رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شوال الفئران



يحكى أنه كان هناك مهندس زراعى يعمل فى إحدى قرى صعيد مصر، وأراد يومًا أن يعود لزيارة أهله المقيمين بالقاهرة، فذهب إلى محطة القطار وركب بجانب فلاح كبير السن من القرية، وقد لاحظ المهندس وجود شوال كبير من الكتان مع الفلاح يضعه بين رجليه.
بدأ القطار فى التحرك، وكان الفلاح كل ربع ساعة يقوم بتقليب محتويات الكيس وخلطها معًا، وبعد ذلك يقوم بتثبيته بين قدميه من جديد ويرتاح، استمر الفلاح على هذه الحال طوال الطريق، وكان المهندس الزراعى يتابع ما يفعله الفلاح فى تعجب وحيرة شديدة، حتى زادت حيرته، فما لبث أن التفت إليه وسأله: من أنت وماذا تفعل؟ وما قصة هذا الكيس العجيب؟
ابتسم الفلاح وقال له: أنا أعمل باصطياد الفئران لأقوم ببيعها لأحدث مراكز الأبحاث العلمية بالقاهرة، الذى يقوم بإجراء التجارب عليها، وهذا الكيس ملىء بالفئران، فازداد تعجب المهندس وسأله: ولماذا إذن تقوم بتقليب وهز الكيس كل فترة؟ فرد الفلاح ببساطة: لأنى لو تركتها فترة دون هز وتقليب سوف ترتاح، وينسى كل منها باقى من حوله، وسيبدأ بقضم الكيس حتى يصنع به خرقًا، وحينها ستكون كارثة، ولكنى عندما أقوم بتقليب الكيس، فإنها تبدأ فى العراك والقتال وتختلف فيما بينها، وبالتالى تغفل عن قضم الشوال، وهكذا أصل إلى مركز البحوث بالقاهرة بأمان وسلام.
ذكرتنى هذه القصة بسياسة بعض الدول وبعض المسئولين الفاسدين الذين لا يريدون لنا السلام والاستقرار، والذين لا يريدون لنا الانتباه إلى ما يفعلونه، فكثيرًا ما يختلقون الأزمات والشعارات الكاذبة ليشغلوا الشعوب عن أعمالهم وفسادهم، وتظل الشعوب دائمًا تلهث وراء لقمة العيش، حال الكثير من الشعوب الآن كحال الفئران فى الشوال، ينشغلون بالعراك فيما بينهم ويتركون الكفاح للخروج من الأزمة، وينسون من خلق الأزمة عن عمد وقصد.
إننا نحتاج إلى يقظة ووعى حتى لا نقبل مؤامرة من يتآمر علينا، سواء فى الداخل أو الخارج. فالعاقل هو من يتنبه لما يحاك ضده، وهو الذى يعمل لصالح وطنه ومجتمعه.