلى تحقيق أهدافها لا بد من اختيار الوقت والمكان المناسبين للتواصل مع الأفراد، مع التركيز وإبعاد كل ما يشتت الانتباه مع اختيار الأسلوب المناسب فى الحوار واللغة المناسبة مع إشعار الطرف الآخر بأهميته وتقديره.
لا أخفى عليكم سعادتى من مشاركتى فى هذه التجربة المهمة وتقديرى الدكتور محمد ناجى، مدير مستشفى ناصر العام، الذى استقبلنا وتحدث معنا حول أهمية التواصل الإنسانى والتوعية المستمرة، مما يضيف الكثير للخدمة المقدمة للمرضى وللمواطنين، التواصل بين العاملين بالمستشفى داخل القسم الواحد، والتواصل بين جميع الأقسام ومع رؤساء الأقسام ومدير المستشفى، التواصل الذى يقوم على المودة والتسامح وعدم التمييز بين كل العاملين، التواصل الذى يعمل على حل المشكلات وتوفير ظروف عمل ملائمة توفر الأمن والأمان فى العمل، التواصل بين كل العاملين فى المستشفى «الأطباء والتمريض والفنيين فى المعامل والأشعة والإداريين ومهندسى الصيانة ومشرفى المطابخ وتجهيز الوجبات ومسئولى الأمن والنظافة»، فالمستشفى مدينة صغيرة وأسرة كبيرة للتواصل الفعال بين أفراده ينعكس بالطبع على المرضى الذين هم فى حاجة إلى من يطبطب عليهم ويطبب جروحهم.
ويستكمل الحديث المخرج الشاب ياسر شبانة حول أهمية مقابلة المريض مقابلة تحمل التعاطف الإنسانى والتفهم لحالته وفى ذلك نصف العلاج، كما أن التواصل مع أهل المرضى والتفاهم معهم مهم جدًا، ويقضى على العديد من المشكلات والاعتداءات التى يتعرض لها الأطباء. ولأهمية موضوع التواصل امتد الحديث بينى وبين الدكتور محمد ناجى، مدير مستشفى ناصر العام، والسيدة الدكتورة أميمة محمد عباس، وكيل مديرية الصحة بالقليوبية، لتعميم التجربة داخل مستشفيات المحافظة، وإننى من جانبى أناشد المسئولين فى القطاع الصحى الاهتمام بتعميم التجربة، فالتأهيل والتدريب والتنمية المستدامة، علميًا وإنسانيًا ونفسيًا واجتماعيًا، تساعد على تقديم الخدمة الأفضل فى القطاع الصحى. إن الاهتمام بحقوق المرضى يكتمل بتحقيق حقوق الأطباء وكل القائمين على تقديم الخدمة العلاجية، وذلك بالحصول على مرتب عادل وبدل عدوى مع زيادة ميزانية الصحة لتطوير المستشفيات وتحقيق معايير الجودة والصرف على الصيانة للمبانى والأجهزة وتوفير المستلزمات والأدوات والأجهزة الطبية والأدوية التى تُمكّنهم من أداء عملهم على أكمل وجه، بجانب توافر ظروف عمل آمنة.
إن الاستثمار فى الصحة والتعليم أساس نمو وتقدم البلدان.