رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قمة إرهابية مصغرة!



ما الهواجس والمشاكل المشتركة بين ماليزيا، تركيا، إندونيسيا، باكستان وقطر؟!
مهاتير «محاضر» محمد، رئيس الوزراء الماليزى الذى سيزور الدوحة منتصف الشهر الجارى، أعلن منذ أيام عن استضافة بلاده قمة إسلامية مصغرة تضم الدول الخمس، خلال الفترة من ١٨ إلى ٢١ ديسمبر، زاعمًا أنها تشكل نواة لبداية تعاون إسلامى أوسع يشمل مجالات عدة تواجه العالم الإسلامى، مثل التنمية الاقتصادية والدفاع والحفاظ على السيادة وقيم الثقافة والحرية والعدالة، إضافة إلى مواكبة التكنولوجيا الحديثة.
اختار مهاتير محمد «شبكة الجزيرة» راعيًا رسميًا لتلك القمة. وردًا على سؤال لها، قال إن «قمة كوالالمبور» سوف تبحث استراتيجية جديدة لمواجهة القضايا التى تواجه العالم الإسلامى، بما فى ذلك أسباب عدم قدرته عل وضع حد للعدوان الإسرائيلى المتواصل على الشعب الفلسطينى. وقطعًا ستضحك، حين تجد الإرهابى محمد الصغير، مستشار وزير أوقاف الإخوان، يصف فى مقال نشره موقع «الجزيرة. نت»، إندونيسيا بأنها أكبر البلاد الإسلامية عددًا، وباكستان بالدولة الإسلامية الوحيدة التى تمتلك سلاحًا نوويًا، وتركيا بأنها صاحبة أعلى معدلات للنمو الاقتصادى، والأولى أوروبيًا والسابعة عالميًا فى الإنتاج الزراعى، وجيشها ضمن أقوى عشرة جيوش بالعالم، أما قطر فقال إنها الممثلة الوحيدة للأمة العربية بما لديها من قوة مالية وناعمة!.
تلبية لدعوة الرئيس التركى، زار مهاتير محمد أنقرة أواخر يوليو الماضى. وخلال مؤتمر صحفى جمعهما، أعرب رئيس الوزراء الماليزى عن ثقته فى أن تعاون بلاده مع ماليزيا وتركيا وباكستان «سينقذ الأمة الإسلامية من الضغوط التى تتعرض لها» وسيواجه التحديات التى تواجه الدول الإسلامية إجمالًا، التى شدد على ضرورة العمل على استقلالها. وقال إنه «عبر توحيد عقولنا وقدراتنا، يمكننا النهوض بالحضارة الإسلامية العظيمة التى كانت موجودة يومًا ما». ورأى أنه ينبغى على تركيا أن تسعى إلى تحقيق هذا الهدف.
بعد توليه رئاسة الوزراء لخمس فترات متعاقبة، تقاعد مهاتير محمد سنة ٢٠٠٣، قبل أن يعود مجددًا فى يناير ٢٠١٨، ويفوز بالمنصب، وهو فى الثالثة والتسعين. ووقتها وعد بأن يسلم السلطة بعد سنتين، إلى الشخص نفسه الذى سبق أن وصفه بأنه «لوطى» فاسد: أنور إبراهيم، الذى كان نائبًا له، حين تم سجنه سنة ١٩٩٨ وخرج فى ٢٠٠٤. وفى ديسمبر ٢٠٠٩ تمت محاكمته مرة ثانية، بالتهمة نفسها، تهمة «الشذوذ الجنسى»، وبعد صدور الحكم ببراءته سنة ٢٠١٢، طعنت الحكومة، وأدين فى فبراير ٢٠١٥ بالسجن لمدة خمس سنوات. وبموجب صفقة دعا أنصاره إلى التصويت لصالح مهاتير محمد، الذى رد الجميل، واستصدر أمرًا بالعفو عنه.
قيل إن السبب الأساسى أو الفعلى لسجن أنور إبراهيم هو احتفاظه بوثائق تدين مهاتير محمد، وتؤكد مساعدته لأولاده وأقربائه وأتباعه وأصدقائه. وتلك كانت رواية أنور إبراهيم نفسه: شعر مهاتير أننى لو جئت إلى الحكم سأكون خطرًا عليه وعلى الفساد الذى تورط فيه، وعندما رأيت أن الفساد مستشر والأمور تسير من سيئ إلى أسوأ، أردت إنقاذ ماليزيا من هذا المصير الأسود، فحاولت استصدار قانون ضد الفساد، لكن أولاد مهاتير والوزراء والمنتفعين من الحزب حذروه بشدة من هذا القانون، لأنهم سيذهبون إلى السجن لو تم تطبيقه عليهم.
باكستان إحدى أهم الدول الراعية للإرهاب، وكانت واحدة من ثلاث دول اعترفت بنظام «طالبان» حين استولى على حكم أفغانستان بين ١٩٩٦ و٢٠٠١، والطريف أنها تلعب، الآن، مع قطر دورًا كبيرًا فى المفاوضات التى جرت منذ سنة، وتجددت منذ أيام بين واشنطن والحركة الإرهابية. ونشير بالمرة إلى أن الحكومة الباكستانية، استقبلت، فى ٣ أكتوبر الماضى، مجموعة من مسئولى الحركة، أبرزهم «الملا» عبدالله غنى بارادار الذى أمضى ثمانى سنوات فى السجون الباكستانية. وكان لافتًا أن تنشر صحف حكومية باكستانية صورة يقوم فيها شاه محمود قرشى، وزير الخارجية، بمعانقة «بارادار». وطبقًا للبيان الذى أصدرته الوزارة، فقد التقى «الملا بارادار» والوفد المرافق له، أيضًا، الجنرال فايز حميد، رئيس وكالة المخابرات العسكرية الباكستانية، التى تتهمها دول عديدة، بينها الولايات المتحدة وأفغانستان والهند، بدعم الإرهابيين.
البحث عن مأوى للإرهابيين هو قطعًا، أبرز الهواجس والمشاكل المشتركة بين الدول الخمس. وطبعًا، سيكون على رأس جدول أعمال «قمة كوالالمبور ٢٠١٩»، بسبب عدم قدرة الدوحة على استبقائهم فيها وضيق أنقرة بمن لديها. وما قد يرجح ذلك، هو تأكيد موقع «قطريليكس» على أن أمير قطر، تميم بن حمد، يدرس ترحيل أعضاء جماعة الإخوان المتواجدين داخل بلاده، إلى دولة بشرق آسيا. وطبقًا لما ذكره الموقع، التابع للمعارضة القطرية، فإن الفتى تميم ناقش هذا الأمر مع الرئيس التركى، خلال زيارة الأخير إلى الدوحة.