رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كورونا.. هل بدأت الحرب العالمية البيولوجية؟


الانتشار المفاجئ والسريع لفيروس كورونا من مدينة ووهان الصينية، إلى نحو ٦٠ دولة فى العالم حتى الآن، يضعنا أمام سؤال مهم وخطير هو: هل يواجه العالم وباء قاتلًا ظهر فجأة، أم أننا أمام حالة من حالات الإرهاب البيولوجى؟ أم أن الأمر وصل إلى ما هو أخطر من ذلك وأن هناك حربًا عالمية بيولوجية بدأت بالفعل؟
‎السؤال ليس افتراضيًا ولا جدليًا.. بل هو سؤال تشير تفاصيل انتشار الفيروس المتسارع إلى أنه أصبح ملحًا، خاصة أن هناك من يرى أن كارثة كورونا أخطر بكثير من كارثة انفجار مفاعل تشيرنوبل النووى فى أوكرانيا عام ١٩٨٦، كما أنه ومنذ اللحظة الأولى لانتشار الفيروس بدأ بعض أصابع الاتهام يتجه إلى واشنطن، فيما اتجه البعض الآخر إلى بكين، بمعنى أنه أصبح هناك فريقان عالميان يتفقان على أن الأمر «مصطنع» وليس عفويًا، ولكنهما يختلفان حول الجانى.. هل هو شيطان أمريكى يسعى لتحقيق ما فشلت فيه الحرب الاقتصادية الشرسة التى تخوضها واشنطن على الاقتصاد الصينى، لتكبيده أكبر خسائر ممكنة، وهو ما تحقق حتى الآن، أم أن التجارب الفيروسية التى تقوم بها الصين فى معهد ووهان للفيروسات هى السبب، خاصة أن التجارب التى تجرى بالتحديد داخل أحد مختبرات المعهد المختبر تخضع لسلطة العسكريين الصينيين؟.
‎قبل أن نحاول الإجابة عن السؤال الملح، دعونا نعود بذاكرتنا ثلاث سنوات إلى الوراء، عندما أطلق بيل جيتس، رئيس مايكروسوفت العالمية، تحذيرًا مهمًا خلال قمة ميونيخ للمناخ عام ٢٠١٧، عندما قال إن على العالم الاستعداد لمواجهة مخاطر الإرهاب البيولوجى، وقال نصًا: «سواء إن حدث هذا الأمر لأسباب طبيعية أو بأيدى إرهابيين، فإن علماء الأوبئة يقولون إن عوامل نقل المرض الجوية بإمكانها قتل أكثر من ٣٠ مليون شخص فى أقل من عام»، ولكى يؤكد تحذيره قال إن هناك احتمالًا كبيرًا بأن العالم قد يواجه مثل هذا الأمر خلال السنوات العشر إلى الـ١٥ المقبلة.
‎إذن فالتحذير من احتمالات شن هجوم بيولوجى أو حرب بيولوجية ليس جديدًا، خاصة أن هناك العديد من الحالات المسجلة فى هذا المجال، لعل أهمها على سبيل المثال فى عام ١٩١٥ حين أطلقت ألمانيا حملة تخريب بيولوجية فى الولايات المتحدة وروسيا ورومانيا وفرنسا، عندما أرسلت الطبيب أنطون ديلجر، الذى وصف بأنه المؤيد الرئيسى لبرنامج التخريب الألمانى للحرب البيولوجية خلال الحرب العالمية الأولى، إلى الولايات المتحدة حاملًا ميكروبات الرعام، وهو مرض خبيث يصيب الخيول والبغال، وأقام ديلجر مختبرًا فى منزله فى ولاية مريلاند، ومن خلاله استطاع العمل على إصابة الخيول المجهزة للشحن إلى بريطانيا بالرعام، وقد نجح بعد ذلك فى الهرب إلى إسبانيا، حيث توفى هناك عام ١٩١٨.
‎وهناك مزيد من الحكايات عن عمليات إرهاب بيولوجى، قام بها أفراد أو حكومات على مدى القرن الماضى، لكن عندما يتعلق الأمر بأكبر قوتين اقتصاديتين على مستوى العالم، فإن المخاوف لا بد أن تبدو أكبر بكثير، وقد ظهرت فور انتشار فيروس كورونا العديد من الحكايات والروايات التى تحاول أن تضع الأمر فى سياق منطقى، خاصة أن الفيروس انتشر فى أكبر دولتين تهاجمهما الولايات الأمريكية منذ وصول الرئيس ترامب إلى الحكم، وهما الصين وإيران، وقد فشلت عقوبات ترامب وقراراته الاقتصادية المتلاحقة فى إخضاعهما، أو حتى الحد من تنامى تهديداتهما للاقتصاد أو للنفوذ الأمريكى. ‎لكن الاتهامات للولايات المتحدة تراجعت سريعًا، بعد أن تحولت الأنظار إلى الصين وعرف العالم أن انتشار الفيروس من مدينة ووهان، ربما لم يكن من قبيل المصادفة، خاصة مع محاولات التكتم الشديدة عليه من جانب الصين، فمدينة ووهان بها «معهد ووهان لعلم الفيروسات»، وهو المعمل الوحيد المعلن عنه فى الصين القادر على التعامل مع الفيروسات القاتلة.
‎ وفى عام ٢٠١٧ لم يركز الإعلام الدولى كثيرًا على الاتهام الذى أطلقه ريتشارد إبرايت، أستاذ علم الأحياء الجزئى لدى جامعة روتجرز فى نيوجيرسى، والذى قال إن فيروس سارس تفشى فى الصين بعد تسربه بمستويات عالية، أثناء اختبارات جرت عليه فى معهد ووهان. ‎كل هذا يقلل كثيرًا من الاعتقاد بأن يكون الفيروس اللعين «كورونا» قد انتشر من الصين بالصدفة، ويجعلنا فى أفضل الأحوال نعتقد أن خطأ فى التجارب التى تقيمها الصين على الفيروسات، والتى يجرى بعضها تحت إشراف العسكريين الصينيين، أدى إلى تسربه بشكل كبير، كما يزيدنا يقينًا بأن هناك استعدادات تجرى على قدم وساق داخل مختبرات العديد من الدول الكبرى، لهجمات أو حتى حروب بيولوجية، وأن هذه الحروب قد تصبح أكثر تفضيلًا لهذه الدول، لأنها أقل تكلفة من ناحية، كما أنها لا تحتاج إلى تحريك جيوش جرارة برًا وبحرًا وجوًا.
‎الهاجس الأكثر خطورة الذى قد تفرضه هذه الحقائق، هو احتمالية أن تبدأ الحرب العالمية البيولوجية دون قصد، نتيجة لخطأ كبير بشرى غير متعمد يصيب بلدًا كبيرًا، فيقرر الرد أو الانتقام بنفس السلاح، ومثل هذه الحروب الشيطانية إن بدأت– لا قدر الله– فإنه من الصعوبة بمكان أن نعرف إلى متى ستستمر، ولا كم ستحصد من الأرواح؟.