رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مفيد فوزي.. شىء من البارانويا


عقدة الاضطهاد، جنون الارتياب، الذهان الكبريائى أو البارانويا، Paranoia، مرض أو اضطراب نفسى يؤدى إلى اعتقاد المريض بأنه يتعرض للاضطهاد والتهديد والملاحقة، ويقوم بتفسير أى سلوك بما يتسق مع هذا الاعتقاد. ولا تفسير غير إصابة الأستاذ مفيد فوزى بـ«شىء من البارانويا»، يبرر اعتقاده بأن هناك أشباحًا سيادية، أو مخابراتية، تطارده وتمنعه من الظهور التليفزيونى، وقامت بتخفيض أجره إلى النصف!.

من أعراض إصابته بهذا المرض، أنه لا يكف عن مضغ لبانة أن ما وصفه بـ«النظام الشمولى» فصله من العمل. لكن الجديد فى مقاله الأحدث، أنه حدد المدة بـ«٩ أشهر كاملة»، مع أنها كانت ١٤ شهرًا، حين حلّ ضيفًا على برنامج «مش ممنوع»، فى يوليو الماضى. ولعل محاور وزراء الداخلية الأشهر يعرف أن جهات التحقيق تكرر طرح السؤال على المتهم بصياغات مختلفة، وتعرف أنه يكذب لو اختلفت الإجابات. والطريف أنه فى ذلك الحوار التليفزيونى، أقر بأن صلاح نصر هو الذى تدخل لحل مشكلته. ما يؤكد رواية الدكتور هشام عيسى، الطبيب الخاص لعبدالحليم حافظ، التى نفهم منها أن مدة فصله المزعوم، كانت ٩ أو ١٤ ساعة!.
فى كتاب «حليم وأنا»، الصادر عن «دار الشروق»، سنة ٢٠١٠، ستجد أن القصة بدأت وانتهت كالتالى: «فى أحد أيام شهر أكتوبر سنة ١٩٦٤ وعلى التحديد يوم الثانى عشر، صدر قرار بفصل الإعلامى المعروف مفيد فوزى من (مجلة) صباح الخير وأبلغه رئيس مجلس الإدارة حينذاك السيد أحمد فؤاد بأن هذا القرار صادر من جهة أمنية، وكان مفيد فوزى يرتبط بصداقة عميقة مع حليم، وخطر بباله أن يذهب إليه. دخل إليه وأيقظه من نومه وأبلغه ما حدث. لم يتوان حليم وارتدى ملابسه وصحب مفيد إلى حيث المخابرات العامة ليقابل مديرها صلاح نصر. وهناك روجع القرار وتبين أنه يفتقر إلى مبرر جدى فرجع مفيد إلى عمله».
فى مقال سابق سأل الأستاذ مفيد عمن يدير ملف الإعلام: «من هو مستر x؟»، وبلا مواربة طالب بتصنيف زملائه: «هذا وطنى وهذا غير وطنى وهذا سلفى وهذا متآمر وهذا عميل وهذا ضعيف الانتماء وهذا إخوانى لابد فى الدرة». ونصح «الأشباح» بأن تتعامل «مع الموثوق فيهم ولكن مع الخبرات المتراكمة وليس مع شباب الهواة».
لا يعترض الأستاذ مفيد، إذن، على تقديم أهل الثقة. فقط، يغضبه أن يتم تجاهل أصحاب «الخبرات المتراكمة». من الآخر، يغضبه أن يكون بعيدًا عن دائرة الأشباح التى لا وجود لها إلا فى رأسه. والشىء نفسه كرره فى مقاله الأحدث الذى تحدث فيه عن «خبراته»، التى «يجب الاستفادة منها»، قبل أن يطرح، بعد سؤال تخفيض الأجور، عدة أسئلة أبرزها «لماذا شباب غير مؤهل يخاطب الناس؟»، زاعمًا أنه ليس ضد شباب بلده الموهوب، ولكنه يرفض «القرابة» فى العمل الإعلامى، ويرفض أن تقوم «شابة حلوة فارعة» بمخاطبة المصريين.
نترك لك الحكم على مستوى تأهيل وأهلية الشباب الذين تراهم على شاشات القنوات المختلفة، حكومية أو خاصة. وننتظر أن يكشف المذكور عن أسماء من استفادوا بـ«القرابة» أو بغيرها. وطبعًا، باب التخمينات مفتوح لاستنتاج اسم الشابة الحلوة الفارعة التى يقصدها. وفى كل الأحوال، فإنك لن تجد غير «البارانويا» تشخيصًا لحالة مَن يصف نفسه بأنه «المذيع المتمكن الموهوب».. وبأنه.. وبأنه.. مستشهدًا بحوار أجراه مع «كرسى المحافظ»، وبلقاء مع أطول فنانة فى مصر «مديحة يسرى» وقزم «صالح عيد»!.
الأستاذ مفيد طالب «الأشباح» بألا تعيد ما وصفه بـ«خطأ عبدالناصر»، بزعم أن «النظام الشمولى» حرص على شاشة واحدة، فهرع الناس «إلى شاشات أخرى معادية بحثًا عن الحقيقة». فى حين يقول الواقع إن مصر لم يكن بها، إلى ما بعد وفاة السادات، غير قناتين تليفزيونيتين حكوميتين. ولم تكن هناك أى وسيلة يستطيع بها المصريون مشاهدة أى شاشات معادية أو صديقة، إلا مع ظهور الأطباق اللاقطة، الستالايت أو الدش، منتصف التسعينيات تقريبًا.
المقال المنشور، السبت، فى جريدة صلاح دياب، عنوانه «شىء من الخوف» وهو، كما تعرف، عنوان رواية تافهة للمرحوم ثروت أباظة تحولت إلى فيلم سينمائى لطيف بسيناريو صبرى عزت وحوار عبدالرحمن الأبنودى، قيل إنه ينتقد عبدالناصر ورجال ثورة يوليو. ومن المقال ستعرف أن الأستاذ مفيد يعتريه «شىء من الخوف» عندما يبوح بكل ما يريد لإعلام بلده. مع أنه، هو نفسه، كتب فى ١٩ أكتوبر الماضى: «أنْ تعيش والخوف بداخلك- فى زمن ما عاد لزوار الفجر ممارسة نشاطهم- يصبح رأسك تسكنه الأشباح». ولأن مَن تسكن الأشباح رءوسهم هم المصابون بالبارانويا، أو بشىء منها، ننصح الأستاذ مفيد بالتوجه إلى طبيب نفسى. مش غلط.. ولا عيب!.