رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ردت إليهم أرواحهم.. «الدستور» داخل أقدم مصنع للأطراف الصناعية (فيديو)

مصنع الأطراف الصناعية
مصنع الأطراف الصناعية

كانت زينب أحمد، 15 عامًا، تلهو برفقة شقيقها الأصغر في شُرفة منزلها المرتفعة، وعلى غفلة منها حين كانت تداعب الصغير، سقطت من الدور الرابع في العقار الذي تقطن به بمنطقة وسط البلد، لتمر برحلة علاج صعبة انتهت ببتر 3 من أطرافها «قدم وذراعين» بسبب شدة الإصابة واختراق أجسام معدنية لعظام الأطراف.

ظلت الفتاه تعاني من صعوبة في الحركة، وتطوف على أطباء ومراكز علاج طبيعي، بحثًا عن شيء يساعدها على الحركة وممارسة الحياة مرة آخرى بشكل طبيعي، 3 سنوات دون أن يتبدّل الحال، حتى لجأت إلى مؤسسة «يوم المستشفيات» التي أمدتها بثلاث أطراف صناعية عوضتها عن التي فقدتها، وأعادت لها الحياة مرة أخرى.

آلاف من فاقدي الأمل في الحياة، رُدت إليهم أرواحهم بعد حصولهم على أطراف تعويضية تمكنهم من ممارسة الحركة مرة أخري، صُنعت كاملة داخل أول مصنع لإنتاج الأطراف الصناعية في مصر والذي اُفتتح عام 1948، ويتبع مؤسسة «يوم المستشفيات».

ردت إليهم أرواحهم.. «الدستور» داخل أقدم مصنع للأطراف الصناعية (فيديو)

«يوم المستشفيات للتنمية والتأهيل»، هي أول مؤسسة في الشرق الأوسط تمد ذوي الإعاقات الحركية بالأطراف التعويضية، تم إشهارها من وزارة الشئون الاجتماعية برقم 132 لسنة 1966.

«الدستور» عاشت يومًا كاملًا داخل تلك المؤسسة التعويضية، التي أعادت الحياة ولازالت للكثير من ذوي الإعاقة، لتكشف عن ضعف إمكانيتها المادية ونقص التبرعات التي تعيق استمرارها بالعمل في ذلك المجال، رغم أهميتها وتفردها فيه.

المؤسسة تضم مصنع للأجهزة التعويضية، ومعمل للأطراف الصناعية، وقسم للعلاج الطبيعي داخلي وآخر خارجي، وعيادة للأسنان، ومركز تأهيل وورش نجارة، وكانت تقوم بإنتاج الأطراف الصناعية لذوي الإعاقة الذين يعالجون على نفقة الدولة.



◘ حكاية إنشاء أول مؤسسة للأطراف التعويضية في مصر
داخل إحدى غرف قصر الخديو إسماعيل، خامس حكام مصر، اجتمعت إحدى حفيداته مع بعض السيدات والأطباء المصريين في العام 1948 قبيل ثورة يوليو، كوّنوا مجموعة منهم من أجل العمل الخيري وخدمة المرضى غير القادرين على العلاج في المستشفيات، وخصصوا لهم يوم سُمى «يوم المستشفيات».

كان ذلك اليوم، يطوف فيه الأطباء والممرضين برفقة حفيد «إسماعيل»؛ على المستشفيات الحكومية؛ من أجل تقديم الخدمات والعون للمرضى، ليجدوا أن ذوي الإعاقة، وتحديدًا الحركية هم أكثر فئة تعاني بسبب قلة الإمكانيات والخدمات المقدمة لهم.

هُنا جاء إلى ذهن حفيدة إسماعيل، فكرة إنشاء مؤسسة تقدم العون إلى ذوي الاحتياجات الخاصة، ومصنع برفقتها لتصنيع جميع الأطراف التعويضية التي تساعد ذوي الإعاقة على الحركة، وسميت المؤسسة «يوم المستشفيات» نسبة إلى ذلك اليوم الذي خصصته حفيدة الخديوي لخدمة المرضى.


◘ جنود مجهولة.. عمال مصنع الأطراف يعيدوا الحياة لفاقديها

تمتلك المؤسسة مصنعًا لإنتاج الأطراف الصناعية، وورشة لتأهيل وتعليم ذوي الإعاقة بعض الحرف الصغيرة، حالهما يرثى له، فالمصنع يحوي ثلاثة آلات الأولى من أجل نحت شكل الطرف، والثاني لصب المادة الطبية به، والأخيرة لتغليفه بشكل جيد.

الأتربة تحيط تلك الماكينات الثلاثة، والنقص في الإمكانيات سيطر على أركان المصنع، الذي ارتكنت على حوائطه عدد من الأطراف الصناعية التي انتهى العمال من تجهيزها لتوهم.


◘ يسري: "دربنا عمال مصانع الأطراف الصناعية الأخرى"
حين بلغ الخامسة عشر من عمره، وانتهى من المرحلة الإعدادية في تعليمه، عمل "يسري علي"، 60 عامًا، فني أطراف تعويضية، داخل أول وأكبر مصنع في الشرق الأوسط لإنتاج الأطراف الصناعية العام 1970.

كانت بدايته في المدرسة التابعة لمصنع مؤسسة يوم المستشفيات، والتي تعلم بها فنون صناعة الأطراف كافة، بداية من معاينة مقاسات الطرف التعويضي للمصاب، مرورًا بصب الجبس اللازم لتشكيل الطرف، وصولًا إلى إتمام عملية التصنيع كاملة وتسليم الطرف الصناعي لصاحبه.

«يسري» وجميع العاملين بذلك المصنع، كانوا نواة لثلاثة مصانع آخرى متخصصة في إنتاج الأطراف الصناعية بمصر، الذين تم افتتاحهم منذ سنوات، وهم مصنع مستشفي العجوزة ومصنع معهد شلل الأطفال ومصنع مستشفي النور والأمل.


يسري يحكي: "مع بداية افتتاح هذه المصانع الجديدة، جاء إلينا الفنيين الذي سيعملون فيها، وقمنا بتدريبهم على كل أساسيات العمل، كما عمل معهم بعض الفنيين الذين بدأوا عملهم في مصنع مؤسسة يوم المستشفيات".

ورغم أن المصانع التي كان عمال "يوم المستشفيات" نواة لها تمتلك أجهزة أكثر تطورًا، إلا أن يسرى يؤكد أن العمال هنا أكثر كفاءة وخبرة في صناعة أطراف تعويضية بمواصفات عالية باستخدام الأجهزة القديمة.

قديمًا كان مصنع يوم المستشفيات هو المسؤول الوحيد عن إنتاج الأطراف التعويضية لجميع ذوي الإعاقة في مصر، وكانت وزارة الصحة ترسل جميع الحالات التي تتلقاها له، فكانت خدماته تصل إلى محافظات عدة.

ردت إليهم أرواحهم.. «الدستور» داخل أقدم مصنع للأطراف الصناعية (فيديو)

الوضع تبدل حاليًا، بحسب "يسري"، فأصبح التعاون أقل بتبعية قلة الإمكانيات، فلا يتعاون مع المؤسسة ويقدم الدعم لها سوى بعض الجمعيات الخيرية والمتبرعين ونقابة الأطباء أحيانًا.

رغم ذلك، فالمصنع لازال ينتج نوعين من الأطراف الصناعية أحدهم بلاستيكيًا، والآخر جلديًا مخصص فقط للمرضي الذين تم بتر جزء كبير من قدمهم، فيصبح وقتها السير بالعضو البلاستيكي مستحيلًا؛ لعدم مرونته مع حركة الجسم، فيتم صنعه من الجلد، وهذا النوع لا يمر بمراحل تصنيع البلاستيك العادية بل يتم أخذ مقاسات الجزء التعويضي وصنع الجلد مباشرةً.

تمر العملية وفقًا لما قصّه "يسري"، بعدة مراحل تبدأ بفحص وتشخيص المريض من قبل طبيب الطب الطبيعي التابع للمؤسسة، للتأكد من خلو جسده من أي التهابات تعيق تركيب طرف صناعي.


ردت إليهم أرواحهم.. «الدستور» داخل أقدم مصنع للأطراف الصناعية (فيديو)

ثم يأتي دور المصنع والفنيين الذين يقومون بتعيين المقاس الخاص بالمعاق ومعرفة نوع الطرف الذي يحتاجه، ثم يتجه إلى قسم الجبس الذي يوضح لتشكيل الطرف المبتور، مع مراعاة بعض الفنيات في تفريغ الزوائد الجبسية بما يجعل الطرف الجديد أكثر سلاسة في الحركة.

المرحلة الأخيرة هي رسم الطرف التعويضي على البلاستيك لتكوين الطرف كاملًا، ويتم عمل أول بروفة للمريض عليه للتأكد من مرونته في الحركة، حتى يتم الانتهاء منه وتسليمه.

تلك العملية الشاقة تستغرق 15 يومًا من البداية حتى التسليم، ويتم تسليم 20 طرفًا في الشهر قد تزيد وتنقص بحسب الإقبال، "يسري" يوضح أن المصنع يقدم خدمات كثيرة لذوي الاحتياجات الخاصة وليست فقط صناعة الأطراف التعويضية، فيجهز الكراسي المتحركة والدراجات البخارية وأجهزة شلل الأطفال.

Image with no description

◘ نقص الأجهزة والمواد الخامة.. أزمات مصنع "يوم المستشفيات"

سعيد الرفاعي، 55 عامًا، أحد العمال القدامى بالمصنع، يرى أنه برغم قلة الإمكانيات وانعدامها في المؤسسة، إلا إنها تقوم بدور هام في خدمة ذوي الإعاقات الحركية وتحاول تحطيم أسطور قوائم الانتظار.

هُنا تُصنع لديه جميع الأطراف التعويضية، التي تعيد الحياة مرة أخرى لذوي الإعاقة، وتختلف من طرف فوق الركبة أو أسفل الركبة، والأذرع والكف والقدم فقط.


أزمة كبرى يواجهها "الرفاعي" في عمله بتصنيع الأطراف التعويضية بالمصنع، وهي نقص المواد الخام اللازمة للتصنيع، والتي كانت قديمًا يستخدم بها الخشب إلا إنه لم يكن مريحًا لذوي الإعاقة فبدأ المصنع في استيراد المواد البلاستيك والمطاط الطبي اللازم، إلا إنه لازال مكلفًا للغاية.

يُرجع عامل المصنع، أزمة المؤسسة إلى قلة التمويل المادي، فوفقًا له فإن أجهزة تصنيع الأطراف التعويضية تتخطى الـ200 ألف جنيه، وتأتي مستوردة من ألمانيا، حتى تكون جيدة، مبينًا أن آخر جهاز حديث دخل المصنع كان عام 1995.


ينقص المصنع أيضًا، ميكنة تسمى "شفط" وهي التي تقوم بتغليف الطرف الصناعي بالحرير من الداخل والخارج، حتى يوفر أكثر درجات الراحة للمعاق الذي سيقوم باستخدام في الحركة.



◘ من قلب الإنسانية.. حكايات مستفيدين أُعيدت لهم الحياة

رغم كل تلك المعوقات، إلا أن للمؤسسة ثمار ناحجة، أعادت الحياة والروح مرة أخرى إلى ذوي الإعاقة الحركية، منهم أحمد خالد، 26 عامًا، الذي يأس من حياته وتملكه الضعف منذ ثلاث سنوات، بعد أن تسبب حادث سيارة في فقدان قدمه اليمنى وأصبح من وقتها يعاني من صعوبة في الحركة.

أعادت له مؤسسة "يوم المستشفيات" الروح من جديد، بعدما لجأ إليها، طالبًا طرفًا تعويضيًا عن الذي فقده، فلم يمر سوى 15 يومًا حتى وجد نفسه في إحدى أقسام المؤسسة لإجراء بروفة خاصة لتجريب الطرف الصناعي الجديد، دون أي مقابل مادي.

أحمد، يصف تلك اللحظة بأنها فاصلة في حياته، بعدما يأس وفقد الأمل في أن يعود لحركته الطبيعية وعمله مجددًا، مبينًا أنه وُلد من جديد على يد ذلك الطرف الصناعي الذي لا يعرف قيمته جيدًا سوى من فقد أحد أطرافه.

منذ ثلاثين عامًا، كان يعمل صلاح السيد، 40 عامًا، في تصليح الساعات فلم يتعد عمره وقتها 14 عامًا، وكان يعاني من إعاقة حركية في قدمه اليسرى، سمع صدفةً عن مؤسسة "يوم المستشفيات" فذهب من أجل التطوع بها.


تفاجئ بأنها لم تغلق الأبواب في وجهه لكونه معاق يبحث عن عمل لمن مثله، بل وفرت له طرفًا صناعيًا حتي يقوى على الحركة والعمل، وبالفعل التحق بمصنع إنتاج الأطراف التعويضية التابع للمؤسسة.

مرت السنوات وأصبح ذلك الطفل هو مدير أكبر وأول مصنع للأطراف الصناعية في الشرق الأوسط، ليقوم بخدمة الآلاف سنويًا مقدمًا لهم طرفًا تعويضيًا عوضهم عما فقدوه.

يقول: "لا يشعر بالمعاق سوى الذي عانى مثله، أقوم بتقديم تلك الخدمة بكل امتنان وعطف لكل من فقد طرف، وأسعى بألا يكون هناك قوائم انتظار لدى المؤسسة لأشخاص لا يريدون فقط سوى الحياه".



◘ أول دفعة فني أطراف صناعية في مصر داخل "يوم المستشفيات"

العام 2018، تخرج أول دفعة فنيين أطراف صناعية في مدرسة إمبابة الصناعية، بعدما بدأت فكرة إنشاء قسم الأطراف الصناعية بها خلال فترة التسعينيات، تلك الدفعة يعمل معظم طلابها حاليًا داخل مصنع مؤسسة "يوم المستشفيات"، وهم أول عمال متخصصون في مجال الأطراف الصناعية.

طلاب الدفعة مسؤولون حاليًا عن الورشة التابعة، التي لم يختلف حالها عن المصنع، فيوجد بداخلها عدد من الأطراف الصناعية التي استخدم الجبس في صناعتها، وبعض الكراسي والموتوسيكلات المتحركة، وآلتين تصنيع يعملان بصعوبة بسبب القدم والتهالك.


◘ عمر: «فرحة المرضى مكسبنا الوحيد»

منذ 4 سنوات، تخرج عمر عبد الله في مدرسة الثانوية الصناعية بإمبابة قسم أجهزة تعويضية وأطراف صناعية، وعمل على الفور في مصنع الأطراف الصناعية التابع لمؤسسة "يوم المستشفيات"، وكان من أول الفنيين الدارسين لتخصص الأطراف الصناعية الذين يتم إلحاقهم بالمصنع.

أثناء دراسته، تدرب "عمر" جيدًا على صناعة الأطراف التعويضية في معهد شلل الأطفال، وهناك علم بحاجة مصنع مؤسسة "يوم المستشفيات" إلى فنيين فلم يتوان عن الانضمام وتقديم الخدمة للمرضى.

ردت إليهم أرواحهم.. «الدستور» داخل أقدم مصنع للأطراف الصناعية (فيديو)

يقارن خريج الدفعة الأولى من فنيين الأطراف الصناعية، بين الأجهزة في ذلك المصنع والمستخدمة في المصانع الأخرى، بتأكيده أنها أكثر تطورًا ورغم ذلك الناتج النهائي للأطراف الصناعية متقارب إلى حد كبير.

يرى "عمر" أن الأجهزة الحديثة توفر في الجهد الذي يبذله الفني خلال عملية التصنيع، ولكنها لا تؤثر على نتيجة الطرف في النهاية، مضيفًا: "تعودنا على الجهد الذي نبذله ونحب عملنا، والفرحة التي يشعر بها المريض عند استلامه الطرف الصناعي تمحي كل آثار الجهد الذي بذلناه".

المكسب الحقيقي من ذلك العمل، بحسب الفني، هو أن يرى طفل يسير على قدميه الإثنين لأول مرة، أو رجل ظل لسنوات على كرسي متحرك، وأصبح أخيرًا قادرًا على التحرك بدونه.

◘ عبد الرحمن: "تدربنا على التعامل النفسي مع المرضى قبل تصنيع الطرف"

ذوي الإعاقة، الذين فقدوا أحد أطرافهم، لديهم بطبيعة الحال إحساس دائم بالعجز، خاصة إذا كان العضو المبتور جعلهم معتمدين على غيرهم، لذا كان التعامل النفسي السويّ معهم، هو أول مبدأ تعلمه، عبد الرحمن، 21 عامًا، خريج دفعة الأطراف الصناعية، وطالب حاليًا في الصف الثاني بمعهد شلل الأطفال، وفني بمصنع "يوم المستشفيات".

أغلب الحالات التي ترد إلى عبد الرحمن، لم تستخدم أطراف صناعية من قبل، ويكون لديها خوف وقلق من استخدامه، وهنا يكون دوره الأصعب مع زملاؤه بتهيأ المريض نفسيًا لتقبل شيء غريب داخل جسده، وفحصه جيدًا قبل تركيب الطرف للتأكد من عدم وجود التهابات أو أمراض جلدية قبيل التركيب.

ردت إليهم أرواحهم.. «الدستور» داخل أقدم مصنع للأطراف الصناعية (فيديو)

يشير أيضًا إلى أن التعامل النفسي مع الأطفال يكون الأصعب؛ لأن الطفل يكون لديه رغبة شديدة في الحركة واللعب بمجرد وضع الجهاز في قدمه للمرة الأولى، يشعر بالتعب؛ نتيجة عدم تعود جسدهُ على الحركة المرفطة التي يقوم بها، إلا أنه مع الوقت يتعود على ذلك.

عبد الرحمن، يؤكد أن رحلة العناية لا تقف عن إمداد المعاق بالطرف الصناعي، لكن يظل على تواصل مع مرضاه؛ حتى يتأكد من أنهم يمارسون حياتهم بصورة طبيعية، ولا يوجد أي مشكلة تعيق استخدام الطرف الصناعي الجديد.

قرابة الـ90% من الحالات التي تأتي للمصنع يكون فقد العضو ناتج عن مرض السكر وأغلبهم من الرجال، بينما لا تتجاوز نسبة الأطفال ومصابي الحوادث أكثر من 10% من الحالات، بحسب عبد الرحمن.

ردت إليهم أرواحهم.. «الدستور» داخل أقدم مصنع للأطراف الصناعية (فيديو)


◘ المدير المالي: «نحن أول مصنع لإنتاج الأطراف ولا نتلقى أي دعم»

الوضع المالي الذي تعيشه الآن تلك المؤسسة الخيرية التعويضية سيء للغاية، بحسب أحمد فتحي، المدير المالي لها، الذي أكد لـ«الدستور» إنها أقدم وأول مؤسسة في مجال المعاقين والأجهزة التعويضية بالشرق الأوسط، بدأت على يد أحد الأطباء البشريين يدعى الدكتور «صلاح الحمصاني».

الطبيب البشري الذي عمل في مجال العلاج الطبيعي، كان صاحب فكرة إنشاء مصنع لإنتاج الأطراف التعويضية، لتأهيل وتعويض ذوي الاحتياجات الخاصة، وكان بمنحة أمريكية، ومن ثم تولت المسؤولية وزارة الشؤون الاجتماعي المصرية.

«فتحي» يؤكد أن المصنع ينتج جميع الأطراف الصناعية، وأجهزة شلل، وأطراف سفلية، وبداخله قسم للبلاستيك والأزرع والأطراف الجلدية، مشيرًا إلى أنهم يمدون ذوي الاحتياجات الخاصة بالدراجات البخارية التي تساعدهم على التنقل في المواصلات العامة.

ردت إليهم أرواحهم.. «الدستور» داخل أقدم مصنع للأطراف الصناعية (فيديو)

أكثر من 500 صنفًا من الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية ينتجها المصنع، منها كراسي متحركة تدار بالمواتير، وفقًا لـ«فتحي» الذي بين أن أعداد العمال تناقصت كثيرًا عن الماضي، ورغم ذلك يعافر المصنع للاستمرار في تقديم خدمته لذوي الإعاقات الحركية.

المصنع في بدايته واجه صعوبة شديدة، في عدم تخصص العمال بمجال إنتاج الأطراف الصناعية، فكان جميع العاملين لا علاقة لهم بذلك المجال، إلا أنه منذ 15 عامًا، افتتحت مدرسة تتبع معهد الشلل المصري، تخرج فني أطراف صناعية.

وفقًا للمدير الفني، فإن «يوم المستشفيات» استعانت بدفعات تلك المدرسة حتى يتم إحلالهم وتبديلهم مع عمال المصنع؛ لإنتاج الأطراف الصناعية بطريقة أكثر فنية وجودة على يد متخصصين وفنيين، مبينًا أن هناك معهد فني للأطراف الصناعية، تم تخريج أول دفعة منها تعمل حاليًا في مصنع المؤسسة.



ردت إليهم أرواحهم.. «الدستور» داخل أقدم مصنع للأطراف الصناعية (فيديو)
المصنع كذلك، يحوي إخصائيين علاج طبيعي، من أجل تشخيص حالة ذوي الإعاقة قبيل تصنيع الطرف الصناعي المناسب له، «فتحي» يضيف: «هناك مرضى يحتاجون أجهزة متخصصة يتم تصنيعها حسب الحاجة، فلا بد أن يكون التشخص من طبيب متخصص».

أما عن الاجراءات اللازمة من أجل الحصول على طرف صناعي، فتبدأ من إملاء طلب بالحصول على طرف صناعي، سيتم يتم التحويل إلى الطبيب المتخصص وهو من يحدد للمريض الجهاز الذي يحتاجه، ثم إلى الفنيين لأخذ المقاسات الخاصة وهناك حالات مجانية والبعض أسعار زهيدة، على حسب الحالة المادية للمريض.

المؤسسة والمصنع، بحسب مديرها المالي، تمر بأزمة مالية بسبب قلة التبرعات، ولكون الكثير من الأجهزة تكون مكلفة للغاية فهناك تعاون بينها وبين الكثير من الجمعيات الخيرية يتم تحويل الحالات المستعصية لها أو نقابة الأطباء تتكفل بها، فهناك أسعار تصل إلى 15 ألف جنيه.

اختفت قرارات العلاج على نفقة الدولة الذي كان مطبق في المؤسسة منذ 10 سنوات، بعدما ظهرت مافيا العلاجات على نفقة الدولة في كل مجال، فتم إخراج الأجهزة التعويضية منها بقرار من وزارة التضامن، وأصبحت قوائم الانتظار تطول بالمؤسسة، وفقًا لـ«فتحي».


ردت إليهم أرواحهم.. «الدستور» داخل أقدم مصنع للأطراف الصناعية (فيديو)

المدير المالي يقول: «ما يقرب من 7300 حالة تستفيد من المؤسسة، باختلاف أقسامها سواء العلاج الطبيعي أو مصنع الأطراف الصناعية، كما أن هناك ورشة يتم فيها تدريب ذوي الإعاقة على إنتاج الأطراف الصناعية».

يضيف: «لدينا طلاب معاقين يتدربون في الورشة على أعمال النجارة والحرف، وأصبح لديهم ورش خاصة بهم بعدما تعلموا حرف معينة، سواء النجارة أو الخياطة أو الأحذية، فهناك 10 تخصصات يعملون بها نظير تعلم الحرفة والتغذية اليومية».

ردت إليهم أرواحهم.. «الدستور» داخل أقدم مصنع للأطراف الصناعية (فيديو)

ورغم الخدمات التي تقدمها المؤسسة، إلا أن هناك انخفاض حاد في نسبة التبرعات، وفقًا للمدير المالي، لعدم وجود حملات دعائية، ووقف تبرعات التضامن بسبب الشروط الصعبة التي وضعتها لتلقي التبرعات، وتم وقف جميع الإعانات من التضامن عن تلك المؤسسة.

يوم المستشفيات، تعتبر الجمعية التأهيلية الوحيدة التي تملك مصنع للأطراف الصناعية، والتي تقدم الخدمة بشكل شبة مجاني، وتخضع لإشراف التضامن، ورغم ذلك لا تتلقى أي دعم مادي أو إعانات من الوزراة.