رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العثور على أقدم حفرة لـ«نيزك» فى أستراليا

جريدة الدستور

عثر الباحثون في أستراليا على أقدم حفرة تسبب فيها أحد النيازك لدى سقوطه على الأرض، وهي حفرة يارابوبا التي يبلغ قطرها نحو 70 كيلومترا، ولكنها تآكلت اليوم بشكل كامل.

وأكد الباحثون أن هذه الحفرة نتجت عن ارتطام أحد الأجرام السماوية بما يعرف اليوم في ولاية أستراليا الغربية، قبل أكثر من 2.2 مليار سنة، وذلك حسبما ذكر الباحثون تحت إشراف تيمونس إريكسون من مركز ناسا جونسون لأبحاث الفضاء، بمدينة هيوستن الأمريكية، في دراستهم التي نشرت في العدد الحالي من مجلة "نيتشر كوميونيكيشنز" المتخصصة.

كانت أجرام سماوية تسقط على الأرض بشكل مستمر في بداية عمر الأرض، ولكن حركات الغلاف الصخري للأرض "الصفائح التكتونية"، وتآكل هذه الصفائح بمرور مليارات السنين تسبب في اندثار مثل هذه الفوهات بشكل تام.

كان الباحثون المعنيون يصنفون حتى الآن هيكلي حفرة فريديفورت الواقعة شمال إفريقيا الجنوبية، وحوض سودبيري في إقليم أونتاريو الكندي، والذي يقل عمره قليلا عن عمر هيكل فيرديفورت، على أنهما أقدم هيكلين جيولوجيين ناجمين عن ارتطام أجرام سماوية بالأرض، وكلاهما بقطر 200 كيلومتر.

ليست هناك حفرة تدل على حدوث ارتطام نتجت عنه فوهة يارابوبا، ولكن هناك ظاهرة مغناطيسية غير معتادة في مجال إهليلجي "قطع ناقص" قطره 11 إلى 20 كيلومترا.

واعتمد الباحثون في تحديد وقت الارتطام على تحليلات النظائر الخاصة بمعدن الزركون ومعدن مونازيت، وحددوا عمر الحفرة بـ229. 2 مليار سنة، أي ما يعادل نحو نصف العمر الحالي للأرض.

كانت هناك في تلك الحقبة بالفعل، العصر الترياسي، كائنات متعددة الخلية، حسبما يرجح الباحثون.

وبذلك يكون عمر الفوهة أقدم بنحو 200 مليون سنة من عمر فوهة فريديفورت التي كان العلماء يعتبرونها حتى الآن أقدم وأكبر فوهة على الأرض.

يرجح الباحثون أن الارتطام الذي حدث في أستراليا أثر على مناخ الأرض، حيث كانت أجزاء كبيرة من الأرض مغطاة آنذاك وبعمق كبير، بالجليد، حيث توجد آثار على ترسبات أنهار جليدية يقدر عمرها بنحو 2.225 مليار سنة على الأقل، في إقليم تراسفال، شمال جنوب إفريقيا.

ثم انحسر الجليد فيما بعد ولفترة تقدر بنحو 400 مليون سنة على الأقل، حسبما أوضح الباحثون، والذين يربطون ذلك بالارتطام.

ويقول الباحثون إن العديد من العوامل الناجمة عن فوهة يارابوبا يمكن أن تكون قد غيرت المناخ الإقليمي أو الكوني، حيث يمكن أن تكون الحفرة قد قذفت بكميات هائلة من غاز ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء وغيرها من الغازات الاحتباسية، في الغلاف الجوي للأرض، والذي كان لا يزال آنذاك فقيرا في الأكسجين.

وفقا لتقديرات الباحثين، فإنه إذا كانت المنطقة آنذاك مغطاة بطبقة جليدية سميكة، فإن ذلك ربما أدى إلى تبخير 95 إلى 240 كيلومترا مكعبا من الجليد، وذوبان ما يصل إلى 5400 كيلومتر مكعب.

وفي حالة وصول البخار إلى الطبقة العليا من الغلاف الجوي فربما تسبب في إحداث ظاهرة الاحتباس الحراري، الذي يؤدي لارتفاع درجة حرارة الأرض، غير أن فريق الباحثين أقر بأن ذلك لا يعدو كونه احتمالا.

ونقلت جامعة كيرتين في مدينة بيرث الأسترالية، في بيان لها، عن نيكولاس تيمس، المشارك في الدراسة، قوله: "إن عمر حفرة يارابوبا يتناسب مع انهيار سلسلة من الأنهار الجليدية القديمة".

وتابعت الجامعة: "في أعقاب الارتطام لم تعد هناك ترسبات أنهار جليدية على مدى 400 مليون سنة، في أرشيف الصخور، ويدل هذا التحول على أن السقوط العظيم للنيزك يمكن أن يكون قد تسبب في تغير مناخي لكوكب الأرض".