رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يوم المرأة العالمى «الخبز والورد»



يحتفل العالم فى ٨ مارس من كل عام بيوم المرأة العالمى وتأخذ الاحتفالات العديد من الأشكال المختلفة من ندوات واحتجاجات ومظاهرات لاستكمال مسيرة نساء العالم من أجل المساواة بين الجنسين وتقليل الفجوة الواسعة بين الرجل والمرأة فى العمل والحقوق وجعل العالم مكانًا أفضل لعيش النساء. ولا يغيب عن القراء والقارئات مجىء الاحتفال هذا العام وسط استمرار الصراعات والحروب فى العديد من بلدان العالم، خاصة فى بلداننا العربية وأيضًا معاناة بعض الدول من سياسة العقوبات الأمريكية الاقتصادية وفرض الحصار الاقتصادى على بعض الدول والحرب التجارية، مما يؤثر على جميع بلدان العالم فتزيد معاناة النساء والأطفال، خاصة اللاجئين والنازحين الفارين من نار الحروب والقتل والتدمير مع زيادة الهجرة غير الشرعية للبحث عن فرصة عمل، وبالتالى زيادة اغتيال حلم الشباب والنساء والأطفال فى «مراكب الموت».
وينبغى الإشارة إلى أنه فى عام ٢٠١٧ كان الشعار فى الاحتفال بيوم المرأة العالمى «المرأة فى عالم العمل المتغير» تناصف الكوكب (٥٠- ٥) بحلول عام ٢٠٣٠» بما يحمل معانى الدعوة إلى المساواة بين الجنسين فى العمل بوظائف متساوية وأجر متساوٍ بحلول عام ٢٠٣٠. وحاليًا على مستوى العالم ٥٠٪ من النساء فى سن العمل يجدن فرص العمل فى مقابل ٧٦٪ من الرجال، بالإضافة إلى مشاكل ضعف الأجور.
تم الاحتفال بيوم المرأة العالمى فى ٨ مارس ١٩٠٩ فى الولايات المتحدة الأمريكية، وكان يعرف باليوم القومى للمرأة، وذلك تذكيرًا بإضراب عاملات صناعة النسيج فى نيويورك، حيث تظاهرت النساء تنديدًا بالظروف القاسية. ويعرف يوم المرأة بـ«الخبز والورد»، ففى عام ١٨٥٦ خرجت آلاف النساء للاحتجاج فى شوارع مدينة نيويورك على الظروف اللاإنسانية التى كن يجبرن على العمل تحتها، وعملت الشرطة على تفريق المظاهرات، ولكن نجحت المسيرة فى دفع السياسيين والمسئولين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة على جداول الأعمال اليومية لتبرز كقضية مُلحة لا بد من النظر فيها وتكرر المشهد فى ٨ مارس ١٩٠٨، حيث عادت الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديد فى شوارع نيويورك وهن يحملن الخبز اليابس وباقات الورد فى إطار رمزى لحركتهن الاحتجاجية، وطالبت المسيرة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع. وشكّلت حركة الخبز والورد بداية حركة نسائية داخل الولايات المتحدة الأمريكية تطالب بجميع الحقوق الأساسية للمرأة، بما فى ذلك الحق السياسى والمساواة فى ظروف العمل. وفيما ترمز الوردة إلى الحب والتعاطف، فإن الخبز يرمز إلى حق العمل والمساواة فيه، وبعد احتفالية ١٩٠٩ انتقلت الحركة النسائية إلى أوروبا إلى أن تم التبنى لليوم على الصعيد العالمى بعد أن وجدت التجربة صدى لدى أمريكا. وتم بعد ذلك الاعتماد الأممى على المستوى الرسمى وعلى الصعيد العالمى من منظمة الأمم المتحدة لأول مرة عام ١٩٧٧ ليتحول هذا التاريخ إلى رمز لنضال المرأة لنيل حقوقها يحتفل به سنويًا.
ويجىء الاحتفال هذا العام بعد صدور الاتفاقية «١٩٠» للقضاء على العنف والتحرش فى عالم العمل فى ٢١ يونيو ٢٠١٩ ولقد طالبنا فى مقالات سابقة بسرعة تصديق مصر ودول العالم على هذه الاتفاقية من أجل توفير بيئة عمل آمنة للنساء والرجال معًا، كما يجىء الاحتفال فى عام ٢٠ ٢٠، والبرلمان المصرى من المفترض أن يناقش القانون الخاص بالعمل، ويأخذ فى الاعتبار مطالبنا بشأن حقوق العمالة غير المنتظمة والعاملات فى المنازل وتوفير فرص عمل للمرأة، حيث إن نسبة البطالة داخل النساء فى سن العمل «١٥- ٦٤سنة» تصل إلى٢٤٪ وهى ثلاثة أمثال البطالة فى الذكور ٨٪، بل وكان من الأولويات أن تتم مناقشة وحوار مجتمعى لقانون عادل للأسرة المصرية من أجل العمل على استقرار الأسرة «الأم والأب والطفل»، وبالتالى استقرار وتقدم ونمو المجتمع.
يجىء الاحتفال هذا العام ونحن ما زلنا نطالب بتولى المرأة مناصب القضاء، وما زالت القضية المرفوعة أمام مجلس الدولة منذ أكثر من خمس سنوات بشأن هذا الحق وذلك رغم إقرار الدستور المصرى وجميع المواثيق الدولية والاتفاقيات على هذا الحق.
يجىء الاحتفال هذا العام وسط زيادة العنف والتمييز ضد النساء على المستوى العالمى، وتشير الإحصاءات العالمية والمحلية إلى زيادة نسبة التحرش للنساء فى فرنسا إلى٨٧٪ وإلى تعرض ٤٦٪ من النساء فى مصر لعنف شريك الحياة، وبالنسبة لزواج القاصرات حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» من أن ١٢ مليون فتاة قاصرة فى العالم يتم إجبارهن على الزواج المبكر قبل ١٨ عامًا سنويًا، أما فى مصر فالنسبة تشير إلى أن ٢٧٪ من النساء تزوجن قبل بلوغ ١٨ عامًا، أما بالنسبة لختان الإناث فما زالت مصر والسودان تتصدران دول العالم، حيث تتعرض ٨٧٪ من الفتيات للختان.
وبالنسبة لمصر نريد التأكيد على وضع خطة محددة المدة الزمنية للقضاء على الأمية والتى تصل بين النساء إلى ٣٠٪. ونتمنى أن نصل إلى أن يكون تمثيل المرأة فى جميع المجالس المنتخبة والنقابات وفى كل المؤسسات والهيئات بنسبة ٥٠٪ مثل معظم دول العالم.
كل التحية لمسيرة المرأة فى كل أنحاء العالم من أجل المساواة والعدالة ومن أجل عالم أكثر أمنًا وأمانًا وسلامًا.