رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

انقلاب الفساد الناعم


يعلم الجميع أن واجب الرئيس حماية المجتمع المصري من ترويج الشائعات وأي محاولات لهدم الدولة، ولا أحد من الجماعة الوطنية في مصر ينكر وطنية الرئيس وإخلاصه في العمل، والجميع يؤمن بأن الجيش والشرطة مؤسسات وطنية ولا يمكن أن تهتز بشائعات المفسدين، ولكن ليس من السهل على العامة تفهُّم موقف رئيس الجمهورية في طرق ووسائل المواجهة "بمفرده".

حتى الآن لم تسجل النخبة أي انتصار على حركة الشارع في ما يخص متابعة قضايا الفساد على سبيل المثال، ولا تزال حركة رضا الشارع لا تمر عبر تدخل النخبة، أو أن هناك تجاوزًا من أحد على وعي الناس، أو أن الشارع غير مدرك لأصول اللعبة، ولهذا لا يزال تدخُّل الرئيس بنفسه يمثل منصة المصداقية الوحيدة.

إن دور أي جماعة وطنية هو محاربة كل السلبيات التي تعوق تقدم الدولة، وإظهار الإيجابيات، ومعاونة الدولة على تخطي هذه المؤامرات التي تحاك لها من أعداء الداخل والخارج. وجميعنا يعلم أن المواطن المصري يواجه حربًا شرسة من قوى خارجية، تستهدف كسر إرادة المواطنين وعزيمتهم، وإشاعة حالة من الغضب الشعبي لتمتد حتى الفوضى.

أسوأ ما في الحملات ضد الفساد استخدام الصراعات السياسية لإدانة نموذج ما من السلطة أو مَن معها أو ضدها، وهي مسألة تطول جميع النظم الاجتماعية والسياسية داخل الدول، ففي مجتمع يعاني من الفساد، لا يمكن مواجهة هذا الفساد جزئيًّا بتوجيه التهم ضد هذا الفريق أو ذاك، علمًا بأن غالب مَن يواجهون الفساد يتعرضون لعدد من التعديات عليهم، فالفساد ليس مختصًّا بأحد، وقد تتطلّب المسألة كثيرًا من التفكير، والتحديد، وبناء حملة مكافحة الفساد على معلومات دقيقة، وبرامج شمولية، وألا تكون الحملة على الفساد هي ذاتها فاسدة وغير أخلاقية وغوغائية.

ونجد أن وعي الشارع خلال الفترة الراهنة يتجاوز بكثير حسابات النخبة، ويمكن رصد ذلك، فمعنى الفساد لدى العامة يتجاوز المجاملات والحسابات الهيكلية والإصلاحية أو تبديل الأشخاص أو البحث عن مصالح سياسية خاصة، فيما هدف النخب هو تحسين شروط المشاركة على سبيل المثال للوصول إلى دوائر السلطة والنفوذ، حيث تنحصر وظيفتها في التفاوض على المتاح سياسيًّا تبعًا لوزنها في الشارع أو حتى في وسائل التواصل الاجتماعي.

لن تنتهي هذه الحرب الشرسة في مواجهة أبناء الشعب المصري دون تكاتفهم خلف القيادة السياسية ومؤسسات الدولة، وتفعيل دورهم الإيجابي والقضاء على تلك المؤامرات التي تستهدف مصر دولةً وشعبًا، ودون اصطفاف الجماعة الوطنية وشد العزائم والثقة، بأنهم قادرون بقيادتهم ومؤسساتهم الوطنية على مواجهة أي مخاطر تستهدف أمن مصر وتهدد القوام الوطني.