رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جمع القرآن


أبوبكر، أول حاكم لـ المسلمين بعد النبى، جمع القرآن. عثمان بن عفان، تالت حاكم لـ المسلمين بعد النبى، هو كمان جمع القرآن. حيلو! يعنى عندنا عمليتين جمع لـ القرآن، خلينا نسأل بقى: أولًا، إيه الداعى؟ و«إيه الداعى» هنا لـ كل عملية منهم، مش لـ العمليتين مع بعض.

يعنى، ليه أبوبكر أصدر قرار بـ إجراء عملية جمع القرآن؟ ثم، إذا كان أبوبكر جمعه فعلًا، ليه عثمان عمل عملية جديدة لـ إعادته؟ رغم إننا بـ نتكلم عن مسافة زمنية قصيرة.
أبوبكر تولى الحكم سنة ١١ لـ الهجرة، مات سنة ١٣ لـ الهجرة. عثمان تولى الحكم ٢٤ لـ الهجرة، مات سنة ٣٥ لـ الهجرة. يعنى الفرق الزمنى بين عمليتى الجمع فى حدود ربع قرن. ليه نعيد جمع القرآن، وإحنا لسه جامعينه قريب؟
التعجب دا يزيد لما نعرف كمان إنه إسناد العمليتين كان لـ نفس الشخص، اللى هو زيد بن ثابت، اللى هو أصلًا كان موجود وقت النبى، وكان قريب منه، والروايات بـ تتبارى فى إنها تبين مكانته عند النبى النابعة من القرآن نفسه.
تعرضت أنا لـ الحكايات دى فى سلسلة «هل الدين علم»، إنما خلينا هنا نبص لـ الموضوع من زاوية تانية، الفرق الأساسى بين العمليتين، فى الفلسفة اللى حكمت عملية الجمع، الفلسفة دى قائمة على «الداعى».
أبوبكر جمع القرآن حرصًا عليه من «الضياع»، علشان فيه ناس كتير من المشهورين بـ حفظ القرآن، ماتوا فى الحروب اللى خاضها أبوبكر من أجل توحيد الجزيرة العربية تحت راية «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، الشهيرة بـ اسم «حروب الردة».
عمر بن الخطاب اقترح عليه عملية الجمع، وهو كان متردد فى الأول، بس فى النهاية جاب زيد بن ثابت، وأوكل له مهمة جمع القرآن، كويس، بس فيه سؤال: أى قرآن سنجمع؟
يعنى، إذا كان القرآن نزل على سبعة أحرف، وأبى بن كعب بـ يقرا بـ طريقة، وابن مسعود بـ يقرا بـ طريقة، وعمر بن الخطاب بـ يقرا بـ طريقة، وهشام بن حكيم بـ يقرا بـ طريقة، وفيه كذا «حرف» لـ القرآن، نجمع على أنهى حرف فيهم؟
اللى بـ تقوله الروايات إنه الهدف من العملية كان إنقاذ النص نفسه من الضياع، بـ التالى، ما كانش فيه تفكير فى مسألة الأحرف دى. يعنى، زيد جمع النص القرآنى على حرف، لكن، ما حصلش إلغاء لـ الأحرف الأخرى، طريقة ابن مسعود لسه موجودة، طريقة أبى بن كعب لسه موجودة، اعتبار الأحرف بـ شمل عام كان لسه موجود.
دا خصوصًا إنه عملية الجمع نفسها ما كانتش بـ السهولة اللى الناس النهاردا متخيلينها، ودا راجع لـ تصور إنه القرآن وقت النبى، كان محفوظ معروف مترتب، مفيش حركة مش معروفة ومعروف مكانها، إنما دا مش متوافق مع ما وصلنا من روايات كتيييير، لم يعارضها أحد، وأرجو مراجعة «هل الدين علم»، علشان ما أعيدش نفس الكلام ونفس الروايات تانى.
فى النهاية، أبوبكر جمع القرآن، لكنه ما قالش إنه دا النص النهائى المغلق، وبقى الوضع قريبًا جدًا من الوضع أيام النبى، لكن الأمور أصبحت محكمة أكتر شوية.
دا يفسر لنا ليه ابن مسعود ما أبداش أى اعتراض على عملية جمع القرآن أيام أبوبكر، رغم إنه تولاها برضه زيد بن ثابت، فى حين كان رافض تمامًا «على الأقل فى بداية الأمر» عملية جمع عثمان بن عفان لـ القرآن، اللى هى كانت عملية مختلفة تمامًا، الداعى ليها مختلف تمامًا، بـ التالى الناتج كان مختلف تمامًا تمامًا تمامًا.
دا يخلينا نشوف جمع عثمان لـ المصاحف، بس ده محتاج مقال منفصل، فـ ابقوا معنا.