رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأحمق يتقدم بثبات.. نحو نهايته



اليوم السبت، تنتهى المهلة التى منحها الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، للجيش السورى من أجل الانسحاب من مناطق سورية، استعاد سيطرته عليها. غير أن الجيش السورى فعل العكس وواصل تقدمه فى إدلب، مساء الخميس، وارتفع عدد قتلى الجيش التركى، خلال الشهر الجارى فقط، إلى ٥٤، على الأقل، كانوا، عادةً، يقاتلون فى صفوف مجموعات إرهابية.
قوات الجيش السورى حققت تقدمًا جديدًا، مساء الخميس. وعن حاكم إقليم خطاى «أو هاتاى» التركى، المتاخم لسوريا، نقلت وكالة أنباء «الأناضول» أن ٩ من الجنود الأتراك لقوا مصرعهم، قبل أن يرفع الرجل نفسه حصيلة القتلى فى تصريحات لاحقة إلى ٢٢ ثم ٢٩ ثم إلى ٣٣، مضيفًا أن جنودًا آخرين تعرضوا لإصابات خطيرة أعيدوا إلى تركيا للعلاج.
تقدم الجيش السورى وتساقط عشرات الجنود الأتراك بنيرانه، أدى إلى مزيد من التوتر فى العلاقات الروسية التركية. وصباح الجمعة، أكدت وزارة الدفاع الروسية، فى بيان، أن أنقرة لم تبلغ موسكو بوجود قوات تابعة لها فى إدلب، موضحة أن الجنود الأتراك «كانوا ضمن مجموعات إرهابية» حاولت شن هجوم على الجيش السورى، و«ما كان ينبغى لهم التواجد فى تلك المنطقة».
كما تدعم تركيا الإرهابيين فى سوريا وتقاتل قواتها فى صفوفهم، وتدعم أيضًا الميليشيات الإرهابية فى ليبيا، بالسلاح والجنود الأتراك والمرتزقة السوريين. وبالتزامن مع مصرع العشرات من جنودها فى شمال غربى سوريا، ذكرت وسائل إعلام ليبية أن الجيش الوطنى الليبى شن هجومًا على مقر تابع للقوات تركية فى قاعدة معيتيقة بالعاصمة طرابلس، ما أدى إلى مقتل جنود أتراك.
الرئيس التركى ترأس اجتماعًا طارئًا، فى ساعة متأخرة من مساء الخميس، لبحث التطورات فى إدلب، استمر ساعتين. وفى الساعات الأولى من صباح الجمعة، أعلن أن الجيش التركى رد بضربات على أهداف لنظيره السورى فى إدلب. وطبقًا لبيان، نقلته وكالة أنباء الأناضول، فقد هدّدت الرئاسة التركية بأن تواصل قواتها «الجوية والبرية» قصف كافة أهداف القوات السورية.
الدعم الأطلسى لن يصل إلى حد تفعيل المادة الخامسة من ميثاقه بالدفاع عن الدول الأعضاء فى الحلف. وفشلت محاولات أردوغان لعقد قمة روسية، تركية، ألمانية، فرنسية أو قمة روسية، تركية، إيرانية. فقط، انعقدت جولة جديدة من المحادثات فى وزارة الخارجية التركية، الجمعة، بعد أن انتهت جولة الخميس، دون أى اتفاق واضح. ومع الرئيس التركى أكد أن لقاءه مع الرئيس الروسى، فى ٥ مارس المقبل، سيكون «نقطة تحول»، إلا أن الكرملين رد، الخميس، بأن خطط عمل بوتين، لهذا اليوم، لا تتضمن لقاءً مع أردوغان!.
فى تهديد أو ابتزاز، متكرر لدول أوروبا، قال مسئول تركى رفيع لوكالة رويترز إن «الأوامر صدرت» لقوات الشرطة وخفر السواحل وأمن الحدود، بعدم اعتراض اللاجئين. مع أن تركيا حصلت من الاتحاد الأوروبى على مساعدات مالية ضخمة مقابل منع تدفق اللاجئين السوريين، بموجب اتفاق جرى توقيعه، فى مارس ٢٠١٦، نص على أن تتخذ أنقرة تدابير لمنع تدفق اللاجئين من أراضيها، مقابل تلك المساعدات. وعليه، عقد بيتر ستانو، المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، مؤتمرًا صحفيًا، الجمعة، طالب فيه تركيا بـ«احترام تعهداتها» الواردة فى الاتفاق الذى «لا يزال قائمًا».
بعد نحو ٢٤ ساعة من سقوط قتلى الجيش التركى، الجُدد، اتفق الرئيسان الروسى والتركى، فى اتصال تليفونى، على ضرورة اتخاذ خطوات إضافية لإعادة الوضع إلى طبيعته فى شمال غرب سوريا. وطبقًا لما ذكره سيرجى لافروف، وزير الخارجية الروسى، فإن بوتين وأردوغان اتفقا، خلال الاتصال الذى جاء بمبادرة من أنقرة، بالعمل على ترتيب لقاء «رفيع المستوى» قريبًا.
بمبادرة من أنقرة، كما قال لافروف، أو بإلحاح منها، كما نعتقد، جرى الاتصال. ثم أعلنت موسكو، الجمعة، عن إرسالها فرقاطتين إلى البحر المتوسط. وقال أليكسى روليف، المتحدث باسم الأسطول الروسى فى البحر الأسود، إن الفرقاطتين غادرتا الخميس مرفأ سيباستوبول فى شبه جزيرة القرم الأوكرانية التى ضمّتها روسيا سنة ٢٠١٤، وبدأت الجمعة بعبور مضيق البوسفور. موضحًا أنهما مجهزتان بصواريخ كروز من نوع «كاليبر»، وستنضمان إلى المجموعة الدائمة للبحرية الروسية فى البحر المتوسط.
الجيش السورى بدأ، منذ ديسمبر الماضى، يستعيد سيطرته على إدلب، آخر معاقل الإرهابيين، أو آخر محافظة كانت خارج سيطرته. ولا نعتقد أنه سيلتفت إلى تهديدات الرئيس التركى، أو سيتوقف حتى يستعيد سيطرته على كامل التراب الوطنى السورى. والمعادلة نفسها حققها ويحققها الجيش الوطنى الليبى. ولا نرى أى نتيجة طبيعية أو منطقية للضربات الموجعة، التى تلقتها وتتلقاها وستتلقاها القوات التركية، هنا وهناك، إلا بتحرك شعبى أو انقلاب عسكرى يسقط ذلك الأحمق الذى يتقدم بثبات نحو نهاية تركيا أو نهايته.