رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تمكين المرأة فى منتدى مدينة السلام


لا شك فى أن وضع تمكين المرأة على أجندة منتدى شباب العالم بمدينة شرم الشيخ يعكس العزيمة والإرادة على المضى قدمًا فى مسيرة تقدمها فى مصر ومختلف دول العالم، كما أنه أيضًا يضع أيدينا على الصعاب والتحديات التى ما زالت أمامها، إنها عزيمة تبث فى نفوسنا الطمأنينة والأمل، وتؤكد أن عجلات الزمن لن تعود بالمرأة المصرية إلى الوراء أبدًا، وأننا ماضون فى مسيرة تقدم المجتمع من خلال تمكين المرأة فى الحوار والتفاعل بين شباب العالم.

إن هذا المنتدى، الذى يضم أكثر من ٧ آلاف من شباب وشابات العالم من ١٩٦ دولة يلتقون ويتحاورون فى قلب مدينة السلام بشرم الشيخ، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى، يعكس صورة حضارية لمصر الحاضر والمستقبل، التى يتلاقى فيها كل الشباب بمختلف توجهاتهم وجنسياتهم وطموحاتهم واختلافاتهم، وهو أيضًا وسيلة فعالة وآمنة للتطرق لأخطر القضايا وأهمها، وللحوار البناء والتفاعل بين الحضارات المختلفة بشكل سلمى، ولا شك فى أنه سيذيب الاختلافات، وهو أيضًا منبر لتبادل الأفكار والرؤى دون حواجز أو حسابات أو صراعات من أى نوع.
إن المنتدى أيضًا، وكما رأيناه، جسر مهم للتواصل بين شبابنا وشباب العالم، خاصة الذين لا تتيح لهم ظروفهم السفر إلى الخارج والاطلاع على تجارب العالم المختلفة، وهو منبر عالمى أتمنى أن يستمر بشكل دورى، لأنه إطلالة على تجارب عالمية تأتى إلينا على أرض بلدنا، ولا بد من أن ندرك أنه أيضًا دليل أمان مصر، ففى قلب مدينة السلام شاهد العالم أكبر منصة عالمية للشباب، وهو رسالة تؤكد أن مصر هى أرض السلام والأمان والمحبة، ويأتى المنتدى اتساقًا مع اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسى بالشباب وتمكينهم، حيث رأيناه لأول مرة فى تاريخ مصر يُعيِّن شبابًا نوابًا للمحافظين تمهيدًا لأن يتولوا أدوارهم القيادية بعد ذلك، وفى تأكيد على اهتمامه بالحوار مع الشباب والتفاعل معهم، فإن الرئيس قد افتتح وشارك فى المنتدى بنسخته الثالثة، ليؤكد أن مصر تسارع الخطى فى كل الاتجاهات لتحقيق الأمان والاستقرار والتفاعل مع العالم.
وفى نفس الوقت، تتجه لتحقيق التنمية المستدامة والتقدم والازدهار، صحيح أن هناك عددًا من المحاور المهمة التى تمت مناقشتها، إلا أن تمكين المرأة يحمل مغزى خاصًا، وهو أن التنمية والتقدم والأمان لا تحدث إلا بتمكين المرأة وتحسين أحوالها، اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا، بالإضافة إلى قضية تمكين المرأة فإنه قد نوقشت محاور مهمة ومتنوعة خلال المنتدى، منها مثلًا قضية التغيرات المناخية، التى لها تداعيات اقتصادية واجتماعية على الإنسانية، بل وانعكاسات على مستقبل الحياة فى الكرة الأرضية ودور الحكومات والمنظمات الدولية فى التعامل مع أخطار هذه المشكلة.
وأيضًا هناك قضايا التنمية المستدامة وفرص تحقيقها فى إفريقيا وسبل تمكين الشباب لتحقيقها فى هذه القارة، وكذلك موضوعات الإعمار فى الدول التى أنهكتها النزاعات، وكذلك كيفية مواجهة التحديات المختلفة والمتصلة بالعمل الإبداعى فى ظل التطور التكنولوجى واستخدام التكنولوجيا فى إثراء العمل الإبداعى.
كما نوقشت القضايا التى تهدد السلام العالمى، مثل الإرهاب والنزاعات المسلحة ودور المنظمات الإقليمية فى صيانة الأمن والسلام الدوليين، كما طرحت أيضًا جلسة لتوضيح مفهوم الثورة الصناعية الرابعة، وطرحت أيضًا سبل مكافحة التطرف والتصدى لخطاب الكراهية والعنف المتزايد على وسائل التواصل الاجتماعى، كما تناول المنتدى أيضًا تأثير التواصل الاجتماعى ومنصات الإنترنت على الفرد والمجتمع، وكيفية تلافى تأثيراتها السلبية وضمان خصوصية المستخدم وانعكاسات تزييف الحقائق الاجتماعية والاقتصادية، كما طرح أيضًا موضوعات مهمة، مثل الأمن الغذائى فى إفريقيا والتعاون فى مجال الطاقة وطرق التنسيق بين دول المتوسط فى هذا المجال، وأيضًا مناقشة كيفية مواجهة التحديات الخاصة بالهجرة غير الشرعية وانعقاد نموذج محاكاة الاتحاد من أجل المتوسط.
كما كان هناك محور فى غاية الأهمية، يمكن أن يكون جسرًا للتواصل والحوار المستمر مع شباب العالم، وأقصد به محور الفنون وقضايا الإنسانية، الذى يهدف إلى كيفية استخدام الفنون كأداة لنشر ثقافة الوسطية ومحاربة الأفكار المتطرفة فى ظل العولمة، وهذه المحاور يمكن أن تكون موضوعات فعالة لمنتدى مقبل بإذن الله تعالى، خاصة فى ظل ثورة الاتصالات والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى، واستخدامات التكنولوجيا الحديثة للنشء والشباب، وهذه جميعها ذات تبعات إيجابية وسلبية وأخطار ينبغى التنبه لها، لأنها- حقيقة- تستحق المناقشة باستفاضة.
والحقيقة أننى أتوقف بشكل خاص أمام مشهد إنسانى، كان له تأثير كبير على مشاعرنا، وأقصد به كلمة الطفل زين، الذى حارب مرض السرطان الخطير بمساعدة أسرته، والذى تحدث بلغة إنجليزية سليمة وبلكنة صحيحة أبهرت الحضور بابتسامته وعزيمته، فدخل قلب كل من شاهده وسمعه، وقام الرئيس السيسى بلفتة إنسانية جميلة حينما صعد لمصافحته، وذلك لأن «زين» قدّم نموذجًا رائعًا فى الصمود والتحدى أمام المرض اللعين والتصدى للصعب، لكن «زين» لم يكن وحده، فلقد رأينا والدته بين الحضور، والتى تجسد الأم المصرية الحنونة والمثابرة والصابرة، إنها أيضًا رمز للصمود والأمومة فى أبدع صورها، فهى التى بثت فى ابنها القوة والأمل والمقاومة فى مواجهة أعتى الصعاب. إن والدة الطفل «زين» نموذج للمرأة المصرية التى تستحق عظيم الاحترام والتقدير والتحية، وغيرها ملايين المصريات اللاتى تستحق كل منهن الدعم والرعاية وكامل الاحترام والاستمرار فى مسيرة تمكين المرأة المصرية، لتحقيق التنمية والازدهار والتقدم لمصر.