رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ثورات سيئة النية


من الطبيعي أن يكون لأي ثورة أعداء يحاولون عرقلتها، وإعطاء النموذج السلبي عنها، لكي يوحوا للعالم أنه لا جدوى مما حدث، وهذا أكيد، ولكن في المقابل هناك عديد من التحديات التي تواجه الدولة داخليًّا وخارجيًّا من مظاهر الثورات سيئة النية، والعمل على زيادة صعوبة الأوضاع والأبعاد الأخرى على مستوى الأمن المائي والغذائي و الطاقة، ومحاولة هدم المشروعات القومية التي تنشئها الدولة باعتبار أن هذا من حق الثائر والمتظاهر، وهذا لا يقل أهمية عن الأمن القومي الاستراتيجي، واستقلالية القرار المصري.

لا توجد قوى في العالم تبني لأحد شيئًا دون مقابل، فالعلاقات بين الدول تقوم على المصالح المتبادلة، فالدول القوية تحترم وتقدِّر الدول القوية وليس الضعفاء الذين ليس لهم مكان. وحتى الآن نجحنا في تحقيق الكثير من أهداف الثورات المصرية ومنها امتلاك الإرادة والحريات العامة والتنمية والتي تزداد عمقًا يومًا بعد يوم.

السؤال الأهم في رأيي هل شهد العالم ثورة سلمية بيضاء تُبنَى من خلالها الأمم وتقوم الحضارات وتستقر الأوضاع وتتكامل الجهود وينمو ويزدهر الوطن؟

من الطبيعي وجود تباين في مستويات الوعي في الشارع ولكن ما هو متفق عليه هو أننا لا نقبل بأن نسلم إرادتنا من جديد لأحد من خارج أراضينا وهذا لن يحدث دون أن يتعاون جميع المصريين خلال هذه الفترة المهمة من تاريخنا، وأن يضحي الجميع من أجل مصر والوطن الكبير وأن يميل الجميع إلى التوافق أكثر من الفرقة تحديدًا بعد أن عانينا من عدة صراعات حتى حققنا قدرًا جيدًا من الاستقرار والتقدم ونحن نسير ونتحرك ونسارع الخطى ولا نضيع الأوقات ولا الفرص، فهي تأتي للشعوب والأمم على فترات متباعدة وليس باستمرار.

أهمية التعاون بين أبناء مصر خلال هذه المرحلة الحساسة وأن يلتمس البعض العذر للآخر حتى تسير الأوضاع في طريقها الصحيح، فالدولة التي تريد أن تنتج غذاءها ودواءها وسلاحها بأيدي أبنائها، تحتاج إلى الجميع بجانب رؤية ودراية ومعرفة بطبيعة العصر والعالم من حولنا.

أتصور أن هناك ضرورة قصوى لتعاون وتكامل وجهد المصريين لتحقيق مفهوم الدولة المستقرة لمحاولة إيجاد فرصة لتطور وبناء وتقدم حقيقي ولتحقيق الدولة القائمة على العدل والعدالة والحرية وسيادة القانون والدستور واحترام الأحكام وحقوق الآخرين والحوار والتكامل والصبر، و أن هذه هي الفرصة الحقيقية لبناء مصر العظمى فلن يبنيها أحد لنا ولكن بأيدينا فقط نبني هذه الدولة، ولا بد ألا نضيع هذه الفرصة.