رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صورة الفتيات فى الإعلام والسينما




بمناسبة اليوم العالمى للفتاة، الذى يوافق ١١ أكتوبر من كل عام «بعدما خصصته الأمم المتحدة لدعم وحماية حقوق الفتيات منذ عام ٢٠١٢»، تشرفت بحضور ورشة عمل حول صورة الفتيات فى الإعلام «نموذج الصحافة والإذاعة والتليفزيون والسينما» التى أقيمت يوم السابع من أكتوبر فى مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، بحضور مدير المركز الدكتور وحيد عبدالمجيد ونوابه الدكتور أيمن عبدالوهاب والدكتور عمرو هاشم ربيع ومساعد مدير المركز الدكتورة أمانى الطويل وذلك بمشاركة وحدة الشراكات والتأثير المجتمعى «بلان إنترناشيونال إيجيبت» ومديرتها الأستاذة إنجى سليمان ومشاركة الإدارة المركزية للرعاية الاجتماعية بوزارة التضامن الاجتماعى.
قبل أن أتحدث عن هذه الورشة المهمة، التى انقسمت إلى ثلاث جلسات، لا بد من الإشارة إلى أن الحديث تناول صورة الفتيات فى سن ١٢- ١٨ عامًا، أى سن المراهقة والتغيرات التى تمر بها الفتاة جسديًا وهرمونيًا بما يتطلب من الأسرة الحنان والاحتواء للفتيات فى هذه المرحلة العمرية. كما تضمن الحديث أهمية تغيير الصورة النمطية التى تحصر الفتاة فى صورتين، إما الفتاة الأرستقراطية التى تعيش فى الكومباوندات والنوادى وتتعلم فى المدارس الإنترناشيونال، أو الفتاة من الطبقة الفقيرة والتى تعيش فى العشوائيات، وغالبًا ما تكون منحرفة. أما الفتاة المصرية العادية الموجودة فى الطبقة الوسطى بكل شرائحها العليا والدنيا والتى تعانى من مشاكل مجتمعية، فلا نجدها سواء فى الصحافة أو التليفزيون، الذى يدخل كل بيت مصرى ويراه الشعب القارئ والأُمى الذى لا يقرأ ولا يكتب، وأيضًا لا نجدها فى الإذاعة التى ما زالت تحتل مكانة كبيرة لدى المصريين فى الاستماع إليها واستقاء المعلومات والمعرفة.
وتناولت الورشة أيضًا الحديث المطول عن صورة الفتيات وبالذات المراهقات فى السينما المصرية.. وكان هناك حوار ونقاش ثرى وتساؤلات بين المتخصصين فى مجالات الإعلام والسينما، وبين الحضور من ممثلى المجتمع المدنى من أحزاب وجمعيات أهلية وشخصيات عامة ومنظمات حقوقية تهتم بقضايا المرأة وتدافع عن حقوقها.
ولنبدأ بالجلسة الأولى بعنوان «صورة الفتاة فى الصحافة المصرية»، التى تحدث فيها كل من الدكتور عصام الدين فرج، أمين عام المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والأستاذ عمرو خفاجى، الإعلامى والكاتب الصحفى والأستاذة الفاضلة والقديرة الكاتبة الصحفية أمينة شفيق. ركزت هذه الجلسة على الصحافة الورقية والإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعى ودورها فى التوعية والتعبير عن واقع الفتيات، وأن هناك قصورًا فى تناول القضايا الخاصة بالفتيات المهمشات فى الأحياء الشعبية والقرى الفقيرة، كما تمت الإشارة إلى أن التناول السيئ والمسىء والمثير للقضايا يؤثر على تعليم الفتيات وانضمامهن لقافلة التنمية فى المجتمع.
كما رفض الحاضرون والحاضرات التركيز على جسد المرأة فى الترويج للسلع وللأحاديث فى بعض المجلات، وانتهت الجلسة بعدد من التوصيات، منها عدم المبالغة فى تناول القضايا الخاصة بالعنف والتمييز ضد المرأة، وتغيير الصورة السلبية للمرأة المطلّقة مع الاهتمام بالتركيز على الأنماط الإيجابية للفتيات والرائدات من النساء مثل سيزا نبراوى ومنيرة ثابت ودرية شفيق وسهير القلماوى ولطيفة الزيات وهدى شعراوى والعالمة سميرة موسى، وأول من دخلت إلى مجلس الأمة بالانتخاب راوية عطية وغيرهن من النساء الرائدات فى مجال نيل حقوق المرأة فى التعليم والعمل والمساواة وحق الترشح والانتخاب. كما طالب الحضور بالكف عن إبراز صورة الفتاة من خلال الاهتمام فقط بالطبخ وعمليات التخسيس والتجميل والموضة بدلًا من الاهتمام ببناء الشخصية بالتعليم وتنمية القدرات والمهارات والتدريب والتأهيل لسوق العمل فى المجالات المختلفة.
ولننتقل معًا إلى الجلسة الثانية وعنوانها «صورة الفتاة فى الإذاعة والتليفزيون» التى تحدثت فيها كل من الأستاذة الناقدة ماجدة موريس، والكاتبة والناقدة الأستاذة ماجدة خيرالله، والدكتورة أمانى قنديل، أستاذ العلوم السياسية والمديرة السابقة للشبكة العربية للمنظمات الأهلية، وتناولت الجلسة الحديث عن اهتمام الإذاعة فى بداياتها ولعشرات السنين ببرامج المرأة والفتيات مثل «إلى ربات البيوت» فى البرنامج العام وبرنامج «تحت العشرين» فى إذاعة الشرق الأوسط وبرامج «للشباب» فى إذاعة الشباب مع عدد من البرامج فى الإذاعات الخاصة تتناول قضايا الشباب والفتيات بكل جرأة وصراحة وحرية.
كما اهتم التليفزيون فى بداياته فى ستينيات القرن الماضى، بالبرامج الثقافية والتوعوية والفنون منها الباليه والموسيقى والمنوعات وبرامج خاصة بالصحة ومناقشة القضايا الخاصة بالأسرة. وأهم ما قيل فى هذه الجلسة كان على لسان الشباب والشابات منهم محمد حسين من قرية زاوية أبومسلم فى الجيزة والشابة الصغيرة التى لا يزيد عمرها على ١٥ سنة من حى المرج.
وانصب كلامهم على اهتمامات الفتى والفتاة فى هذه الفترة وطموحاتهم وأحلامهم فى تحقيق ذاتهم، وتنمية قدراتهم وأمنيات الفتاة فى الحصول على حقها فى التعليم والعمل والعيش بأمان فى المجتمع دون التعرض لأنواع الغنف المختلفة من عنف أسرى خاص بالتفرقة فى تنشئة الولد والبنت والحرمان من التعليم وزواج القاصرات وختان الإناث، والحرمان من الميراث والتعرض للتحرش فى الشارع وأماكن الدراسة والعمل ووسائل المواصلات. وطالبوا بأهمية تقديم برامج ومسلسلات تحث على القيم الإيجابية بدلًا من الأعمال الحالية، والتى تنشر العنف والبلطجة والتمييز.
والمحطة الثالثة والأخيرة فى هذه الورشة كانت تحت عنوان «المعالجة السينمائية لقضايا الفتيات فى السينما المصرية»، التى تحدث فيها كل من الأستاذ الكاتب والناقد السينمائى محمود قاسم والأستاذ الناقد السينمائى نادر عدلى واللذين طافا بنا بين دروب السينما المصرية، وتوقفا عند محطات لأهم الأفلام التى تناولت قضايا الفتيات المراهقات وقضايا المرأة عبر فترات بدءًا من عصر خضوع المرأة للرجل وجلوسها فى البيت لخدمة الرجل، وتربية الأبناء مرورًا بخروجها فى ثورة ١٩١٩ وانطلاقها للدفاع عن حقوقها المساوية للرجل فى التعليم والعمل والترشح والانتخاب، وتم تناول ذلك من خلال الأفلام التى اعتمدت فى موضوعاتها على روايات الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس ومنها «أين عمرى والطريق المسدود وأنا حرة والوسادة الخالية والبنات والصيف».
وكذلك الأفلام التى اعتمدت فى موضوعاتها على روايات الكاتب الكبير الحائز على جائزة نوبل نجيب محفوظ، ومنها الثلاثية «بين القصرين وقصر الشوق والسكرية» و«ميرامار» بجانب عدد من الأفلام المهمة التى ساعدت فى تغيير القوانين والمفاهيم والعادات فى المجتمع مثل «مراتى مدير عام وأنا حرة وأريد حلًا وأفواه وأرانب والحرام وإمبراطورية ميم»، كما دار النقاش حول رفض الأفلام الحالية التى تكرس التمييز والعنف ضد المرأة أو الاتجار بجسدها من أجل تحقيق الأرباح التجارية العالية أو أفلام تكرس التخلف مثل فيلم «تيمور وشفيقة» الذى يدعو الفتاة الناجحة فى عملها أن تترك العمل لتتزوج وتجلس فى البيت بدلًا من إعلاء قيمة العمل ومشاركة المرأة والرجل معًا لبناء المجتمع وتقدمه.