رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكاتبة الكورية الجنوبية هان كانج

جريدة الدستور


«ردىّ علىّ.. سألتك ماذا تفعلين؟».
كان الجو باردًا بما فيه الكفاية، لكن رؤية زوجتى كانت أكثر برودة، وقد ذهب النعاسُ الذى سببته الخمرة. كانت تقف أمام الثلاجة بلا حراك وقد غمرَ الظلام وجهها، فلم أتبينَّ انفعالها، لكن الخيارات المُحتملة أخافتنى. شعرُها الكثيف الأسود غير المصبوغ مُنسدل من دون ترتيب، بينما ترتدى تنورة النَّوم البيضاء التى تصل إلى كاحليها.
فى مثل تلك الليلة، كانت زوجتى تسارع بارتداء سُترة من الصوف، وتبحث عن خُفَّيها الإسفنجييَّن.. منذ متى وهى تقف حافية هناك ترتدى ملابس نوم خفيفة تصلح لفترة الربيع أو الخريف، وكأنها تصرُّ على أن تتجاهل سؤالى؟.
كانت تشيح بوجهها عنى، بينما تقفُ هناك فى وضع غير طبيعى، كما لو أنها شبحُ يقف على الأرض صامتًا!.. ما الذى يجرى؟ لو أنها لم تسمعنى، فقد يعنى هذا أنها مريضة بالمشى أثناء النوم
اتجهت نحوها مُطقطًا عنقى ومحاولًا رؤية وجهها.
«لماذا تقفين هنا هكذا.. ما الأمر؟».
لم تحفل على الإطلاق عندما وضعتُ يدى على كتفها! لم أشكَّ لحظة فى أننى بوعيى، وأنَّ كل هذا يحدثُ فعليًّا، فقد كنتُ على دراية تامة بكل شىء فعلتُه مُنذ خرجتُ من غرفة المعيشة.
سألتها عمَّا تفعله وأنا أتَّجهُ نحوها، بينما تقف هى هناك من دون أدنى استجابة، كما لو أنها تائهة فى عالمها الخاص.
كانت تبدو حينئذٍ كما فى المرات النادرة التى تستغرق فيها تمامًا فى مسلسلات الدراما التليفزيونية الليلية المتأخرة، غير منتبهة لعودتى إلى المنزل!.
«حبيبتى!».
طفَتْ ملامحُها نحوى فى الظُّلمة. نظرتُ إلى عينيها فوجدتهما لامعتين من دون احمرار، بينما انفرجت شفتاها ببطءٍ وهى تقول:
«.. رأيتُ حلمًا».
كان صوتُها واضحًا بشكل مُدهش.
«رأيتِ حُلمًا؟ ماذا أصابك، وعن أىَّ شىء تتحدّثين؟ أتدرين كم الساعة الآن؟». استدارت فصار جسمها أمامى، ومشت ببطءٍ عبر الباب المفتوح إلى غرفة المعيشة، وحالما دخلتها مدَّت قدمها وبهدوءٍ أغلقت الباب. تركتنى وحيدًا فى المطبخ المظلم، أتطلع معدوم الحيلة إلى طيفها المنسحب الذى تلاشى عبر الباب.
من رواية النباتية
ترجمة: محمود عبدالغفار