رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عندما يختلف لصوص النضال


تعجبنى كثيرًا الحكمة التى تقول إنه «إذا اختلف اللصوص ظهر المسروق»، وقد كشفت الخلافات التى طفت على السطح قبيل ذكرى انطلاق الربيع العربى «الأسود» عن أكثر من سرقة، ارتكبها لصوص النضال وربح بعضهم الملايين من ورائها، فيما ربح كبارهم المليارات من إسالة دماء أوطانهم، وتعالوا نتأمل بعضًا من هذه الحوادث وكيف ارتبطت كل جريمة من جرائمهم بالأخرى بشكل مريب.
حالة الهستيريا التى سيطرت على «إبليس يناير» وائل غنيم عقب ظهور المقاول اللص محمد على، كشفت بوضوح عن حالة غيرة وحقد من الملايين التى تنهال على المقاول اللص، بعد أن تحول إلى أراجوز نضالى يظهر بإلحاح على شاشات قنوات الإخوان التليفزيونية والجزيرة و«بى بى سى»، وكأن لسان حاله يقول لأسياده: لماذا تمنحونه ملايين أكثر منى؟ هل سيقدم لكم خسة ونذالة وخيانة أكثر مما قدمت؟ هل سيساعدكم على الخراب والقتل أكثر مما فعلت؟ لذلك رأيناه يزداد هستيريا وجنونًا مع كل ظهور للمقاول الأراجوز.
وربما كانت هذه الهستيريا هى سبب اختيار قناة «مكملين» التى تبث سمومها من تركيا لاستضافته على الهواء قبل ٢٥ يناير... وحسنًا فعلت لأن المناضل المدمن انهال طعنًا فى المذيع والقناة وكل فريقها، واتهمهم على الهواء مباشرة بأنهم عملاء ينفذون تعليمات قطر، لأنها هى التى تدفع لهم مرتباتهم، وكذلك تعليمات عميل المخابرات القطرية والبريطانية المدعو عزام التميمى.
ويبدو أن هذه الفضيحة أقلقت شركاء الخيانة فى قناة «الشرق» التى تبث سمومها أيضًا من تركيا، فقررت أن تخوض معها حرب وجود، فوجدنا المذيع الثقيل محمد طلبة، يعلنها صراحة أن ظهور وائل غنيم كان بأمر المالك الحقيقى للقناة، وهو الإسرائيلى عزمى بشارة، مؤكدًا- على الهواء مباشرة- أن عزام التميمى هو مجرد واجهة للقناة، ولكن بشارة هو المالك للقناة الإخوانية، وسخر طلبة بثقل ظله المعهود من كيفية أن يدافع عن أفكار الإخوان والحركات الإسلامية، مسيحى كاثوليكى ويحمل الجنسية الإسرائيلية، لذلك شكرًا للصوص النضال الذين يكشفون فضائحهم بأنفسهم إذا اختلفوا، إنهم كالنار تأكل نفسها إذا لم تجد حطبًا تأكله.
إذن، فإن عزمى بشارة عضو الكنيست الإسرائيلى السابق، ومستشار أمير قطر الحالى هو المالك الحقيقى لقناة مكملين، وقناة العربى المشبوهة التى تبث من لندن، وهو الذى يرسم السياسة الشيطانية لقنوات الجزيرة والشرق ووطن.
أما الإخوانى عزام التميمى، الحاصل على الجنسية البريطانية، وعميل المخابرات البريطانية والقطرية، فهو مجرد سمسار لقنوات الإخوان، ويشغل عددًا من المناصب أبرزها عضو مجلس إدارة قناة مكملين وصاحب شركة لتوريد أجهزة البث الفضائى لقنوات الإخوان التى تبث من إسطنبول، ورئيس مجلس إدارة قناة الحوار الإخوانية وهى «فضائية التنظيم الدولى».
وربما يفسر هذا أيضًا حقيقة قصة المناضلة الـ«كيرلى» عهد التميمى، التى استقبلها الرئيس التركى أردوغان وهى طفلة صغيرة، وبعد سنة أو أكثر قليلًا، أذاعت قناة الجزيرة «فيلم» صفعها جنديًا إسرائيليًا مما أدى لسجنها، وخروجها من السجن المزعوم وقد توردت وجنتاها وازداد وزنها، لم يعد صعبًا أن نفهم سبب تركيز الضوء على المناضلة الكيرلى، والسبب ببساطة أن عزام التميمى، القيادى الإخوانى هو عم الطفلة عهد التميمى، لهذا صنعت الجزيرة والقنوات الإخوانية منها بطلة قومية ومناضلة، ومع الأسف صدقنا هذه الكذبة بعض الوقت. إذا كانت هذه الوقائع كلها قد وقعت بين اللصوص الأُجراء، الذين يرتدون ثياب المناضلين كذبًا وافتراء، فإن هناك واقعة لصوصية كبرى بين من يلبسونهم ثياب النضال الكاذبة هذه، وهذه الواقعة بطلها اللصوص الأمريكيون، وضحيتها هم القطريون الذين لا يملكون أن يواجهوا من سرقهم.
فقد كشف حسن عباسى، العضو السابق فى الحرس الثورى، والذى يعمل حاليًا محللًا للقضايا السياسية والعسكرية الإيرانية، ويوصف بأنه من المتشددين والمعارضين بشدة للتيار الإصلاحى الذى ينتمى إليه الرئيس حسن روحانى، خلال كلمة ألقاها ١٧ يناير فى مسجد الجامع بمدينة نوشهر شمالى إيران، عن أن الزيارة الأخيرة لأمير قطر تميم بن حمد طهران، تمت بغرض تقديم عرض قطرى بقيمة ٣ مليارات دولار لإيران، مقابل ألا تقوم طهران بضرب الدوحة ردًا على مقتل قاسم سليمانى، بعدما ثبت أن قتل سليمانى تم بواسطة طائرة أمريكية مُسيرة «درون» انطلقت من قطر، وأن الجنرال الذى تولى أمر قاسم سليمانى هو الجنرال ماكنزى، ذو الأربع نجوم يوجد فى مدينة الدوحة وفى قاعدة سنتكام، وإن أرادت إيران أن ترد على الأمريكيين فى تلك المنطقة، فسيكون هذا بمثابة كارثة.
وأضاف عباسى: ولهذا قالوا: «نحن مستعدون للقيام بما تأمروننا، لأن القطريين عرفوا أن الصواريخ التى وضعتها الولايات المتحدة هناك مجرد خردة»، حسب تعبيره.
جميل أن يختلف لصوص النضال الزائف، كبارهم وصغارهم، الذين صاغوا مؤامرة الربيع العربى الأسود، لأن اختلافهم رحمة بأوطاننا ومواطنينا، وليدرك من صدقوا ورددوا شعارات هذا الربيع المزعوم أن هذه الثورات لم تكن من أجل الخير، ولا من أجل العيش والحرية، وأنها لم تقدم قيادات يمكن الوثوق بها، ولكنها قدمت لصوصًا يعيشون بين الدوحة وإسطنبول، وقد شاء الله أن يفضحوا أنفسهم بأنفسهم، فى الذكرى التاسعة لإشعال الفتن والحرائق فى منطقة الشرق الأوسط، بمباركة أمريكية ودعم سخى من الخزانة القطرية.. لعن الله ربيع اللصوص.