رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البغدادى.. والعثمانلى



ظل أبوبكر البغدادى، زعيم تنظيم «داعش» الإرهابى، مختبئًا طوال السنوات الخمس الماضية، وظلّوا يزعمون أن مكان اختبائه غير معلوم. ثم اتضح، مع إعلان خبر مقتله، أنه كان ينعم بحماية الإرهابى الأكبر، رجب طيب أردوغان، فى إحدى مناطق محافظة «إدلب» السورية، الواقعة تحت سيطرة الجيش التركى.
بعد سلسلة من الأخبار والتسريبات التشويقية، أعلن الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، فى مؤتمر صحفى عقده فى البيت الأبيض، صباح الأحد، أن قوة أمريكية خاصة استهدفت، ليلة السبت، مكان اختباء زعيم التنظيم الإرهابى وعددًا من مساعديه، فى غارة ليلية شاركت بها ٨ طائرات هليكوبتر. وأوضح أنه تم التعرف على هوية البغدادى، الذى قام بتفحير سترته الناسفة، من خلال نتائج اختبارات جرت بعد العملية التى شاهدها مع نائبه مايك بنس وآخرين. وقدم شكره لروسيا وتركيا وسوريا والعراق والقوات الكردية لمساعدتها فى العملية.
الظهور الأول للبغدادى، إبراهيم عواد البدرى، أو إبراهيم السامرائى، كان فى الموصل، عندما اعتلى منبر مسجد «النورى»، فى يوليو ٢٠١٤، معلنًا قيام دولة «الخلافة» المزعومة على الأراضى التى يسيطر عليها التنظيم المتطرف فى سوريا والعراق. ثم كان ظهوره، فى أبريل الماضى، عبر مقطع فيديو، أقر فيه بهزيمة التنظيم، وتعهد بـ«الثأر». بعد حصار «قوات سوريا الديمقراطية» لقرية الباغوز، آخر الجيوب التى كانت تحت سيطرة التنظيم على نهر الفرات. وبينهما، بين الظهورين، تحدث المذكور مرتين فى تسجيلين صوتيين: فى سبتمبر ٢٠١٧، قبل أقل من شهر على طرد التنظيم الإرهابى من مدينة الرقة، معقله الأبرز فى سوريا. وفى أغسطس ٢٠١٨، حين طلب من أنصاره «عدم التخلى عن جهاد عدوهم».
مصدر حكومى عراقى رفيع أكد، أمس الأحد، أن بغداد ساعدت معلوماتيًا فى عملية قتل زعيم «داعش». ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن ذلك المصدر أن «واشنطن قدمت شكرها لبغداد لمساهمتها فى عملية قتل البغدادى». كما نقلت الوكالة عن مصدر مخابراتى رفيع أن المسئول الأمنى الخاص بزعيم التنظيم الإرهابى، الذى يرافقه بشكل دائم، لقى مصرعه فى العملية الأمريكية، وأن «قيادات داعش ومعاونيهم وأعضاء ما يعرف بمجلس شورى التنظيم الإرهابى فى حالة صدمة وتبادل اتهامات وانقسام بينهم».
بغداد، بحسب مسئول بالمخابرات العراقية، قدمت «الإحداثيات الدقيقة» لموقع البغدادى للتحالف الذى تقوده واشنطن، موضحًا أن «معلومات قيمة من محتجزين قادت لموقع سرى بالصحراء العراقية يضم وثائق عن موقع البغدادى وتحركاته». ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر أمنى عراقى أن مصادرهم الخاصة من داخل سوريا «أكدت للفريق المخابراتى العراقى المكلف بمطاردة البغدادى مقتله مع حارسه الشخصى الذى لا يفارقه أبدًا فى إدلب بعد اكتشاف مكان اختبائه عند محاولته إخراج عائلته خارج إدلب باتجاه الحدود التركية».
اختلفت التفاصيل قليلًا، لكن كل الروايات، بما فيها رواية الرئيس الأمريكى، أجمعت على أن المذكور كان يقيم فى بلدة «باريشا» بمحافظة إدلب السورية. والثابت هو أن تلك المحافطة التى يقطنها نحو ثلاثة ملايين سورى، واقعة تحت الاحتلال التركى، وتلهو فيها وتلعب تنظيمات إرهابية تدعمها تركيا. ولأن المريب يكاد عادة أن يقول خذونى، زعم مسئول تركى كبير، لوكالة «رويترز»، أن زعيم تنظيم «داعش» وصل إلى مكان اختبائه فى سوريا قبل حوالى ٤٨ ساعة من العملية. وقال إن «الجيش التركى كان لديه علم مسبق بالغارة الأمريكية»!.
فى يوليو الماضى، ظهرت تأكيدات بأن نقل الإرهابيين من إدلب إلى ليبيا يتم عبر الأراضى التركية بواسطة طائرات شركة الأجنحة الليبية المملوكة لعبدالحكيم بلحاج، أحد قادة الميليشيات المتطرفة فى ليبيا، المقيم فى تركيا ويدير إمبراطورية مالية بدعم تركى قطرى. والمعلومة أكدها جزئيًا الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، فى ٤ يوليو، خلال مؤتمر صحفى عقده فى روما بعد محادثات أجراها مع رئيس الوزراء الإيطالى جوزيبى كونتى.
تأسيسًا على ذلك، فإن موت «البغدادى» أو عدمه، لن يقدم أو يؤخر، ولن يغير شيئًا فى معادلة الإرهاب بالمنطقة، التى وضعتها وحققتها دولة.. دويلة.. وكيان، ثبت بشكل قاطع أنها دعمت الإرهاب «ولا تزال»، تمويلًا وتسليحًا وتدريبًا، ووفرت «وتوفر» للإرهابيين ملاذات آمنة، وأتاحت لهم منصات إعلامية، ما زالوا يقومون عبرها بتحريض أتباعهم وتجنيد آخرين. والأهم، هو أن تلك الدلائل أكدت «وتؤكد» أن الدعم التركى، القطرى، والإسرائيلى للإرهاب كان يتم بأوامر الولايات المتحدة، أو على الأقل برعايتها.
الخلاصة، هى أن آلة الإرهاب فى المنطقة لن تتوقف، إلا بعد القضاء على «أبوسفيان العثمانلى» المعروف باسم رجب طيب أردوغان و«ابن موزة القطرى»، وشهرته تميم بن حمد، وزميلهما الإسرائيلى «اللى مايتشماس» و... و... وطبعًا لن تتوقف تلك الآلة إلا بتوقف من يحرك هؤلاء عن استحداث غيرهم!.