رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد صبحى: قدمت فنًا دون إسفاف.. ولست أعظم ممثل

محمد صبحى
محمد صبحى

لا يمكن أن تُذكر كلمة «مسرح» دون أن يُرفق بها اسم محمد صبى، الذى قدم لهذا الفن تجربة راقية حملت راية الفن الهادف، وتربت عليها عدة أجيال، على مدى نصف قرن من العطاء والإبداع والتميز.
وفى ديسمبر المقبل، يحتفل الفنان الكبير باليوبيل الذهبى لفرقته المسرحية، التى مضى على تأسيسها ٥٠ عامًا، من خلال مهرجان مسرحى يقيمه على مسرحه الجديد الذى افتتحه مؤخرًا فى «مدينة سنبل» للثقافة والفنون.
«الدستور» التقته فى حوار كشف فيه عن تفاصيل هذا الاحتفال، بجانب آرائه فيما يقدم حاليًا على خشبة المسرح من عروض، فضلًا عن كواليس وأسرار رحلته الفنية العامرة.

■ بداية.. ما تفاصيل احتفالك بـ«اليوبيل الذهبى» لإنشاء فرقتك المسرحية؟
- سنقيم مهرجانًا ضخمًا يحمل اسم «٥٠ سنة مسرح» فى ديسمبر المقبل، احتفالًا بمرور ٥٠ عامًا على إنشاء فرقتى، وستكون قناة «ten» الراعى الإعلامى له، وسيشهد تكريم رموز وطنية قدمت جهدها للوطن فى شتى المجالات، وعلى رأس المكرمين اسم طلعت حرب الذى أسهم فى صناعة السينما، والدكتور ثروت عكاشة الملقب بـ«أبو الثقافة»، الذى قدم الكثير من أجل أن نرتقى بذوقنا وثقافتنا.
وتشمل الاحتفالية تكريم كل من عمل فى مسرحى عبر تاريخه من فنانين وعاملين ومؤلفين ومخرجين، وعلى رأسهم الكاتب الكبير لينين الرملى، لأنه رفيق الكفاح والمشوار الفنى، وحققنا معًا نجاحات كثيرة فى المسرح، وسنمنح عددًا من المكرمين جوائز مادية، وقائمة المكرمين كبيرة جدًا تشمل مؤلفين ومخرجين وممثلين ومهندسى ديكور ومصممى ملابس وروادًا فى الحركة الفنية من مختلف الأجيال.
■ لماذا أنشأت مسرحًا جديدًا فى مدينة «سنبل»؟
- أنشأنا مسرح «سما سنبل» الجديد بمدينة سنبل للفنون والثقافة لكى نقدم عروضًا متنوعة ومختلفة، ولكى لا نكون محبوسين فى مسرح واحد فقط، والمسرح الجديد سيتيح فرصة أمام شباب مسرحيين كثيرين للعمل، سواء فى التأليف أو التمثيل وعناصر المسرح الأخرى.
■ ما العروض التى يحتضنها خلال الفترة المقبلة؟
- هناك عروض بمناسبة اليوبيل الذهبى لفرقتى، وسنقدم ٧ عروض جديدة ومختلفة وسيشارك فيها ممثلون كثيرون من أبنائى، على رأسها عرض «عيلة اتعملها بلوك» من تأليف مصطفى شهيب.
وتتنوع هذه العروض ما بين الكوميدى والاجتماعى والسياسى والذهنى، وهناك عروض من فصل واحد لكنها ممتعة للمشاهد، وفى نفس الوقت ملتزمة بأصول المسرح، وأعتقد أنها ستثرى المسرح المصرى بشكل عام، وقررنا أن يتم تقديم عرض جديد كل شهر.
■ لماذا توقفت عن تقديم أعمال مسرحية جديدة منذ ٢٠٠١ حتى ٢٠١٧؟
- أنا توقفت فى ٢٠٠٤، بعدما قدمت موسم المسرح الجامعى الأول، حين سُحب منى مسرح «راديو» الذى كنت أعمل عليه، وانتظرت كثيرًا ليعود لى مرة أخرى، وعندما فشلت أقمت مسرح «سنبل» ومدينة «سنبل» الثقافية، وعدت مرة أخرى فى عام ٢٠١٧.
■ ما التجربة التى تعتبرها الأهم خلال مسيرتك الفنية؟
- أنا مؤمن ومهموم بوطنى، ليس فقط وطنى الأم، ولكن المفهوم الشامل للوطن العربى، لأننى ما زلت مؤمنًا بالوحدة العربية، وفى كل مراحل عمرى قدمت عروضًا مسرحية تناقش همى الأكبر المتمثل فى الوحدة العربية، وأنا مقتنع بما قدمته فى عروضى من قيمة وتنبؤات، لأننى قارئ جيد للتاريخ، وفى عرض «ماما أمريكا» الذى قدمته عام ١٩٩٤ توقعت الحدث الإرهابى الذى وقع فى ١١ سبتمبر، وما لحقه من اضطهاد للعرب فى الولايات المتحدة، وعندما قدمت «فارس بلا جواد» توقعت ما سيحدث فى الوطن العربى من ثورات، لذلك أنا أعتبر جميع أعمالى خلال مسيرتى مهمة.
■ لكن.. ماذا عن الأزمة التى تعرضت لها بسبب «ماما أمريكا»؟
- بالفعل.. تعرضت لانتقادات شديدة بسببه، ووصل الهجوم علىّ إلى وسائل الإعلام الغربية، وتم منعى من دخول أمريكا لفترة طويلة، وكل ذلك لأننى تنبأت خلال هذا العرض بأحداث ١١ سبتمبر، والاضطهاد الذى سيتعرض له العرب بعد هذه الأحداث، وأنا تعرضت لأزمة أيضًا بسبب عرض «خيبتنا».
■ ما تفاصيل هذه الأزمة؟
- أنا كتبت عرض «خيبتنا» عام ٢٠٠٤، وحصلت على تصريح رقابى لتقديم العرض عام ٢٠٠٧، وكنت أجدده كل ٥ أعوام، وفى كل مرة أثناء التجديد كنت أفاجأ بهم فى الرقابة يقولون لى: «لو أن هذا العرض لم يكن له تصريح قديم، لكان من الصعب الحصول عليه حاليًا»، وقصدت من «خيبتنا» أن أقول: «أحيانًا نقدم لأعدائنا على طبق من ذهب، أكثر مما تمنوه لسحقنا»، وهو ما حدث فيما يسمى «ثورات الربيع العربى» التى أسميها أنا «الجحيم العربى».
وقدمت العرض لمدة تجاوزت العام دون حملات دعائية، مثلما يفعل البعض حاليًا من صناعة دعاية ضخمة تكلفهم الملايين، وكان المسرح فى العرض كامل العدد بشكل يومى.
كما أن جمهورى يتابعنى دائمًا من عمل إلى عمل، وأنا حرصت على أن يتمسك الجمهور بى، من خلال نوعية وأفكار أعمالى والأبطال المشاركين بها، ومنذ افتتاح مسرحى بمدينة سنبل للثقافة والفنون، وجميع العروض كاملة العدد بشكل يومى، بالرغم من أن المسرح بعيد وليس فى القاهرة، ورغم أننى لا أجرى أى دعاية حتى على الطرق والكبارى، أو حتى فى القنوات التليفزيونية.
■ كيف ترى التطور الذى يحدث فى المسرح حاليًا؟
- تطور المسرح واسترداد عافيته كلمة كبيرة جدًا، والتطور يعنى أن المسرح كان صفرًا وأصبح ١٠٠ الآن، والحقيقة أنه تحول من الصفر إلى ١٠٠ تحت الصفر، فالمسرح اليوم أصبح تجارة، وأنا أستغرب من ذلك، لأن من يقدم أعمالًا مسرحية حاليًا تشبع من كل شىء، سواءً الأموال أو الشهرة والنجومية، ولذلك عليه أن يعطى للمسرح بصدق، أين الفنان الذى بنى مسرحًا أو سينما من أمواله التى كسبها؟ أين الفنان الذى لم يخضع للضغط بسبب ظروف البلد؟.. أنا أرى أشياءً غريبة فى وقتنا الحالى، فى أيام مجد المسرح لم يكن هناك نجوم يحصلون على ٣٠ و٤٠ مليون جنيه مثل الآن.
■ هل تتذكر أجرك عن مسلسل «رحلة المليون»؟
- أتذكر طبعًا.. أنا قدمت رحلة المليون عام ١٩٨٤ فى ٣٠ حلقة، ومدة الحلقة ٤٥ دقيقة، وحصلت على ١٢٠٠ جنيه وبعد الخصومات أصبح المبلغ ٩٦٠ جنيهًا، وكنت فى ذلك الوقت نجمًا كبيرًا فى مصر.
■ لكن.. لماذا لم تقدم أعمالًا درامية بعده؟
- عُرض علىّ تقديم عمل درامى منذ عدة سنوات، وطلبت أجرًا كبيرًا جدًا، ووافقت الجهة المنتجة، ولكنى تراجعت بعدها ورفضت العمل، لأننى إذا حصلت على أجر كبير بالملايين لن أقدم فنًا حقيقيًا.
■ نجوم «مسرح مصر» يقولون عنك إنك «لا يعجبك العجب».. ما ردك؟
- لو أن «العجب» الذى يقصدونه هو «قلة الأدب» فمن الطبيعى أنه لم يعجبنى، لأنه لا يمكن أبدًا أن يتم تأليف وإخراج وتمثيل وتصوير عرض مسرحى وتقديمه فى يوم واحد فقط، وفى النهاية تجد العروض مقررة بنفس «الإفيهات»، و«مسرح مصر» كان فى بدايته مميزًا، لكن انحرفوا بعد ذلك، وأنا لا أشكك فى مواهبهم، فبينهم مواهب حقيقية قادرة على إضحاك الجمهور.
■ ماذا عن المواهب الجديدة؟
- منذ بدايتى فى المسرح وأنا أقدم فنانين ومواهب جديدة، ونحن نجرى حتى اليوم اختبارات كل عام أو عامين، ويتقدم شباب من كل مكان فى مصر، يصل عددهم أحيانًا إلى ٢٠٠٠ متقدم نأخذ منهم ٣٠ أو ٤٠ للدراسة لمدة ٦ أشهر، ثم نختار من هذه المجموعة ٥ مواهب فقط، يستمرون معنا ويشاركون فى عروضنا.

■ من هو أستاذك؟
- فى مسرحى ستجد صورًا لكبار الفنانين فى المسرح والسينما المصرية عبر تاريخها، وأنا أدين بالفضل لكل هؤلاء العظماء، وأخجل أمامهم لأنهم نحتوا فى الصخر وقدموا فنًا نحمله فوق رءوسنا، مثل جورج أبيض وزكى طليمات وسيد درويش، وأعتبر أستاذى الأول سعد أردش.
■ بعد ٥٠ عامًا من المسرح.. كيف تقيّم نفسك؟
- لا أدعى أننى أعظم ممثل فى تاريخ مصر، لكنى على يقين بأننى ممثل مختلف.. لا أستطيع أن أقول إننى أقدم أعظم فكرة فى المسرح، لكن على يقين أيضًا أننى سأناقشك بصدق وأجعلك تضحك بشدة دون إسفاف فى أى فكرة، لأن تسطيح الفكرة أخطر من تسطيح اللفظ.