رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد العسيري يكتب: عادل إمام فى وزارة الشباب


كلما ذهبت إلى قريتى ومررت من أمام «النادى».. تذكرت على الفور مشهد عادل إمام فى فيلمه خفيف الدم «التجربة الدنماركية».. ذلك المشهد الذى يخبط فيه باب أحد النوادى الريفية ويدخل ليجد موظفيه، فيجلس بجوارهم وهم يدخنون الشيشة، ثم يطاردهم بالشبشب!
المشهد بالنسبة لى لم يعد مضحكًا.. لكنه يطاردنى بعدد من الأسئلة الصعبة.. وآخرها.. هل ذهب الدكتور أشرف صبحى، وهو شاب شديد الحماس، إلى نوادى محافظة الفيوم؟.. هل ذهب لزيارة مراكز الشباب فى سوهاج وأسيوط؟!
تسألنى لماذا هذه المحافظات تحديدًا؟.. وأجيبك: هل فكرت لماذا تصدّر لنا محافظة الفيوم الإرهابيين الجدد وآخرهم من فجّر معهد الأورام!!
لقد دعا السيد الرئيس فى المؤتمر الأخير للشباب إلى فتح كل النوافذ والأبواب والمساحات أمام الجيل الجديد.. إصرار الرئيس على مشاركة شباب مصر فى الانتخابات المحلية المقبلة وتمكينهم بما يزيد على خمسة وعشرين بالمائة.. وفى أى استحقاقات انتخابية مقبلة.. حرص الدولة على إنشاء ودعم أكاديمية التدريب.. بناء مدينة للفنون هى الأكبر فى الشرق الأوسط فى العلمين.. والعاصمة الجديدة.. والمتحف الكبير.. كل هذه المشروعات الكبرى ليست فقط رسالة للعالم ولنا.. لكنها مصانع مضادات حيوية لزيادة مناعة مصر وشبابها فى المقدمة.
فى هذا السياق.. أستغرب تمامًا أداء الموظفين فى وزارة الشباب.. هؤلاء الذين يتفنون فى «تبويظ أى عمل حقيقى».. هؤلاء الذين تعودوا على أداء روتينى سخيف لا يناسب هذه اللحظة بالمرة.
نوادى الشباب الفقيرة فى تلك المحافظات أقصى أمانيها الحصول على دعم لا يزيد على خمسين ألف جنيه.. تحصل عليها كل عام أو عامين.. ومن أجل ذلك يطرق شبابها باب مسئولى المديريات.. مديريات الشباب.. آلاف المرات، فيلجأون إلى الوزارة التى تسوف وتسوف وتسوف حتى يزهق من يطلب ويعود إلى قريته محسورًا.. شاهدت ذلك بعينى.
وعندما حكيت للزميل الناقد الرياضى المعروف أشرف محمود وهو يتحدث بحماس عن «مشروعات كبرى».. يسعى الوزير الشاب لتحقيقها.. استغرب وأخبرنى بأن الأيام تختلف تمامًا.. حكى لى عن رحلات سيقومون بها إلى كفرالشيخ والمنصورة.. كنا يومها فى أسوان.. وكان معنا الشاعر عماد حسن والملحن الموزع إيهاب عبدالسلام.. كلاهما، مثلما هو الحال مع كل المثقفين فى مصر، على أتم الاستعداد للسفر إلى آخر نقطة فى مصر للقاء شبابها.. لكن هل تمت هذه اللقاءات.. من ذهب إليها.. وماذا قدموا للشباب وفيما تحاوروا معهم.. ربما حدث ذلك.. لكن تسويق ما حدث عاجز وقاصر ولم يصل لأحد.
ما أتصوره.. أن موظفى هذه الوزارة يحتاجون إلى التفكير بعقولهم وليس بأقدامهم.. لقد حققت الألعاب الفردية بطولات رائعة مؤخرًا.. وربما أنجزت أندية كرة القدم الكبرى- الأهلى والزمالك - بطولات مهمة فى الأعوام الأخيرة خطفت الاهتمام والعين.
لكن ما هو الحال فى «سوهاج وأسيوط والفيوم»؟.. هل قرأ السادة الموظفون فى وزارة الشباب تقارير التنمية البشرية التى أنجزتها الحكومة عن تلك المحافظات؟.. هل قرأ هؤلاء ما سجلته مراكز الدراسات عن «حاضنات الإرهاب»؟.
ومنذ فترة كانت الوزارة تصدر كتابًا مهمًا اسمه «كتاب الطلائع».. كانوا يقومون بتوزيعه على مراكز الشباب.. اختفى فى ظروف غير معلومة.. هل راجع الوزير أشرف صبحى ذلك المشروع؟.. وهل يعرف إلى أين ذهب؟.. وهل سأل عن المكتبات الموجودة فى مراكز الشباب.. هذا إن كانت هناك مكتبات أصلًا؟.
مخازن وزارة الثقافة تشكو من تكدس المؤلفات بها.. ملايين النسخ من مطبوعات هيئة الكتاب وهيئة قصور الثقافة تشكو من الرطوبة فى المخازن.. فلماذا لا يخطف الدكتور أشرف صبحى رجله إلى مكتب د. إيناس عبدالدايم ويوقع معها بروتوكولًا للاستفادة من تلك الكتب المخزنة بتوزيعها على مكتبات مراكز الشباب.. وفى تلك المحافظات بالذات؟.
لقد قامت الوزارة، بطريقة كلاسيكية سخيفة، بتنظيم مسابقة اسمها «إبداع».. هل سمع أحدكم عنها؟!! وماذا أنتجت؟.. هل قدمت لنا شاعرًا جديدًا؟.. هل قدمت لنا منشدًا بحجم سيد النقشبندى؟.. وإذا كانت قد اكتشفت بعضهم، فماذا فعلنا بهم ولهم عقب ذلك الاكتشاف؟.. هل قدمناهم للمراكز الثقافية فى الأوبرا مثلًا؟.
صناعة المواهب ليست عملًا عشوائيًا.. وأى بطل يتم تصنيعه من شباب مصر يحتاج إلى خطة.
ومشاكل كرة القدم يبدو أنها تخطف «عقل وذهن» أشرف صبحى كثيرًا.. والذين يعملون مع الرجل ليسوا فى حماسة وليسوا على قدر اللحظة التى نعيشها.
معالى الوزير.. أعرف قدر ما تعانيه من مشاغل.. لكننا فى حاجة عاجلة إلى «بيت تفكير» ينظم «عقل» هذه الوزارة.. ويضع لها أولوياتها.. التى نظن أن فى مقدمتها «دحر منابع الإرهاب» فى تلك القرى والمراكز البعيدة.. حتى لا تتحول إلى مجرد مشهد فى فيلم جديد لعادل إمام.