رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الحركة الوطنية» يوضح جدوى التحول إلى الدعم النقدي المشروط

المهندس أسامة الشاهد
المهندس أسامة الشاهد

أصدر مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بحزب الحركة الوطنية المصرية، دراسة جديدة حول منظومة الدعم النقدي المشروط التي تدرس الحكومة تطبيقها بديلا عن الدعم العيني في مصر، بعنوان "هل يصلح الدعم النقدي المشروط 80 عاما من الهدر والتسريب".

وقال المهندس أسامة الشاهد النائب الأول لرئيس حزب الحركة الوطنية المصرية، قضية التحول من منظومة الدعم العيني إلى النقدي حظيت بنصيب كبير من المناقشات في مصر منذ نحو 20 عاما، وليست وليدة اللحظة، لافتا إلى أن الدراسة سعت لقراءة متأنية للموقف بعيدا عن أي تحيزات، في إطار حوار مجتمعي يجب أن يسبق أي إجراء يتعلق بملايين المواطنين من متلقى الدعم، مشيرًا إلى أن الدراسة سيتم إرساله إلى جميع الجهات المختصة سواء الحكومة أو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، في إطار الحوار المجتمعي الذى يجب أن يسبق قرار التحول من عدمه.

واستعرضت الدراسة تاريخ الدعم العيني في مصر الذي استمر على مدار 80 عاما، شهدت العديد من التغييرات في منظومة الدعم، ولكن مازال يشوبها التسريب الذى لم تقض عليه أى منظومة بشكل كامل حتى الآن، ورغم مشكلات المنظومة إلا أن استطلاعات الرأي التي سبق وأن أجريت على تفضيلات المواطنين لمنظومة الدعم كانت تتجه للدعم العينى، كما أبرزت مستوى متوسط من رضا المواطنين عن منظومة دعم كروت السلع التموينية الحالي.

وشددت الدراسة على أهمية عدم المساس بقيمة الدعم سواء ظل عينيا أو تحول إلى دعم نقدى مشروط، خاصة لما كشفه نتائج مسح الدخل والإنفاق الأخير، بأن دعم المواد الغذائية أسهم في خفض نسبة الفقر بواقع 5.3%، كما أدى لتحسين مستويات معيشة الفقراء، حيث يصل متوسط ما يتم إنفاقه على الأسرة من الدعم الغذائي 2246 جنيها سنويا.

وأشارت الدراسة إلى تجربة دول أمريكا اللاتينية في تطبيق الدعم النقدي المشروط، والذي يشترط لحصول الأسر الفقرية عليه التزامهم بشروط تتعلق بسلوكيات مرتبطة بالصحة والتعليم مثل تسجيل الأطفال في المدارس والتزامهم بنسبة محددة لحضور الدراسة، واشتراط فحوصات صحية معينة لكبار السن والأطفال، وهذا يتوقف على طبيعة الأهداف التي تسعى الدولة لتحقيقها بالاستثمار في القوى البشرية لخروجهم من دائرة الفقر.

وأكدت الدراسة أن النجاح الذي حققته هذه الدول ومنها المكسيك والبرازيل في تطبيق نظام الدعم النقدي المشروط، في خفض نسب الفقر، إلا أن دراسات تقييم الأثر لهذه التجارب أكدت أن هذا النجاح لا يعني أنها تجربة قابلة للتكرار في دول أخرى خاصة الدول التي تعاني من مشكلات تتعلق بوفرة الخدمات الصحية والتعليمية، كما أن نجاح هذه التجارب يتوقف على تكاملها مع عدة برامج متداخلة تهدف للحد من الفقر.

وتابعت الدراسة نتائج تقييم أثر تطبيق برنامج تكافل وكرامة وهي إحدى برامج الدعم النقدي المشروط المطبقة في مصر، والتي انتهى تقييمها إلى أهميتها في تحسين حياة الفقراء ممكن حصلوا على هذا الدعم، ولكن لم يكن للبرنامج تأثير ملموس على الالتحاق بالمدارس واستخدام الرعاية الصحية بسبب عدم جودة خدمات التعليم والصحة.

وشددت الدراسة على أن تطبيق الدعم النقدى المشروط حقق نجاحا في الحد من الفقر وتحسين الظروف الصحية والتعليمية بعدد من الدول التي طبقت التجربة، ولكن لا يشترط تحقيق نفس هذا النجاح في دول أخرى ومنها مصر، إلا إذا اقترن تطبيق هذا التحول بعدد من البرامج ضمن منظومة متكاملة للحماية الاجتماعية لها أهداف واضحة ومحددة وقابلة للقياس.

وذلك مع تحسين الخدمات الصحية والتعليمية، ووجود قواعد محددة لخروج الأسر غير الملتزمة من البرنامج وتحديد القيم المالية للدعم، وقبل ذلك كله إيجاد قاعدة بيانات حقيقية ومتكاملة ومنقاة لمستحقى الدعم في مصر بكافة أنواعه، حتى لا يمثل التحول للدعم النقدى شكلا آخر من أشكال هدر موارد الدولة.

وأوصت الدراسة بمجموعة من التوصيات الهامة، تضمنت إجراء حوار مجتمعى موسع يشارك فيه كافة الأطياف من أحزاب وجمعيات مجتمع مدنى وخبراء الاقتصاد والاجتماع، ومجلس النواب حول المنظومة الجديدة التي تسعى الحكومة لتطبيقها قبل التطبيق بشكل كاف للتوافق حول الشكل الأمثل للتطبيق، بالإضافة إلى توعية المواطنين بما تقوم الحكومة بدراسته بشكل واضح ومحدد حتى لا تكثر التأويلات والشائعات حول تقليص الدعم أو تحرير أسعار بيع الخبز، وتوضيح الحكومة لجميع السيناريوهات بشفافية كاملة.

وطالبت الدراسة الإنتهاء بشكل كامل من تنقية قاعدة بيانات مستحقي الدعم قبل إجراء أى تغييرات في منظومة الدعم الحالية، بجانب التوافق المجتمعى حول مجموعة من الأهداف الاجتماعية التي تسعى الحكومة لتحقيقها من خلال منظومة الدعم النقدى المشروط.

والتوافق حول الشروط التي يمكن تضمينها في البرنامج بما يتناسب مع البيئة المصرية ومتطلبات التنمية المستدامة، وألا تتم عملية التحول من الدعم العينى إلى الدعم النقدى المشروط إلا في إطار منظومة متكاملة ومحددة للحماية الاجتماعية تستهدف الأكثر فقرا بطريقة علمية ممنهجة لتحقيق الأهداف التي تم التوافق عليها، ودمج كافة أنواع الدعم في برنامج واحد باستخدام قاعدة البيانات المحدثة.

واقترحت الدراسة أنه في حال التوافق المجتمعي على التحول من نظام الدعم العينى إلى الدعم النقدى، البدء بالتطبيق التجريبي للمنظومة الجديدة في 3 محافظات يتم اختيارها بناء على حجم العينة التي يحددها الإحصائيون، ويتم تقسيم المستفيدين من الدعم الغذائي في مناطق التجربة إلى مجموعتين متساويتين الأولى تحصل على الدعم بنفس المنظومة المطبقة حاليا.

والثانية تحصل على الدعم النقدي وفق المنظومة الجديدة، لفترة محددة، على أن يتم تقييم أثر التطبيق على الأسر في كلتا المجموعتين بطريقة علمية لقياس أثر التحول، وما إذا كان الدعم النقدى سيحقق فائدة أكبر للمواطن والخزانة العامة على حد سواء أم لا، ومن خلال نتائج الدراسة يتم إقرار ما إذا كان سيتم التحول الكامل لنظام الدعم العينى أم الاستمرار بالمنظومة الحالية.

ودعت الدراسة إلى تشكيل لجنة فنية من الخبراء والمتخصصين من المجتمع المدنى لمتابعة نتائج التطبيق وتقييم المنظومة الجديدة بشكل دورى من خلال مؤشرات قياس أداء واضحة، ويقوم مجلس النواب بدوره الرقابى أيضا في متابعة التطبيق ومدى تحقيقه الأهداف المطلوبة ومساءلة الحكومة في حال عدم الالتزام بالأهداف المحددة.

بجانب تحديد القيم المالية للدعم النقدى للفرد في الأسرة بناء على نتائج بحث الدخل والإنفاق في المرة الأولى، ومراجعة هذه القيمة بشكل دورى يتناسب مع معدلات التضخم، حيث يعد التضخم المرتفع أحد التحديات التي تواجه تطبيق هذا النوع من الدعم.