رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حمادة.. ورجل «ناسا» الآلى!



الأعاصير معروفة منذ زمن بعيد، وكانوا يطلقون عليها أسماء القديسين: إعصار هرقل، إعصار سانت لويس، إعصار سانتا ماريا. أو أسماء السنوات التى حدثت فيها: إعصار ١٨٩٨، إعصار ١٩٠٦. أو أسماء الأماكن التى حدثت فيها: إعصار ميامى، إعصار هيوستن، وإعصار جالفستون. ثم جاء عالم الأرصاد الأسترالى كليمنت راج «١٨٥٢ - ١٩٢٢» فأطلق على الأعاصير أسماء برلمانيين قاموا بالتصويت ضد منح قروض لتمويل أبحاث الأرصاد الجوية!.
وكالة الطيران والفضاء الأمريكية «ناسا» نشرت صورة تظهر كتلًا سحابية عملاقة زعمت أنها تقترب من أجواء مصر. وذكرت جريدة «واشنطن بوست» أن صورة «ناسا» تشير إلى توقع إعصار مدارى «غير عادى» فى بعض مناطق مصر والأراضى العربية المحتلة، ما ينذر بعواصف وأمطار غزيرة، وربما حتى «فيضانات ساحلية». وأشارت الجريدة إلى أن الوكالة رصدت تكون إعصار مدارى نادر فى منطقة شرق البحر المتوسط. ولأن الوكالة اختارت لهذا الإعصار اسم «ميديكين»، ذهبنا إلى حساب ابننا «عصام حجى» على شبكة «تويتر»، علّنا نعرف سبب تلك التسمية أو نجد أى تفاصيل أخرى.
صدمتنا كانت بالغة، لأننا وجدنا «ابننا» عالم ناسا الفذ ينشر صورة شاشة «سكرين شوت» لتقرير نشرته «شبكة رصد» الإخوانية، نقلًا عن «واشنطن بوست»، ومعه نصائح أو إرشادات «لسكان شمال مصر وفلسطين التعامل مع الإعصار: عدم الخروج من المنزل وإغلاق كل الشبابيك.. جمع أى نثريات من المساحات المكشوفة: بلكونة، سطوح، مدخل.. تخزين أكل ومياه والاستعداد لقطع الكهرباء.. الاستعداد لانقطاع بعض وسائل الاتصال.. والاستعداد لنقص الأدوية». ولعلك تتفق معنا فى أن تلك الإرشادات لا تحتاج أن يكون كاتبها عالمًا فى وكالة «ناسا» أو «وكالة البلح»!.
ابننا عالم «ناسا»، الذى لا يمكنه كتابة جملة عربية دون أخطاء إملائية، قام فى تغريدة لاحقة بتوجيه الشكر إلى شبكة «رصد» الإخوانية «لنشر حركة الإعصار وتوعية الناس». تعليقًا على مزاعم الشبكة بأن «إعصار ميديكين يقترب على مدار الساعات القادمة من سواحل الإسكندرية ودمياط وبلطيم، فيما يتجه فجر السبت قرب سواحل مدينة بورسعيد على أن يتحرك السبت باتجاه سيناء وينتهى بفلسطين». ثم نقل عن «مركز أعاصير المتوسط»، فى تغريدة ثالثة، أن «الإعصار يدخل اليابس حاليًا فى شمال سيناء بسرعة ٧٢ كيلومتر فى الساعة» وأضاف «رجاء توخى الحذر لكل من هو ملاصق للشريط الساحلى بسيناء والبقاء داخل المنازل»، زاعمًا «ليس الهدف التهويل ولكن حماية الأرواح».
صدمتنا مما وجدناه فى حساب المذكور تضاعفت حين وجدنا الدكتور أشرف صابر، القائم بأعمال رئيس هيئة الأرصاد الجوية، يفند ما نشرته «واشنطن بوست»، ويوضح، فى مداخلة تليفونية على قناة DMC أنه «نوع من أنواع الخيال العلمى تطلقه ناسا على المنطقة»، مضيفًا على سبيل السخرية أنهم فى هيئة الأرصاد أطلقوا على هذا المنخفض اسم «حمادة»، لكونه مجرد منخفض جوى عادى يصل لمصر كل سنة، لكنه صار أكثر عمقًا مما هو معتاد بفعل التغيرات المناخية.
الكلام نفسه أكده الدكتور محمود شاهين، مدير مركز التحاليل والتنبؤات بالهيئة العامة للأرصاد الجوية، الذى نفى ما توقعته «ناسا»، وأكد أن مصر لن تتعرض لأعاصير، ولكن تتعرض لمنخفضات مدارية من الممكن أن تكون عنيفة ومتعمقة مثل المنخفض الذى نشهده حاليًا. وأوضح، فى تصريحات لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن المنخفض المدارى الموجود بين قبرص والسواحل المصرية يؤثر علينا بالأمطار والرياح.
قد يعتقد البعض أن ظاهرة «الاحتباس الحرارى» تتعلق فقط بزيادة درجات الحرارة فقط، لكن عرفنا من حوار نشرته جريدة الوطن مع الدكتور محمود شاهين أن هناك دولًا أثر عليها الاحتباس الحرارى بالبرودة الشديدة، وأخرى بالجفاف الشديد، وغيرها بالفيضان أو العواصف الثلجية والأعاصير. وفى مصر لم يؤثر الاحتباس الحرارى على الصيف فقط، بل أصبح الشتاء أيضًا أكثر برودة، كما أن هذه هى السنة الرابعة التى يأتى فيها فصل الربيع بدون رياح الخماسين، وهذا تغير محمود، ولكنه تغير وحيد. أما التغير المفاجئ والصادم والسائد على حالة المناخ الجوى فى مصر، فهو كما أضاف الدكتور شاهين يتعلق بفصل الخريف، حيث بدأ يستحوذ على معظم الأمطار والسيول ويشهد تقلبات حادة ومفاجئة.
من محاسن الصدف أن وكالة ناسا أعلنت أنها سترسل إنسانا آليًا بحجم عربة الجولف إلى القمر سنة ٢٠٢٢ للبحث عن مكامن للمياه الجوفية، فى مساعٍ لتقييم المورد الحيوى قبيل العودة المزمعة لرواد الفضاء إلى القمر فى ٢٠٢٤ من أجل احتمال استخدامهم ماء القمر الجوفى للشرب وصنع وقود الصواريخ. ولا نعرف أيضًا لماذا أطلقت الوكالة على إنسانها الآلى اسم «فايبر» ولم تختر له اسم «عصام» مثلًا!.