رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأحرف السبعة كيف جاءت؟


رؤيتى «الشخصية» لـ موضوع «الأحرف السبعة»: فترة الدعوة النبوية، بـ التقريب امتدت على مدار ٢٣ سنة، ١٣ سنة فى مكة، بعدها ١٠ فى المدينة، فى مكة كان الأمر محدودًا ومحكومًا، عدد المسلمين قليلًا، تفاعلاتهم قليلة، صعبة لكن قليلة. تحركاتهم قليلة، كل حاجة فى إطار بسيط.
لـ ذلك، مفيش أى رواية من أى نوع، لا قوية ولا ضعيفة، لا فيها حكاية ولا مجرد قول، لا محددة الأسماء ولا مبهمة، تشير من قريب أو بعيد إلى احتمال وجود أى اختلافات فى نص القرآن بين طريقة فلان وطريقة فلان، دا رغم وجود بلال الحبشى، وصهيب الرومى «هو مش رومى بس مش قرشى» وآل ياسر، وغيرهم من اللى ممكن يقروا القرآن بـ طريقة مختلفة.
أيًا كان الأمر، مفيش فرصة لـ حدوث «مشكلة» فى مكة، هو دا القرآن، بـ نقراه ونحفظه قدر الإمكان ونصلى بيه.
هاجر المسلمين يثرب، هناك تعقد الوضع، وتمددت مجالات استخدام النص القرآنى، وتعددت أشكال تفاعل المسلمين، حروب وغزوات ودولة وإدارتها، وكل يوم ناس بـ تدخل الإسلام، فـ هنا هـ تقابلنا مشكلة، وهى إنه بقى فيه صعوبة لـ تداول القرآن كـ «نص مغلق» بـ يردده كل الناس، زى ما هو كدا.
فيه رواية ما أوردتهاش ضمن الروايات، لـ إنها روايات كتير الحقيقة، إنما فيها النبى بـ يقول لـ جبريل هذا الكلام تقريبًا، إنه الدعوة موجهة لـ «كل الناس»، وفيه الشيخ الكبير والجارية، و«الذى لم يقرأ كتابًا»، فـ هو بـ يطلب من الله «التسهيل»، فـ كان لا بد من قبول «الاختلافات».
فيه ناس كتير لبست الاختلافات دى لـ التنوع القبلى، اللى هو بقى فيه قبائل كتير، أو بس لـ التنوع الطبقى، إنما تصورى إنه الموضوع مش مرتبط بـ دا، إحنا شفنا عمر بن الخطاب وهشام، والاتنين من قريش، ومن نخبة قريش، شفنا أبى بن كعب وزيد بن ثابت، والاتنين من نخبة يثرب. هو الموضوع نفسه بقى متسع، ومفيش فرصة كبيرة لـ الكتابة، اللى كانوا بـ يكتبوا قليلين، واللى بـ يقروا قليلين، ولوجستيًا عملية الكتابة صعبة، ثم تداولها بين الناس أصعب وأصعب، فـ فضلت عملية تدوين القرآن محدودة، غير قادرة على حل المشكلة، لا بد من الاعتماد على الذاكرة.
ذاكرة البشر محدودة، مهما كانت قوية، سيبك من اللى يقول العرب وذاكرتهم، هم فى النهاية بشر، والبشر محدودين فى النهاية، حتى لو بعضهم أقوى من بعض، بطل العالم فى القفز بـ الزانة مثلا، يقدر ينط ٦ متر وشوية، لكن ما يقدرش ينط عشرين متر، مع ملاحظة إنه دا بطل العالم.
حتى ما نقدرش نطالب دولته كلها تنط الستة متر، فـ مهما قويت ذاكرة العرب، مش ممكن أبدًا تطالبهم جميعًا بـ تداول نص ما، وهو نص متحرك مش ثابت، كل يوم فيه آيات جديدة، وفيه ناسخ ومنسوخ، حقيقى الموضوع صعب، فـ كان حل «التسهيل» ضرورى.
هـ ييجى واحد يقول لك: «ربنا» هو اللى أنزل القرآن، وهو قادر على حفظه. طيب، هو أنا مش معتاد، أناقش المسائل من زاوية عقائدية، إنما خلينا هنا، نناقش الأمر من داخل البيت الإسلامى، وأقول لك: ما يمكن «ربنا» كدا حفظ القرآن فعلًا، هو إيه القرآن أصلًا؟
مين يقدر يجزم إنه القرآن هو لفظه وحركاته؟ هو أنا لما أقرا إنه النبى نفسه بـ يقول هذا الكلام، وإن الأمر شاق وصعب، وإن التسهيل ضرورى علشان تحصل عملية تداول القرآن، أسيبه وأروح لـ كلام الشيخ فلان والإمام علان؟
عمومًا، المسألة العقائدية موضوع طويل وممتد، فـ خلينا المقالات الجاية، نشوف الموضوع مشى إزاى مع الزمن.