رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الهروب من الوباء.. مصري يحكي لحظات الرعب في الصين (فيديو)

كورونا
كورونا

"كنا نعيش في حالة استقرار حتى ضربتنا الفاجعة"، كلمات أطلقها الدكتور مروان عادل، أحد العائدين من دولة الصين، تحديدًا منطقة "ووهان" التي ضربها فيروس "كورونا" الجديد، لم تكن تلك الأحداث على خاطره، فهو يروي أن حالته وأسرته كانت طبيعية وتسير على ما يرام، فيعود من عمله وزوجته ويجلسا مع طفليهما ريثما يحين موعد النوم وتُعاد الكرّة كل يوم، لكن بدأت الفاجعة منذ نهايات ديسمبر الماضي، لتقلب حياة أسرته رأسًا على عقب.

الدكتور مروان، مدرس بكلية الطب البيطري جامعة بنها، يحكي لـ"الدستور" عن سفره لاستكمال دراسته ما بعد الدكتوراه في إحدى جامعات الصين بمدينة "ووهان"، قائلا: أنا أحد أفراد الجالية المصرية العائدة من "ووهان"، والتي تواجدت بها خلال فترة انتشار "كورونا"، أسرتي مكونة من زوجتي وطفلينا، حياتي قبل هذا الوباء "عادية" ليس بها ما يهز استقرارها.

في إحدى الأيام الأخيرة من ديسمبر الماضي، بدأت تنتشر أقاويل بظهور فيروس جديد يصيب الأطفال، ويسبب لهم التهابا رئويا حادا وأكثر من مشكلة صحية أخرى، انتابهم الرعب والقلق في البداية، رغم أنه لم يعلن وقتها إلا عن حالتين فقط، ثم خمدت القصة قليلًا إلى أن حان موعد رأس السنة الميلادية، وفيها يقيم الصينيون احتفالات بها، لكن تلك الاحتفالات توقفت لتبدأ حالة الرعب والهلع من جديد.

"المرض بدأ يتنشر بسرعة في سوق "هوانان" للمأكولات البحرية، وهي في نفس المدينة التي أتواجد بها مع عائلتي"، قالها "مروان" متابعًا حديثه بنبرة تملؤها القلق فور تذكره تلك اللحظات، معتقدًا أن السبب في ظهور الفيروس "المأكولات الغريبة" التي يفضل الصينين أكلها، مثل الثعابين والخفافيش، وهي من أنواع الحيوانات التي تحمل كثير من الفيروسات في طيات جسمها، لكنها بقدرة الله، فجسمها مؤهل للتعامل مع تلك الفيروسات ومقاومتها بالشكل الذي لا يضر حياتها.

وأكد أن انتقال تلك الفيروسات إلى الإنسان بسبب أكله له ضرر كبير عليه، لأنه غير مؤهل لمقاومة هذا الكم من الفيروسات التي تحملها، ثم يعم الصمت ليتابع أن الفيروس بدأ ينتشر بسرعة في "ووهان" إلى أن خرجت الأعداد عن السيطرة، وعلى أثرها أعلنت حالة الطوارئ الصحية على المدينة، وبات ممنوعًا خروج أو دخول أي شخص منها خاصة بعدما طال بعض المناطق والمدن المحيطة بـ"ووهان"، فكانت الخطة عزل كل مدينة يظهر فيها المرض بشكل تام، واصفًا الأمر أنهم لم يتسلل إليهم إحساس الاحتجاز والعزل، بقدر ما كان الخوف من الإصابة هو المسيطر عليهم.

«هدّأ من روعنا قليلًا تواصل السفارة المصرية في الصين معنا ووعدنا بأن عملية إجلائنا ستتم خلال أقرب فرصة، قالها بفخر بأن بلده لم تتركه أسيرة الإصابة بالمرض والوفاة بسببه، ويشرح أنه تم إنشاء مجموعة محادثة على "الواتساب"، جمعتهم عليه السفارة المصرية لحصر كافة الأعداد الموجودة في "ووهان"، كان هدفهم إجلائنا من المكان وإبقائنا بأمان قبل أن ينتقل المرض إلى أي فرد موجود، مشيرًا إلى أن أي مشتبه به يدخل في متاهات الفحص لحين التأكد من خلوه من الفيروس».

وانتقل للحديث عن دور السفارة التي كانت تتواصل معهم لحظيًا، وأن ما عطّل خطوة الإجلاء هو إصدار تصريح من دولة الصين للسفارة المصرية بترحيل الجالية المصرية من "ووهان"، وكان أعضاؤها يحاولون قدر المستطاع امتصاص قلق وتوتر المصريين، إلى أن جاء خبر السماح بدخول الطائرة المصرية، فكان الانتظار سيد الموقف للإعلان عن موعد الإجلاء، وبالتالي قاموا بتحضير حقائب السفر ثم وصلت لهم رسالة صوتية من الدكتور محمد البدري، السفير المصري، بالاستعداد في الخامسة عصرًا لركوب الحافلات المسئولة عن خطة إجلائهم، فتم تقسيمهم إلى مجموعات كل فرد حسب الجامعة المنتمي إليها بـ"ووهان".

لحظات ما قبل وصول الطائرة كانت الأصعب، فيروي لنا "مروان" أنه تم تطهيرهم وتعقيمهم وإتمام الفحوصات الخاصة بالتأكد من سلامة كل فرد فيهم، ورغم تأخر الطائرة بعض الوقت إلا أنها وصلت في النهاية، وأصبحوا على متنها في طريق العودة لبلدهم مصر، واصفًا: "أول ما ركبنا كنا مبسوطين إننا راجعين بلدنا وهنبعد عن الوباء اللي موجود، وحمدنا ربنا على دا"، مشيرًا إلى أنه تم إجراء فحوصات أخرى بعد صعود الطائرة، وأخيرًا أقلعت إلى أرض الوطن.

بعد 11 ساعة، هبطت طائرة "مروان" العائدة من المنطقة الموبوءة إلى أرض الوطن في مطار مدينة العلمين، تحديدًا في الواحدة والنصف ظهرًا، وهناك بدأوا بمناداة أسماؤهم وطلبوا منهم ترك الحقائب وأنهم مسئولون عن إيصالها إلى مكان إقامتهم بالحجر الصحي، ثم تم تعقيمهم مرة أخرى وتسليمهم كمامات جديدة، وتم ختم جوازات سفرهم، وتسليمهم بطاقة تعريفية لها لون وشكل معين، كل فرد حسب المبنى الذي سيقيم به ومدون عليها الاسم والزوجة وأفراد الأسرة، ثم اتجهوا إلى فندق المشير أحمد بدوي في محافظة مطروح، واستقبلهم العاملون هناك بحفاوة.

"الناس اللي بتشكك في بلدنا وبيقولوا إننا قاعدين في مكان غير آدمي الكلام دا مش صح احنا في مكان جميل وعلى مستوى عالي من الكفاءة والآدمية"، قالها "مروان" بفخر عن تكريم بلده، واصفًا أن فترة الحجر الصحي تم فحصهم بشكل دوري؛ 14 يومًا في الحجر قبل التمكن من مقابلة أهله، مختتمًا حديثه بتوجيه الشكر إلى الرئيس السيس وأعضاء السفارة المصرية في الصين على رأسهم السفير محمد بدوي، وكل الوزارات التي تحملت مسئولية وصولهم سالمين إلى مصر، وبشكل خاص وزارة الصحة على مجهوداتها.