رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف تحيا سعيدًا؟


منذ عدة سنوات كتب الراحل الدكتور عادل صادق كتابًا عنوانه «١٠٠ نصيحة لحياة سعيدة»، فقال من ضمن ما قاله فى كتابه القيم: إن الكثيرين من علماء النفس أجمعوا على أن النجاح وسيلة وليس غاية، ودون مبالغة يعد النجاح الوسيلة الوحيدة لتحقيق السعادة.
النجاح وسيلة لتأكيد الذات فلا شىء يُجمل صورتى عن نفسى قدر النجاح. إذن النجاح علاج للنفس القلقة، الخائفة، المتشائمة، اليائسة، والنجاح من أحسن مضادات القلق ومن أفضل مضادات الاكتئاب، ولولا النجاح لركدت الحياة وأبطأت ثم توقفت، وهذه كلها آثار تنطوى أساسًا على منافع نفسية وليست مادية، ولكن هذا لا يمنع الإنسان من الاستمتاع بالآثار المادية التى تحققت من خلال نجاحه، إلا أنه فى الظاهر تبدو سعادة النجاح وكأنها بسبب ما حصل عليه الإنسان من مكاسب ولا يرى الآخرون الذين يرقبونه إلا هذا الجزء المادى، والذى قد يحسدونه عليه وهو ما يسمى النجاح الخارجى، أو النجاح الذى يتحدث عنه الناس «مال- سلطة- جائزة- شهادة دراسية»، ولكن النجاح الداخلى هو الأعظم والأهم والسابق على النجاح الخارجى، إنه النجاح مع النفس، إنه الضوء الذى يشع بالداخل فيرى الإنسان مناطق الجمال والقوة من نفسه، وإذا أراد الإنسان أن يحقق نجاحًا فى مجال ما عليه أن ينظر داخله، والنظر إلى الداخل معناه التأمل الصادق والرؤية الواضحة، وهذا التأمل الداخلى يُتيح للإنسان التعرف على إمكانياته ودرجة ثرائه. إنها رحلة واقعية وجمالية وروحية داخل نفسك ولا يقدر أحد على القيام بهذه الرحلة إلا أنت.
ومن مفاتيح النجاح أن يحول الإنسان فشله إلى نجاح، لأن الأصل فى العلم هو المحاولة، والأصل فى التعليم هو الخطأ، ومن المحاولة والخطأ نكتشف شيئًا جديدًا، نكتشفه فى أنفسنا ونكتشفه من حولنا. إذن ليس عجيبًا أن يفشل الإنسان بل أكاد أقول إنه من الضرورى أن يفشل الإنسان، وأن يفشل الإنسان فهذا معناه أنه هو الذى حاول بنفسه النزول إلى الميدان ولم يختبئ وراء أحد ولم يختبئ وراء ستارة، نزل إلى الميدان مدفوعًا بحب العلم والمعرفة وتأكيد، الذات أن يفشل الإنسان معناه فرصة ليتعلم أكثر، ولذا يجب على الإنسان أن يظل محتفظًا بوضوح الرؤية وصفاء الذهن بعد أن يقع على الأرض، فلكى ينهض الإنسان لا بد أن تكون له ذراعان قويتان، وقلب شجاع، وعقل حكيم، ورغبة، وأمل، وطموح، وعينان تريان الهدف بوضوح فلا يضيع منها، فينهض وتصبح العبارة حينئذ تحويل الفشل إلى نجاح أكبر، وليس فقط تحويل الفشل إلى نجاح.