رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قراصنة إيران أصابهم الحَوَل.. أيضًا!


نعرف سببًا منطقيًا لقيام قراصنة «هاكرز إيرانيين»، صباح أمس السبت، باختراق موقع وزارة الصحة المصرية. لكن ما نعرفه هو أن عددًا كبيرًا من الخوادم الإلكترونية لمنظمة الأمم المتحدة جرى اختراقها: ٤٢ خادمًا تعرضت للاختراق، وهناك شكوك بشأن ٢٥، كلها تقريبًا فى المكتب الرئيسى بجنيف ومكتب فيينا، كما تم اختراق ثلاثة خوادم «مخترقة» فى مكتب المفوض السامى لحقوق الإنسان الذى يقع بالقرب من المكتب الرئيسى.
اختراق موقع وزارة الصحة كان «على الهواء»، أما الهجمات التى تعرضت لها الأمم المتحدة فكشفها تقرير سرى داخلى أصدره مكتب المعلومات والتكنولوجيا، التابع للمنظمة الدولية، وصلت نسخة منه إلى موقع «ذا نيو هيومانيتاريان». وفى الحالتين انتهت الجريمة إلى لا شىء: وزارة الصحة تمكنت من استعادة موقعها الإلكترونى، عصر أمس السبت، واحتوت الأضرار المتعلقة بالهجوم، وقامت بتشديد إجراءات الحماية لمنع اختراق الموقع مجددًا. بالضبط، كما فعلت الأمم المتحدة، التى أشار فرحان حق، المتحدث باسمها، إلى أن الهجمات على خوادمها ما زالت مستمرة، وأن الأمانة العامة تكتشف وتستجيب، يوميًا، لهجمات متعددة بمستوى متطور. وأشار إلى أن المنظمة الدولية قامت بتنفيذ «خطة شاملة للاحتواء والتخفيف والاسترداد».
طبقًا لما نقلته وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية، عن أحد مسئولى الأمم المتحدة، فقد تم اكتشاف هذا الاختراق، لأول مرة، فى الصيف الماضى، ولا يزال مقدار الضرر الذى ألحقه بتلك الخوادم غير واضح، أو بشأن المعلومات التى ربما قد تكون تعرضت للسرقة. وما يعنينا هنا، هو أن ذلك المسئول أوضح أن مستوى تعقيد الاختراق، يرجح أن تكون «دولة ما» هى الفاعل أو تقف وراء الفاعل. فهل يمكن أن تكون تلك الدولة، هى نفسها التى تقف وراء مخترقى موقع وزارة الصحة المصرية؟!.
مخترقو موقع الوزارة وصفوا أنفسهم بأنهم إيرانيون، ووضعوا على الصفحة الرئيسية للموقع صورة العلم الإيرانى، وأوضحوا أن الاختراق تم بواسطة (Box ٠٢٦ of Iran)، مع تلك العبارة الأقرب إلى التهديد: «نحن دائمًا قريبون منكم، هويتكم معروفة لنا، فخذوا حذركم».
بعد ساعات من مقتل قاسم سليمانى، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثورى الإيرانى، حذرت السلطات الأمريكية من هجمات إلكترونية قد ينفذها قراصنة إيرانيون. فهل أصاب «الحول» القراصنة الإيرانيون وجعلهم يخترقون مواقع تابعة للحكومة المصرية؟!.
إيران سعت لامتلاك قدرات متقدمة فى هذا المجال، بعد أن تعرضت منظومتها النووية لهجمات بفايروس ستوكسنت، Stuxnet، سنة ٢٠١٠، ومنذ ذلك الحين، بدأت طهران فى تطوير هجمات قرصنة إلكترونية لاستهداف خصومها، وقام الحرس الثورى الإيرانى، سنة ٢٠١٢، بإنشاء مجلس أعلى للفضاء الإلكترونى، يخضع لإشراف المرشد على خامنئى شخصيًا. وبدأ هذا المجلس نشاطه بتنفيذ سلسلة من الهجمات، فى ٢٠١٢ و٢٠١٣، على مواقع مؤسسات وبنوك أمريكية.
بسبب تلك الهجمات وغيرها أقامت الولايات المتحدة دفاعات محكمة ضد القراصنة المحتملين، وعززت قدرات الكشف عن أى تهديدات إلكترونية. وما يؤكد قوة هذه الدفاعات أن جريج أبوت، حاكم تكساس، كتب فى حسابه على «تويتر»، أن المحاولات الإيرانية لشن هجمات إلكترونية على مواقع تابعة للأجهزة الحكومية فى الولاية وصلت إلى حوالى ١٠ آلاف مرة فى الدقيقة، لكنها لم تتمكن من العثور على نقاط ضعف تسمح للهاكرز بجمع بيانات أو منع الوصول إلى مواقع أو نشر رسائل على أحدها.
ربما لهذا السبب، تحولت أنظار قراصنة إيران من «الحمار» إلى «البردعة»، واستهدفت خوادم الأمم المتحدة، كما أشرنا، بعد استهدافها الأنظمة الإلكترونية لشركة النفط السعودية «أرامكو» سنة ٢٠١٧، واضطرتها إلى تغيير مجمل شبكتها الإلكترونية. ونشير بالمرة إلى أن موقع ZDNet الأمريكى كشف، فى يناير الماضى، عن تعرض شركة نفط البحرين (بابكو)، فى ٢٩ ديسمبر، لهجوم إلكترونى متقدم مصدره إيران. وأوضح أن القراصنة «المدعومين من الدولة» الإيرانية شنوا هجومهم ببرنامج جديد لمسح البيانات.
دفاعات الولايات المتحدة الإلكترونية القوية، ربما تكون هى سبب استهداف قراصنة إيران لمواقع إلكترونية سعودية، بحرينية، إماراتية و... و... إلخ. غير أنك لن تجد تفسيرًا غير إصابتهم بـ«الحَوَل» حين يقومون باستهداف خوادم منظمة الأمم المتحدة والموقع الرسمى لوزارة الصحة المصرية.
غالبًا، هو ذلك الحَوَل، الذى جعل الحرس الثورى الإيرانى ينتقم لمقتل رجله القوى، قاسم سليمانى، بقتل ١٧٦ شخصًا، معظمهم إيرانيون، كانوا يستقلون طائرة ركاب أوكرانية. ولعلك تتذكر أننا كنا قد نصحنا السلطات الإيرانية، فى مقال سابق، بأن ترسل عددًا من خيرة رجالها إلى واشنطن لاعتقال الرئيس الأمريكى، وسَبْى «الجميلة» مورجان أورتيجاس، المتحدّثة باسم خارجيته. وكان عشمنا كبيرًا، ولا يزال، فى أن ينجزوا المهمة على طريقتهم، أو كعادتهم، ويقوموا باعتقال مرشدهم على خامنئى وسَبْى رئيسهم حسن روحانى!.