رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فلما جاء.. كان أصدق مَن فينا


كلما شاهدت افتتاحًا لمشروع قومى، يفاجئنا به الرئيس عبدالفتاح السيسى، تأكد لدىّ أكثر من ذى قبل، أن الرجل كان صادقًا فى كل وعد قطعه على نفسه، من أجل النهوض بمصر من كبوتها، والدفع بها إلى ما يريد لها، ويريده شعبها، من تقدم ورفعة، تستهدف المواطن، فى يومه وغده، وتمسح عنه غبار ما لاقاه من أمسه.
كلما تأكدت من ذلك زاد يقينى، بأن الله يُعطى عباده بقدر إيمانهم بما يفعلون، وبقدر ما يبذلون من جهد مُخلص فيما يُنشئون.. والحمد لله الذى أمد فى عمرى حتى أرى تباشير الخير تأتى إلى بلدى، جزاءً لشعب صبر، وقيادة حكيمة، تحنو عليه، بيد لينة، قاسية على كل من يحاول النيل من مكتسباتهم، من خونة الداخل قبل أعداء الخارج.. ولأن كلماته كانت صادقة، فقد لامست، منذ بواكيرها الأولى، قلوب من يرى الصدق فى عين قائله، ويُدرك انتصاره لبلد لا بد أن يحظى بقدره، على يد أبنائه.. وقد رأيت أن محبة الرئيس وحدها لم تكن تكفى، ولم تعد تصلح، منفردة، للنهوض بهذا البلد، إلى حيث يُراد له، بل على الجميع التكاتف، والالتفاف حول الوطن والقائد معًا، بوعى وإدراك، ويقظة لكل المتربصين.. ولأن الذكرى تنفع المؤمنين، فقد عدت إلى مخزون ما سبق أن كتبته، لأذكر نفسى، وأدرك أن فعل الرئيس طابق قوله، بل سبق الفعل هذا القول، بدليل أن ما نشهده من افتتاحات لمشروعات قومية عملاقة، علمنا ببعضها خلال إنجازها، وفوجئنا بالعديد منها واقعًا على الأرض، دون طنطنة أو ضجيج.
فى الأول من فبراير ٢٠١٤، كتبت مقالًا بعنوان «قبل أن يأتى الرئيس»، رأيت أن نعيد قراءته، لعلنا نستعيد بعضًا مما كان علينا أن نعمل به، وأن نتخذه دستورًا لمسيرتنا، فى بناء مصر التى تمنيناها.. قلت: «هل تكفى محبة المصريين للمشير عبدالفتاح السيسى، وإيمانهم به زعيمًا لهذه البلاد، ورغبتهم الجارفة فى ترشحه رئيسًا لمصر فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، رهانًا للنهوض بالمحروسة وتجاوز أزمتها الحالية؟، بل والدفع بها إلى مصاف الدول المتقدمة التى يهنأ فيها المواطن برغد العيش والحياة الكريمة، وكل مؤشرات قياس أداء العمل والإنتاجية تشير إلى أن الوقت الفعلى لعمل الفرد المصرى لا تتجاوز دقائق، من معدل وقت عمل رسمى يتراوح بين سبع وثمانى ساعات فى اليوم؟».
سؤال حتمى، لا بد من مناقشته، على خلفية عدد من الحقائق.. أولًا: أن المشير السيسى لا يملك عصا سحرية، ستقلب الحال فى مصر إلى الأروع خلال أيام أو شهور، فى ظل معطيات متأزمة تحتاج صبرًا وعملًا، وإنما هو قائد يقود البلاد نحو العمل الجاد المخلص، يحتاج التفانى فيه من الجميع، بإنكار ذات وتجرد عن الهوى والأنانية.. وثانيًا: هل سنكون على قدر تحديات المرحلة المقبلة، ورهان السيسى على شعب سأله فى استفهام، يستفز فيه حماسة التقدم بهذه البلاد إلى الأمام، حينما قال: «هل ستبدأون يومكم فى الخامسة صباحًا، كما نفعل؟.. وهل سيشارك الغنى الفقير فى لقمة عيشه؟».. وكلها تساؤلات لا يمكن الإجابة عنها بدوافع عاطفية، ولكنها تحتاج تضافر الهمم والعمل المتفانى، من أجل أن يصل الجميع إلى بر الأمان، وتكشف مصر عن معدنها الحقيقى، كرمانة ميزان فى استقرار منطقة الشرق الأوسط، وقاطرة التقدم فيه.
المصريون هم من يرسمون مستقبلهم بأيديهم، وعليهم الاختيار بين العمل والإنتاج لتحقيق طفرة اقتصادية كبيرة فى بلادهم، وبين علو صوت المطالب الفئوية التى ستكون لها عواقب وخيمة، خاصة أن عجلة الإنتاج يمكنها العودة للدوران بقوة، فى ظل استقرار سياسى بعد استفتاء على الدستور، انحاز له المصريون بنسبة مذهلة، وانتخابات رئاسية على الأبواب، وأخرى برلمانية، ومعروف أن الاستقرار السياسى ضمانة للاستقرار الاقتصادى.. وقد كانت ثورة ٣٠ يونيو بداية التهيؤ للانطلاق على الطريق الصحيح، بالدعم الخليجى الذى عزز من تماسك الاقتصاد أمام التحديات التى تواجهنا، لكن ليس بالمساعدات تحيا الشعوب، لكنا نستهدف، فى العام الجديد، معدلات نمو عالية، تعزز من قدراتنا الاقتصادية، بمزيد من العمل والإنتاج، واستهداف معدلات تشغيل لمواجهة البطالة، وتوفير فرص عمل للشباب، وذلك لن يتم إلا بأيدى المصريين، شريطة أن يهدأ الشارع وأن تُحل الخلافات بطريقة حضارية، بعيدًا عن مظاهر العنف والإرهاب.
لقد شهد الاقتصاد المصرى خلال النصف الأول من العام الماضى «٢٠١٣» نزيفًا حادًا من الخسائر، غيرت ثورة ٣٠ يونيو من دفته إلى الاتجاه الصحيح، بعد أن بدأ العالم ينظر إلينا كقوة اقتصادية صاعدة، تدفعنا إلى العمل على إعادة البناء، بقدرة على مواجهة التحديات، بعد زوال حكم الإخوان، الذى كان يقود البلاد نحو الهاوية على جميع الأصعدة، وفى مقدمتها الاقتصاد، الذى شهد ارتفاعًا ملحوظًا فى معدلات الاقتراض الخارجى، وزيادة غير مسبوقة لحجم الدين الداخلى، مقارنة بالناتج المحلى الإجمالى.. ومع المبادرات التى تقودها دول كبرى لمساندة مصر اقتصاديًا، فإن الانطلاقة الحقيقية لمصر على مستوى المنطقة ستكون، بإذن الله، خلال عام ٢٠١٥.
نعود إلى ما بدأناه، من أن العواطف وحدها لا تحقق إنجازًا، بل العمل المتفانى والإنتاج المثمر هما ما يدفعان إلى الأمام، وتلك مسئولية الجميع.. وهنا لا بد من اتساق مخرجات المؤسسات التعليمية والتدريبية مع متطلبات سوق العمل، والتى شهدت تغيرًا ملحوظًا فى العقود الثلاثة الأخيرة، وثانيًا، تأمين فرص عمل لائقة للشباب المتعطل وتحقيق آليات متوازنة توفر الحماية للعاملين، مع دعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.. وثالثًا، وهو الأهم، فإن السعى للعمل والانكباب عليه، وإيمان الفرد بأنه شريك فى نجاح بلاده والنهوض بها، فى ظل تكافؤ الفرص الحقيقى، ضرورتان حتميتان، وإلا سنكون كمن يحرث فى البحر».. انتهى.
والآن، وبعد خمس سنوات، منذ تولى الرئيس السيسى الحكم، أثبتت الأيام، أنه كان أصدق مَن فينا، عمل لمصلحة الوطن وصالح المواطن، ورغم عظم ما تحقق على يديه، حتى الآن، وجعل من الله رقيبًا عليه فيما يفعله، قبل الإنسان، فإنه قال الأسبوع الماضى، خلال افتتاحه مشروع الإنتاج الحيوانى المتكامل، فى محافظة الفيوم، «إن ما بدأناه ما هو إلا خطوة على الطريق».. وأكد أن هذه المشروعات القومية هدفها الحفاظ على مصر من السقوط، وأن الحكومة تسعى لإيجاد فرص عمل من وراء هذه المشروعات، المتاحة لمشاركة القطاع الخاص.. وفى الوقت الذى أخلص فيه لمهمته، فقد تقاعس الكثيرون عن أداء ما عليهم، بل خان بعضهم الأمانة، بتقصيرهم عن فقدان كفاءة، أو بعمدهم النكوص إلى الوراء، وكانت أهم التحديات التى تواجه الرئيس فى المشروعات تكمن فى الإدارة واستباحة المال العام.. وهنا بيت القصيد، أو كما قال: «إن هناك ثقافة تشكلت على مدار السنوات الماضية، تتضمن أن المال العام مباح، وبالتالى فإن هناك حاجة للإدارة الجيدة»، ولكنه لم يفقد الصبر، ولم يعدم اليقين، فى أن التغيير الدائم، هو وسيلته للإصلاح المطلوب، لأنه لم يحمل على كتفيه فواتير واجبة الدفع لأحد، بل إن مصر عنده، هى صاحبة الحساب والأولى بالعتاب، وسيصل بها إلى بر الأمان.. هذا يقيننا.. حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.