رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الليبيون يستردون عاصمتهم



معركة مصيرية يخوضها، الآن، الجيش الوطنى الليبى للسيطرة على طرابلس، قد تظهر نتائجها، خلال ثلاثة أسابيع، وربما أكثر. أما المؤكد فهو أنه لو لم يتم القضاء على الميليشيات الإرهابية، المدعومة من تركيا وقطر ودول أخرى، فإن الوضع فى ليبيا سيستمر فى التدهور.
مساء الخميس، أعلن المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطنى الليبى، عن إطلاق «معركة حاسمة» للسيطرة على العاصمة الليبية التى «أصبحت وكرًا للمجرمين، الذين يستضعفون فيها الأهالى بقوة السلاح، منذ أن صارت مؤسسات الدولة فيها أداتهم لنهب ثروات الليبيين، جهارًا نهارًا، وعلى رءوس الأشهاد، ومنذ تنصيب العملاء من الخونة الطامعين لينفذوا أوامر أسيادهم، ليضيع الوطن وهم أذلاء صاغرون».
الجيش الوطنى الليبى «منتصر لا محالة»، كما نتمنى، وكما أكد المشير خليفة حفتر. غير أن مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكى، يرى غير ذلك. وفى مؤتمر صحفى عقده، صباح الأربعاء، قال إنه تحدث فى الشأن الليبى مع نظيره الروسى سيرجى لافروف، خلال زيارة الأخير إلى واشنطن، وأكد له أن «الحل السياسى هو الوحيد لتجنب العنف فى ليبيا» بزعم أنه «لا توجد قدرة لأى من القوات المتنافسة هناك على حل الخلاف بطريقة يحققون فيها نصرًا عسكريًا».
مزاعم وزير الخارجية الأمريكى أو توقعاته أو رهاناته، تستند إلى أن الجيش الوطنى الليبى لا يقاتل فقط الميليشيات الإرهابية، بل يقاتل معها تركيا وقطر وغيرهما من الدول التى أوضحنا مرارًا أنها حريصة على عدم وجود سلطة مركزية موحدة، وعلى إطالة أمد الصراع حتى تتمكن من نهب ما تبقى من ثروات الشعب الليبى. لكن توقعات أو رهانات بومبيو ستخيب، غالبًا، بعد أن اتفقت ليبيا واليونان ودول أخرى صديقة، على سدّ الممرات البحرية أمام السفن التركية.
الدور التركى القطرى التخريبى فى العديد من الملفات الإقليمية والدولية، تم توثيقه فى تقرير أصدرته «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات»، منذ أيام، جاء فيه أن ليبيا كانت واحدة من أولى ساحات المعارك التى ظهر فيها دعم التحالف القطرى التركى للميليشيات المتطرفة. وأوضح أنه «حين بدأ الصراع فى ٢٠١١، أصبحت قطر أول دولة تعترف رسميًا بمتمردى ليبيا، كما أنها أرسلت المئات من قواتها لدعمهم». وأكد أن «الدور القطرى كان كبيرًا لدرجة أن الليبيين فى بعض المناطق كانوا يرفعون العلم القطرى».
مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، يقع مقرها فى واشنطن، ولا تقبل تمويلًا من جهات أجنبية. ولو تشككت فى تقريرها، فإنك ستتراجع قليلًا أو كثيرًا لو وجدت معلومات شبيهة فى تقرير أصدرته الأمم المتحدة، الثلاثاء الماضى. وقد تتراجع أكثر لو عرفت أن فريقًا من الخبراء التابعين للمنظمة الدولية، سبق أن اتهم تركيا بتسليم أسلحة إلى ما يوصف بتحالف فجر ليبيا، وهو تكتل لميليشيات إرهابية مرتبطة بجماعة الإخوان فى ليبيا. كما اتهم الفريق الأممى قطر، أيضًا، بإرسال أسلحة وأموال إلى المتطرفين. وقبل ذلك كله، ذكر تقرير أصدرته الأمم المتحدة، فى مارس ٢٠١٣، أن تركيا وقطر انتهكتا القرار الأممى بحظر إرسال الأسلحة إلى ليبيا.
أيضًا، فى أكثر من مناسبة وفى سياقات مختلفة، أكد الجيش الوطنى الليبى، أنه يقاتل جماعات إرهابية وإجرامية مدعومة من تركيا وقطر، خلال حربه مع ميليشيات متطرفة فى العاصمة الليبية. والأربعاء الماضى، قال اللواء أحمد المسمارى، المتحدث باسم الجيش الوطنى الليبى، فى حوار مع «سكاى نيوز عربية»، إنه سبق أن «واجه القوات التركية على الأرض». وطمأننا بأن الجيش الوطنى «لديه كل القدرات للتصدى لأى عدوان تركى، وردع أى معتدٍ على قوت الشعب الليبى».
لعلك لاحظت أننا لم نلتفت إلى تلك الأوراق التى قام بالتوقيع عليها الرئيس التركى، أواخر الشهر الماضى، مع عميله فايز السراج. وسبب ذلك هو أنها لم تكن غير تحصيل حاصل، أو مجرد إعلان عن وضع قائم بالفعل، فالثابت هو أن «التعاون العسكرى بين حكومة الوفاق المفروضة على الشعب الليبى، التى لم يعتمدها مجلس النواب الليبى، ولم يحلف رئيسها وأعضاؤها اليمين الدستورية، لا يحتاج إلى مذكرة تفاهم، فهو قائم بطريقة غير قانونية». وما بين التنصيص ننقله من خطاب وجهه المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبى، إلى أحمد أبوالغيط، أمين عام جامعة الدول العربية، نتفق تمامًا مع كل ما جاء فيه.
خطاب رئيس مجلس النواب الليبى، نشره المجلس عبر موقعه الإلكترونى الرسمى، ولا نرى سببًا منطقيًا لعدم استجابة الجامعة العربية للمطالب التى تضمنها، وأبرزها وأبسطها سحب اعتماد حكومة الوفاق، وإنهاء شغلها لمقعد ليبيا فى الجامعة، والاعتراف فى المقابل بمجلس النواب، بصفته الجسم الشرعى الوحيد فى ليبيا.