رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تميم بـ«العنّابى» فى طهران!


أكثر ما يلفت النظر فى المؤتمر الصحفى الذى جمع بين الرئيس الإيرانى حسن روحانى، والفتى تميم بن حمد، حاكم دويلة قطر بالوكالة، فى طهران، هو أن العلم القطرى استرد لونه «العنابى»، وزال عنه السواد الذى ظهر به خلال المؤتمر الذى عقده وزيرا خارجية البلدين، فى ٤ يناير الجارى!.
زيارة الكومبارس، الذى يلعب دور وزير خارجية قطر، إلى العاصمة الإيرانية، جاءت بعد ساعات من تصفية الولايات المتحدة لقاسم سليمانى، قائد «فيلق القدس» التابع للحرس الثورى الإيرانى، وعدد من أتباعه أو عملائه، بطائرة مسيرة انطلقت من قاعدة العديد الأمريكية فى قطر، كما ذكر تقرير لشبكة NBC الأمريكية أن العملية بالكامل أديرت من تلك الدويلة. وبالمثل، جاءت زيارة الفتى تميم، بعد ساعات من إقرار النظام الإيرانى أو اعترافه بأن صواريخه قتلت ١٧٦ بريئًا، كانوا يستقلون طائرة ركاب أوكرانية.
تلك هى أول زيارة، معلنة، يقوم بها الفتى تميم إلى طهران منذ توليه منصبه سنة ٢٠١٣. وليس صحيحًا ما تم تداوله عن قيام سائق الرئيس الإيرانى باستقبال الفتى. فقد كان فى استقباله لدى وصوله مطار «مهرآباد» رضا أردكانيان، وزير الطاقة الإيرانى، شخصيًا، ومحمد بن حمد الهاجرى، سفير قطر لدى طهران، ومحمد على سبحانى، سفير إيران لدى الدوحة!.
عن أسباب الزيارة وتوقيتها، تكررت التكهنات والاحتمالات التى قيلت وقت زيارة وزير الخارجية: ذهب يحمل تحذيرًا أمريكيًا، أو استجداءً قطريًا، أو لتقديم العزاء فى «سليمانى» الذى لم تجرؤ دويلته على إدانة تصفيته. كما ظهرت ترجيحات بأن يكون الفتى قد تم استدعاؤه، بالأمر، ليتحمل قيمة التعويضات الضخمة التى ستدفعها إيران لأوكرانيا، صاحبة الطائرة المنكوبة، ولأسر الضحايا، وتحديدًا غير الإيرانيين. وما يدعم ذلك، هو أن ذلك الفتى ليس أكثر من «زكيبة»، مملوءة بأموال الشعب القطرى، يكبش منها مَن استطاع!.
ربما لهذا السبب، بدا واضحًا أن العلم القطرى «عنابى» فاتح، ناصع، فاقع لونه، فى الصور التى تناقلتها الصحف ووكالات الأنباء، ما يسقط تلك التخريجات التى بررت ظهوره المُهين باللون الأسود: تقادم الزمن، ظروف التخزين، أو تبول الفئران عليه. وعلى كل الأحوال فإن ذلك لا ينفى أنه صار مجرد «شراب»، أى جورب، فى أقدام المحتلين، إيرانيين كانوا أم أمريكيين أم أتراكًا.
سبقت الزيارة مكالمة تليفونية أجراها الفتى تميم، مساء الخميس، مع الرئيس الإيرانى. وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا» أن الفتى أعرب خلالها عن «معارضة بلاده لأى توتر يستهدف إيران»، وأكد «ضرورة الاستفادة من جميع الإمكانيات لتطوير العلاقات بين البلدين» أو البليدين. كما ذكرت الوكالة أن روحانى وعد بأن تظل بلاده إلى جانب قطر «فى مواجهة الحظر الظالم»، فى إشارة إلى مقاطعة مصر، الإمارات، السعودية والبحرين، لتلك الدويلة على خلفية دعمها للإرهاب.
رسميًا، قيل إن الفتى ذهب إلى طهران، ليبحث مع مرشد الثورة الإيرانية، على خامنئى، والرئيس الإيرانى، حسن روحانى، العلاقات الثنائية بين البلدين، والعديد من الملفات، خاصة التطورات الأخيرة فى المنطقة. وفى المؤتمر الصحفى الذى انعقد، الأحد، أعلن روحانى أن طهران والدوحة اتخذتا قرارات «مهمة» لتعزيز العلاقات بينهما. أما المعضلة، فهى أننا لا نعرف بأى وجه، استقبل الفتى تميم إشارة خامنئى، خلال لقائه به، إلى أن «أمريكا وأصدقاءها هم المسئولون عن الوضع الذى تعيشه المنطقة»، وتأكيده أن الظروف الراهنة تحتاج أكثر من أى وقت مضى إلى «عدم التأثر بالإملاءات الأجنبية». لا نعرف كيف استقبل الفتى ذلك، لكن ما ذكرته وكالة الأنباء الإيرانية هو أنه شكر المرشد على «المساعدات والدعم والمواقف» التى قدمها لبلاده!.
قطر، بكل تأكيد بين أصدقاء أمريكا، الذين يقصدهم المرشد. وهى قطعًا الأكثر تأثرًا وامتثالًا للإملاءات الأجنبية، والأمريكية تحديدًا. ولعلك تتذكر أن مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكى، وجه الشكر لقطر فى حسابه على «تويتر»، عن «تضامنها فى وجه النفوذ الإيرانى الخبيث». كما سبق أن أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، أجرى اتصالًا تليفونيًا مع أمير قطر، وبحث معه الوضع فى المنطقة بعد ضربات إيران الصاروخية على القاعدتين العراقيتين. وطبقًا لبيان البيت الأبيض، فقد وجه ترامب الشكر لآل ثانى، إجمالًا، على مشاركة قطر «القوية» للولايات المتحدة فى مواجهة الخطر الإيرانى!.
مِن الفِراش الأمريكى الناعم، إلى الفراش التركى الأقل نعومة، إلى الفراش الإيرانى الخشن، تتنقل العائلة القطرية الضالة، بسهولة ويُسر. وكأى عاهرة محترفة، لا تعنيها نعومة أو خشونة الفراش، ولا تلتفت إلى علاقات الود أو الخصام بين من يشاركونها فيه، كما لا ترى مشكلة فى أن ترى علم الدويلة، التى تحكمها بالوكالة، فى أقدامهم، أو تحتها، باللون الأسود أو العنابى!.