رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الداعشيات.. و«الأخوات» الإرهابيات



دراسة أوروبية مهمة، لم تحذر، فقط، من أن «الداعشيات» العائدات مستعدات لشن هجمات فى أى وقت، بل كشفت أيضًا عن فشل جهود إعادة تأهيل ذكور التنظيمات الإرهابية ونسائها، وأوضحت أن سلطات السجون هناك، بعد فشلها فى علاج المرض، اكتفت بمحاولة منع انتشاره.
الدراسة قام بها باحثون هولنديون لصالح مجموعة «جلوبسك» للأبحاث، غير الحكومية، التى تقع فى مدينة براتيسلافا بسلوفاكيا، وصدرت، الخميس الماضى، فى مدينة بروكسل البلجيكية، عاصمة الاتحاد الأوروبى. وجرت على ٣٢٦ إرهابيًا، من الأوروبيين الذين تم إلقاء القبض عليهم أو ترحيلهم أو قتلهم منذ سنة ٢٠١٥، من بينهم ٤٣ امرأة. وبين أهم ما جاء فيها هو أن كثيرين من هؤلاء لديهم سجلات إجرامية عادية، وأن ثلثهم، على الأقل لعبوا دور «رواد التطرف أو قادة خلايا أو شبكات جاذبة» عند عودتهم إلى أوروبا.
فى تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفرنسية، قال القائمون على الدراسة إنهم أبلغوا مسئولى السياسات الأمنية بالاتحاد الأوروبى بعدم جدوى الجهود التى تبذلها سلطات السجون للقضاء على التطرف، مستندين إلى أن معظم المدانين بجرائم الإرهاب استمروا فى ارتكاب جرائم مماثلة بعد إطلاق سراحهم: «بعد سنوات من العمل اكتشفنا أن اثنين فقط من السجناء تخليا عن التطرف». وما بين التنصيص قاله بارت شورمان، الباحث الأمنى بجامعة ليدن الهولندية الذى ساهم فى إعداد التقرير، الذى أشار إلى أن سلطات السجون بدأت تركز أكثر فأكثر على فصل المتطرفين عن عامة السجناء لمنع تطرف آخرين.
لاحقًا، أو فى سياق آخر، سنتوقف عند فشل محاولات التأهيل، أو المراجعات. وسنكتفى الآن بنساء «داﻋﺶ»، اللاتى قالت الدراسة إنهن لسن مجرد عرائس، فبعضهن خططن لهجمات، وبعضهن يعملن على استقطاب مجندات، وهن ناشطات فى مجال الدعاية، وينشطن كذلك فى مجال التمويل. ورصدت الدراسة محاولات نساء «داﻋﺶ» لإطلاق حملات تمويل جماعية، ودورهن كـ«ضابط لوجستى» لحماية المقاتلين. بالإضافة إلى محاولة إحدى الخلايا النسائية تفجير كاتدرائية نوتردام فى باريس قبل ثلاث سنوات. ونشير بالمرة إلى أن محكمة عراقية أصدرت، منذ أيام، حكمًا بالسجن المؤبد على أبرار الكبيسى، التى كانت أﺑﺮز الباحثين البيولوجيين فى ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ «داﻋﺶ» ﻟﺘﺼﻨﻴﻊ وتطوير الأﺳﻠﺤﺔ اﻟﻜﻴﻤﺎوﻳﺔ وﺗﺪرﻳﺐ ﻋﻨﺎﺻﺮ التنظيم على استخدامها.
الكلام عن نساء «داعش» ينسحب قطعًا على نساء الجماعة الأم: جماعة الإخوان، التى خرج هذا التنظيم وغالبية التنظيمات الإرهابية من رحمها. ولم يكن مفاجئًا أو غريبًا أن تكشفت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا فى القضية المعروفة إعلاميًا بـ«خلية بنت الشاطر»، عن قيام المتهمات والمتهمين بتوجيه أموال التبرعات إلى عناصر من تنظيم «داعش» تواصلوا معهم عبر موقع التواصل الاجتماعى «تليجرام»، لشراء أسلحة ونقلها وتسليمها لتنفيذ عمليات إرهابية ضمن مخطط «الإخوان» لنشر الفوضى. وكنا قد أشرنا، خلال تناولنا هذه القضية، منذ أيام، إلى أنه بعد انهيار جماعة الإخوان وتوقف عمل الكثير من لجانها الداخلية نتيجة إلقاء القبض على العناصر الفاعلة فيها، عقد قسم «الأخوات» عدة لقاءات لوضع استراتيجية لإدارة الأزمة الراهنة، ركزن فيها على زيادة نشاطهن ودورهن للحفاظ على التنظيم. ولعلك تتذكر ذلك التنظيم النسائى المعروف باسم «الأنصاريات»، الذى دعا «الأخوات»، فى بيان، إلى الجهاد وحمل السلاح حتى عودة الإخوان للحكم.
تكتيكات الإرهابيات، أو «الداعشيات» فى التجنيد، دفعت شبكة «فيسبوك» إلى تمويل دراسة تحاكى أساليبهن لمعرفة كيفية وصولهن إلى المستهدفين ومدى قدرتهن على تغيير وجهات نظرهم نحو التطرف والإرهاب. ومن بين عشرات استعان بهن الباحثون فى معهد الحوار الاستراتيجى، تبين أن أفضل من كان لديهن القدرة على الإقناع امرأة انضمت لفترة إلى تنظيم «داعش» قبل أن تغادره، وحققت نتائج مبهرة فى الوصول إلى المستهدفين من كلا الجنسين. وانتهت الدراسة إلى أن داعشيات أوروبا وأمريكا، والمتطرفات إجمالًا، استخدمن شبكات التواصل الاجتماعى لإقامة علاقات مع المستهدفين، ثم استمالتهم بمحادثات طويلة ودءوبة، تلعب على وتر المظالم إلى أن يقتنعوا بأن الإرهاب هو الحل.
من تلك الدراسة، عرفنا أن سالى جونز أو «الأرملة البيضاء» و«توأمتى الإرهاب» زهرة وسلمى هالان، وغيرهن، استخدمن أساليب «رومانسية وعاطفية»، كتلك التى تستخدمها الآن، مثلًا، الأستاذة نجلاء، زوجة محمد مرسى العياط، التى يحاول بعض المركوبين تسويقها على أنها «أم الصابرين» لمجرد أنها فقدت زوجها وأحد أنجالها: زوجها الذى خان وطنه وتخابر لصالح دولة معادية، وعوقب عن تلك الجريمة، وغيرها، بالسجن لمدة ٤٥ سنة، ومات فى المحكمة خلال نظر قضية تخابر أخرى، أدين فيها زملاؤه، منذ يومين، بالسجن المؤبد. أما الابن فمات بجرعة زائدة من المخدرات والمنشطات الجنسية، بعد ليلة حمراء، أو سوداء، قضاها مع عاهرة بالأجر!.