رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المكتبات العامة




أصبحت مشكلة المكتبات العامة مشكلة شائكة لا تقف عند الهيئة العامة لقصور الثقافة وحدها، بل هناك جهات أخرى أخذت على عاتقها إهدار تلك الثروة القومية ومنها وزارتا الثقافة والمالية والمحافظات المعنية ومجالس المدن، فقد تردت حال المكتبات فى الأقاليم إلى درجة يصعب تداركها.
كانت فى مدينتنا البسيطة فى وسط الصعيد مكتبتان عامتان: الأولى تابعة لقصر الثقافة، وكانت المكتبة عامرة بالكتب فيها مجموعات من أمهات الكتب على رأسها الأغانى لأبى الفرج الأصفهانى وكتب الجاحظ وبعض روائع الأدب العربى الحديث ومجموعات هائلة من الروايات من عيون الأدب العالمى، بالإضافة إلى الكتب التاريخية وكتب أدب الرحلات وركن كامل للأطفال، وأصبحت المكتبة العامرة حبيسة الكراتين والصناديق ترقد مربوطة بالحبال فى مطبخ شقة فى المساكن الشعبية مخصصة كقصر للثقافة، وأصبحت تلك الكتب غير صالحة للقراءة، وحلت محلها مكتبة أخرى كتبها حديثة، وتخلو من عيون الأدب العربى، مع أن المكتبة تلقى إقبالًا هائلًا من تلاميذ المدارس، ولكن لا يجد فيها القارئ العادى ما يطلبه.
أما المكتبة الثانية فهى تابعة لمجلس المدينة وفيها مجموعة ضخمة من الكتب العربية والمعاجم وكتب الرحلات، ومجموعة نادرة من الكتب وعدد من المخطوطات، تلك المكتبة كانت مزدحمة بالرواد من جميع الأعمار، وكانت بمثابة جامعة تعلمنا فيها وتدخلت البيروقراطية وعدم الاهتمام، مما جعل مصير تلك المكتبة مماثلًا لمصير مكتبة قصر الثقافة، وأصبحت رهينة الحبس فى الكراتين والصناديق فى غرفة ضيقة بالجمعية الخيرية الإسلامية، ونسى الجميع أنه كانت فيها مكتبة عامرة بالكتب النادرة وأخشى أن تكون قد تبددت كتبها وشملها الضياع والتلف، وهى كتب لا تقدر بثمن. الحق أننا حاولنا مرارًا كأعضاء نادى الأدب مع رؤساء المدن المتعاقبين على مدينة ديروط لأجل أن يهتموا بكتب تلك المكتبات، ولكن دون جدوى، فرؤساء المدن تشغلهم النظافة وإزالة مخلفات البناء وتجميل المدن بالتراب والزبالة، كما قابلنا السادة أعضاء المجالس المحلية قبل أن يتم حلها أثناء ثورة يناير ٢٠١١ ولم تزد المقابلة على المجاملات والوعد بالخير، وعرفنا أنه للأسف لا توجد أمانة ثقافية لتلك المجالس بالمعنى المفهوم، ولكنها اللجنة الإعلامية والتى لا يشغلها إلا الظهور فى قناة الصعيد وإذاعة الصعيد فقط، وهذا أمر أغفله قانون المجالس المحلية.
وفى لقاء لنا مع محافظ أسيوط عام ٢٠١٠ ناشدناه أن يرفع الحجز عن مكتبة البلدية، ويأمر بفك قيود مكتبة قصر الثقافة ويحررها من صناديقها، وإعادتها إلى رفوفها ليستفيد منها القراء والمثقفون، غير أن الرجل كانت له مهام أخرى كرس نفسه لها، لم تكن الثقافة من بينها وليته أفلح فى مهامه الأخرى.
من خلال مقالى أناشد السيدة وزيرة الثقافة، ونحن نعلم حرصها على النهوض بالكتب، وجهودها لنشر الثقافة، أن تزود مكتبة قصر الثقافة بكتب جديدة وعريقة من إصدارات المجلس الأعلى للثقافة والمركز القومى للترجمة ومكتبة الأسرة ومخازن الهيئة العامة لقصور الثقافة والهيئة العامة للكتاب العامرة بالكتب، وأن تخصص ميزانية لتمويل وتغذية المكتبة بالكتب الحديثة من دور النشر المختلفة.
كما نناشد محافظ أسيوط الحالى- وأنا أعلم أنه يميل إلى الثقافة والمثقفين، ويعقد اللقاءات معهم، ولن يبخل على مدينتنا بوسط الصعيد العريقة وعموم المثقفين فيها- إحياء مكتبة البلدية، أو على الأقل فك قيود الكتب المكدسة فى الجمعية الخيرية الإسلامية، ومكتبة قصر الثقافة وتمويلها، وتزويدها بأجهزة كمبيوتر لمواكبة الكتب الإلكترونية وتوفيرها. وهناك أماكن كثيرة تصلح لاستقبال تلك الكتب، ليتمكن الجمهور من الاستفادة، ومنها بالطبع الجمعيات الأهلية التى تمتلئ بها مدينتنا، خصوصًا أن بها أعدادًا كثيرة من المثقفين، الذين يسعدهم قرار المحافظ لو تم. وإننا كمجموعة من المثقفين فى المدينة نتمنى أن نرى مكتباتها قد عادت إلى سابق عهدها بالكتب المفيدة.