رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لقاء على «لا شرف» أحمق تركيا


الرئيس التونسى قيس سعيد زار الجزائر، أمس الأحد، بدعوة من نظيره الجزائرى عبدالمجيد تبون. وطبيعى أن يتناول الرئيسان، خلال لقائهما، سبل تعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين، القضايا الدولية والإقليمية، خاصة الأزمة الليبية، خطة أو صفقة أو مقترحات الرئيس الأمريكى للسلام، و... و... والمؤكد أنهما، قبل ذلك كله، سيحاولان تشخيص حالة الرئيس التركى، الذى تسببت زيارته لكلا البلدين فى مشكلات وأزمات عديدة.
زيارة قيس سعيد الأولى إلى البلد الجار، منذ توليه الرئاسة، تأتى بعد أسبوع من احتضان الجزائر لاجتماع وزراء خارجية دول جوار ليبيا، وبعد ساعات من إعلان الخارجية الجزائرية أنها فوجئت بتصريحات للرئيس التركى نسب فيها إلى الرئيس الجزائرى حديثًا «أُخرج من سياقه حول قضية تتعلق بتاريخ الجزائر». وشدّدت على أن «المسائل المعقدة المتعلقة بالذاكرة الوطنية التى لها قدسية خاصة عند الشعب الجزائرى، هى مسائل جد حساسة، لا تساهم مثل هذه التصريحات فى الجهود التى تبذلها الجزائر وفرنسا لحلها».
فى خطاب ألقاه الجمعة، أمام قيادات حزبه، زعم أردوغان أنه طلب من الرئيس الجزائرى تسليمه وثائق تخص المجازر الفرنسية خلال فترة استعمارها للجزائر، لأن «رئيس فرنسا لا يعرف شيئًا عن هذه المجازر». كما زعم أن الرئيس الجزائرى قال له إن فرنسا قتلت ٥ ملايين جزائرى، وأنه طلب منه نشر هذه الوثائق لیتذكر الرئيس الفرنسى ما فعلته بلاده!.
زار أحمق تركيا الجزائر فى ٢٦ يناير الماضى، بعد شهر من زيارة تونس. وفى الزيارتين حاول جر البلدين خارج مربع التوافق العربى بشأن رفض التدخل التركى فى ليبيا، وانتهت الزيارتان بفشل سياسى ودبلوماسى. كما واجه الضيف الثقيل، فى البلدين رفضًا شعبيًا، ليس فقط بسبب أطماعه الاستعمارية ولكن أيضًا لتعمده إهانة البلدين. واتفق شعبا البلدين، وغالبية الأحزاب والقوى السياسية فيهما، على أن أردوغان لا يؤتمن جانبه، وأنه لا يحمل إلا الشر، متمنين أن تنجو دولتاهما من سموم الثعبان التركى.
ما اختلف فى زيارة الجزائر، هو اصطحاب ذلك الأحمق لكلاب حراسة، كان مستفزًا للجزائريين، وللعرب عمومًا، أن يروها تسبقه إلى قاعة اجتماعات. أما منع القنوات التليفزيونية المحلية من تغطية المؤتمر الصحفى الذى عقده الرئيسان، الجزائرى والتركى، فى قصر المرادية الجمهورى، فقد حدث جزئيًا فى تونس حين تم منع ١٣ صحفيًا ومصورًا من تغطية المؤتمر الصحفى، الذى جمع أردوغان بالرئيس التونسى قيس سعيد، طبقًا للبيان الذى أصدرته نقابة الصحفيين التونسيين، وأكدت فيه أنه كانت هناك قائمة مسبقة بأسماء الصحفيين المسموح لهم بدخول قصر قرطاج، وحضور المؤتمر.
نعم، هو ذلك المؤتمر الذى أبدى فيه الرئيس التركى استياءه من رائحة الدخان، أو من وجود مدخنين، داخل القاعة، ما جعلنا نعتقد أن المؤتمر انعقد فى مقهى متواضع أو «غرزة». ومع ترجيح الرئيس التونسى أنها رائحة الغداء، ظننّا أنهم فى مطعم أو مطبخ، قبل أن نكتشف أنهم عقدوا المؤتمر فى قصر الرئاسة التونسية: قصر قرطاج، الذى ساءنا، أن تتصاعد منه، بما له من رمزية سياسية وحضارية، روائح كريهة، يصعب تمييزها!.
كلام أردوغان عن رائحة الدخان «لم يكن مجانيًا»، لكنه «كان يعكس انزعاجه من نتائج المحادثات التى انتهت برفض استعمال الأراضى أو الأجواء أو المجال البحرى التونسى لأى تدخل عسكرى تركى فى ليبيا». وما بين التنصيص ننقله عن تصريحات أدلت بها رشيدة النيفر لقناة «سكاى نيوز»، فى ٧ يناير، أوضحت فيها أن الرئيس التركى طلب من نظيره التونسى استخدام أراضى تونس ومجاليها الجوى والبحرى، مؤكدة أن هذا الطلب قوبل بالرفض.
رشيدة النيفر، هى مستشارة الرئيس التونسى، المسئولة عن شئون الإعلام برئاسة الجمهورية التونسية، وسبق أن وصفت نفسها، فى حوار نشره موقع «France Info»، فى ١٨ أكتوبر، بأنها «صديقة لقيس سعيد». ومع أنها قالت تصريحات شبيهة لراديو «موزاييك» التونسى، صباح اليوم نفسه، يوم الثلاثاء ٧ يناير، إلا أن بيانًا عجيبًا أصدرته الرئاسة التونسية زعم أن «ما يتم تداوله فى عدد من وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى حول طلب الرئيس التركى من الرئيس التونسى استعمال المجال الجوى والبحرى لتونس لا أساس له من الصحة»!.
تأسيسًا على ما سبق، فإن لقاء الرئيسين، الجزائرى والتونسى، سيكون غالبًا على «لا شرف» الرئيس التركى. غير أنهما سيكتفيان بإعلان رفضهما لتدخل دول أجنبية فى الأزمة الليبية، دون تسمية تركيا. وطبيعى ألا يتم الإعلان عن نتيجة تشخيصهما لحالة المذكور، الذى لن يخرج عن كونه «مقامر أرعن، كذاب فاجر»، أو يعانى من أمراض نفسه. وربما يدفعهما الاستسهال، كما دفعنا، إلى اعتماد تشخيص الرئيس الأمريكى، ورد كل تصريحاته وتصرفاته إلى كونه أحمقًا.