رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من عجائب الذكر.. فكر وتدبر


الذكر ليس مجرد كلام، أو عدد يردد اللسان، فالذكر منظومة من ثلاثة أشياء: لسان قلب عقل، لا يمكن الاستغناء عن واحدة من الثلاثة، حتى يحقق الأثر المطلوب.
كل منّا يحتاج أن يذكر ربنا كل يوم حتى تهدأ أعصابه، وتسكن جوارحه، ويطمئن فؤاده بذكر بالله، وحتى تحقق ذلك عليك أن تبتعد عن أى عوامل للتشويش، تخرج من تلك الحالة الإيمانية التى تعيش معها الذكر.
لا تنشغل بالهاتف، أو التليفزيون، أو أى مؤثرات أخرى ما دمت فى ذكر الله، فإن لم يكن القلب مشغولًا بذكره، فلا فائدة من اللسان وحده، فهو سبحانه يريد قلوبنا.. «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم».
واستخدام «السبحة» كوسيلة للعد يعينك على تحقيق ذلك، فقد كان الصحابة وزوجات الرسول، صلى الله عليه وسلم، يستخدمون الحصى.. هى مجرد وسيلة مساعدة لتذكيرك، فضلًا عن أن اختيار مكان مناسب للذكر يساعد عقلك على التفكر، وقلبك على التدبر.
الذكر شفاء للقلب مما يعتريه من أمراض، ولا دواء لها سوى التقرب إلى الله من بوابة الذكر.. فى القلب خوف لا يطمئن إلا بذكر الله.. فى القلب قلق لا يثبت إلا بذكر الله.. فى القلب جشع لا يغنى القلب إلا ذكر الله.. فى القلب تشتت لا يجمع شتات القلب إلا ذكر الله.. فى القلب حزن لا يخفف إلا بذكر الله.. فى القلب شهوات ومعاص لا يقوى القلب على مواجهتها إلا بذكر الله.. فى القلب غفلة مميتة.. ولا يحيى موت القلب إلا ذكر الله «أو ما كان ميتًا فأحييناه».
والذكر طاقة للروح، فالإنسان يحتاج طاقة، والطاقة تتغير حسب نوع النشاط الذى يمارسه، فالطائرة تحتاج إلى وقود أكبر من السيارة، والسيارة تحتاج إلى وقود أكبر من الدراجة البخارية، وهكذا الإنسان يتفاوت فى احتياجاته للطاقة.
الإنسان لديه ثلاث مستويات من النشاط: جسدى، ونفسى وعقلى، وروحى، وهذه جميعها بحاجة إلى طاقة.
الطاقة الأكبر هى النشاط الجسدى: ممارسة الرياضة، تتطلب بذل مجهود بدنى أكبر على سبيل المثال من تفكيرك فى قرار عاطفى، أو التفكير فى أمر لا يتطلب جهدًا بدنيًا شاقًا، وهكذا تتراجع الطاقة المطلوبة، حتى تصل للمستوى الروحى، فيحصل شىء عجيب، تنعكس المعادلة.. العبادة للروح هى التى تعطيك طاقة ولا تأخذ منك.
فى عملك، فى تحركاتك على مدار اليوم، تستنزف طاقة، الشىء الوحيد، الذى تأخذ منه ولا تعطيه هو العمل الروحى.. لماذا نشعر بالارتياح والسكون فى السجود وعند الذكر، لأنها لحظة شحن الروح بطاقة نورانية من الله.. اذكر واستمد من الله الطاقة الروحية.. اذكره لأنه يستحق العبادة.. لأنه مالك الملك.