رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأيدي "الناقمة"


الشجاعة الوطنية تقتضي أن تتجه نخبة الناقمين على الدولة إلى مخاطبة النظام السياسي على نحوٍ واضح مباشر، وليس تسفيه الحوار السياسي وتسطيح دور الدولة التي هي دولة الجميع وفوق الجميع.

وهنا تكمن أهمية المعارضة السياسية الوطنية، وليس نخبة السخط والرثاء. وببساطة أصبحت نظرة الشارع المصري إلى المعارضة تشبه نظرة الجميع إليها تقريبًا، فهي ضعيفة وعاجزة وكسول وغير منظّمة، فلم يعد هناك من يتحمل عناء تكريس الوقت والطاقة اللازمين لبناء وعي شعبي وشبكات تيار سياسي مستدامة.

ويمكن من خلال عملية رصد للتحولات المجتمعية والسياسية الأخيرة، ومن وجهة نظر وطنية، أن تظهر لنا بعض الإشارات متعددة الاتجاهات، التي كان يُفترض بصانعي القرار استيعابها، وكان أبرزها مؤخرًا حالات احتقان المواطنين بسبب الظروف الاقتصادية، دون وجود مساحة حقيقية للتعبير عن سخطهم على الواقع الذي يعيشون فيه، ودون استيعاب لهذا النمط من الاعتراضات الشعبية الذي يشير في جوهره إلى محاكمة حقيقية لأصحاب اتخاذ القرار.

من الصعب أن تتفق مع جماعة بعينها في رؤية ما لتحقيق نظام سياسي عادل ومنضبط، فالدولة الوطنية يجب أن تكون موضوعية وفاعلة بطبيعة وظائفها داخل المجتمع، ولا يجب أن تكون شيئًا آخر غير ذلك.

ولذلك لا يستطيع أن يدعي أحد نجاح الديموقراطية من ناحية النظرية والتطبيق مائة بالمائة، مهما كان حجم الادعاء من القوى العظمى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرهما، لأنه ببساطة يمكن رصد عجزها عن تحقيق مصالح الغالبية العظمى من شعوبها وشعوب العالم، كما تعاني اقتصاداتها بسبب الإنفاق الجنوني على التسلُّح وخوض الحروب والصراعات السياسية، وليس آخرها سيناريو داعش الذي أفقد الشعوب الغربية الأمن والاستقرار للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية.

في النهاية أود القول إن المعارضة الوطنية لا تؤوِّل ولا تلفق الأكاذيب عن الحكومة، ولا تتحالف مع أعداء الوطن في الداخل ولا تضع يدها بيد قوى خارجية إقليمية معروفة مواقفها العدائية تجاه الدولة والشعب، فعمل المعارضة الوطنية الحقيقية الصادقة تقويم عمل الحكومة ووضعها على مسارها الصحيح إذا وجدت أن هناك انحرافًا عن خط سيرها الوطني.