رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الزمالك.. متغيرات المكان وتحولات التاريخ «2-2»


رأينا فى المقال السابق نشأة منطقة الزمالك كثمرة لتحولات النيل وفيضانه، كما رصدنا بعض المحطات الرئيسية فى بدايات العمران فيه. ومن المنشآت المهمة التى أثرت على سرعة العمران فى المنطقة إنشاء حديقة الأسماك فى عام ١٨٦٧، أى فى عهد الخديو إسماعيل، هذه الحديقة التى تم تجديدها فى عام ١٩٠١، كما تم إنشاء أول مسجد فى الزمالك- الذى عُرف بمسجد الزمالك- فى عام ١٨٧٦، والجدير بالذكر أن هذا المسجد تصدع وأُعيد بناؤه من جديد فى عام ١٩٤٦، وهو المسجد الموجود الآن تحت كوبرى ٦ أكتوبر، وفى مايو ١٨٩٧ أُنشئت حديقة الأندلس.
ويرى فتحى حافظ الحديدى أن العامل الحاسم فى تعمير الزمالك- لا سيما الجزء الشمالى منها- هو افتتاح كوبرى أبوالعلا وأيضًا كوبرى الزمالك فى عام ١٩١٢. وفى نفس العام تم شق خط الترام فى قلب الزمالك، وهو الخط الذى يمر من كوبرى أبوالعلا وصولًا إلى كوبرى الزمالك، الذى ربط الزمالك ببقية أنحاء العاصمة.
ومن المنشآت المهمة فى الزمالك أيضًا كازينو الجزيرة الذى تم افتتاحه مسرحًا للتمثيل والغناء فى عام ١٩٠٢، وفى العام التالى افتُتِحَ المستشفى الشهير- الموجود حتى الآن- مستشفى «الأنجلو- أمريكان»، ومن الجدير بالذكر أن اللورد كرومر- المعتمد البريطانى فى مصر آنذاك- شارك فى افتتاحه، وفى عام ١٩٠٧ تم إنشاء النادى الأهلى للألعاب الرياضية فى منطقة الجزيرة.
وفى عام ١٩٣٨ تم الاحتفال بنصب تمثال الزعيم سعد زغلول، الذى قام بنحته المثَّال المصرى الشهير «محمود مختار» على رأس الجزيرة، وفى عام ١٩٦٠ تم وضع حجر الأساس لمستشفى المعلمين فى الجزيرة، وفى نفس العام تم إنشاء متحف محمود مختار- ولكن تم الافتتاح فى عام ١٩٦٢- وفى عام ١٩٦١ تم إنشاء برج القاهرة الشهير فى منطقة الجزيرة.
ومن اللحظات المهمة والمثيرة للجدل فى تاريخ عمران الزمالك، إنشاء الكوبرى العلوى الذى أُطلق عليه ١٥ مايو، واتبع الكوبرى نفس المسار القديم الذى كان يربط كوبرى أبوالعلا بكوبرى الزمالك، وتم إنشاء الكوبرى على مراحل، حيث افتُتِحت المرحلة الأولى منه فى عام ١٩٨٢، واكتمل البناء فى عام ٢٠٠١ واتصل بكوبرى ٦ أكتوبر.
ويرى مؤرخ القاهرة «آندريه ريمون» أن إنشاء كوبرى ١٥ مايو قد شوَّه حى الزمالك: «الزمالك حيًّا جميلًا أُصيب بالتشويه بسبب عبور طريق علوى للسيارات السريعة من فوقه. وفى هذا الحى أيضًا تتخلى القصور القديمة والفيلات الجميلة، التى تشغلها السفارات فى كثير من الأحيان، عن مكانها للعمارات المرتفعة والفنادق!».
ومن المثير تتبع تطور الحالة الإدارية لحى للزمالك وتغيره على مر العصور، إذ كان الزمالك يتبع مديرية الجيزة حتى عام ١٩٣١، حينما تم تغيير تبعيته إلى محافظة القاهرة وقسم عابدين على وجه الخصوص، وفى عام ١٩٦٠ تغير وضع الزمالك وأصبح يتبع قسم قصر النيل، ثم حدث التطور الكبير فى تاريخه فى عام ١٩٨٤ حيث أصبح قسمًا مستقلًا من أقسام محافظة القاهرة.
ويمر الزمالك بلحظة مفصلية فى تاريخه الآن، وهى دخول مترو الأنفاق إليه، ويرفض معظم سكان الزمالك هذا الوضع، ويرى البعض أن هذه الخطوة ستكون نهاية للحى الهادئ القديم، ويرى البعض الآخر أن دخول المترو هو تطور طبيعى لاندماج الزمالك فى العاصمة.
ولا يزال الجدل دائرًا حول هذا الحى المثير العجيب.