رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المعارضة البلهاء ومصداقية المهللين



عايش الشعب بنفسه وقائع سقوط أكثر من فاسد فى قطاعات مختلفة فى الدولة، ولم يكن أحد يتوقع مجرد المساس بهؤلاء فى زمن الفلول وسيطرة رجال الأعمال على مقاليد ومقدرات الدولة والشعب، انزعاج الكثير من رجال الأعمال والفاسدين منهم بالتحديد من حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى أسقط العديد من الفاسدين المتربحين بات واضحًا للجميع.
الأدهى أن يسهم من يعتبرون أنفسهم معارضة- بغباء منقطع النظير وقصر نظر- فى التهليل للفاسد كراهية فى شخص الرئيس، بل ويتحينون أى فرصة للشماتة فيه وفى المؤسسة العسكرية والهجوم عليها بلا أسانيد، فيخفقون أكثر ويخسرون أرضية فى الشارع ويفقدون مصداقيتهم لدى الغالبية، متوهمين أنهم قد حققوا نصرًا مبينًا بكراهيتهم المجانية للنظام وشخص الرئيس، تلك الكراهية التى ستحرق حتمًا ما تبقى لهم من قوارب نجاة، فالكراهية البلهاء باهظة التكاليف، لأن الغالبية المطحونة لا تعبأ فى حقيقة الأمر لمحمد على وفيديوهاته، وبالتالى لن تعبأ لهؤلاء الغالبية المنشغلة بقوتها اليومى، أما المعارضة البلهاء فقوتها وزادها التذاكى والتصيد والتربص، القافلة تسير وهم يريدون قطع الطريق، والنتيجة فقدهم الأكيد مصداقيتهم بعد تعاطفهم وتصديرهم الفاسد بوصفه بطلًا معارضًا كاشفًا للفساد، وهو فى ذاته نموذج للفساد والتربح منذ عهد مبارك.
فيديوهات الفل الهارب أكدت كم العوار المرعب الذى أصاب النخب التى جعلت من نفسها قضاة وأوصياء على الوطن وشعبه، وصارت تشيطن وتكيل الاتهامات جزافًا على من تعارضه بلا أدلة أو أسانيد، بل وصنعت أساطير لفل فاسد هارب فى عوالم الافتراض. فلو كان لتلك المعارضة البلهاء حقًا قضايا حقيقية يدافعون عنها ويطالبون بها ما التفتوا لتلك البلاهات، إفلاسها يجعلها تتخبط وتهلل لغوغائية الغوغائيين. ففضيحة هنا أو ملاسنة هناك تجعلهم يتوهجون ويتفننون فى الهجاء الفارغ الأجوف من أى حقائق أو أدلة، والسؤال: هل الفل الهارب يمثل شيئًا مهمًا، أو فعل شيئًا مهمًا لهذا الشعب؟
مكانة الهارب عند الحرافيش هى محض صفر، محمد على فى المعادلة الشعبية هو اللص الهارب الذى لم يبنِ مصر الحديثة، فمن بناها فى السابق ويعمر فيها اليوم لم يهرب منها، بل يهرع إليها، لقد عاش من عاش ودفن فيها من رحل وخلد اسمه فى الذاكرة الشعبية وذاكرة الوطن والتاريخ، اللص الهارب رصيده عند رجل الشارع صفر كبير يوازى أصفاره التى هرب بها فى العقل الجمعى الشعبى، لن يحتل محمد على مكانة على الزيبق أو دون كيخوته، فلماذا إذن يصدقونه؟ ملايينه التى هرب بها سرقها من قوتهم اليومى، وستظل لعنة المال المسروق تطارد السارق ومن هلل له حتى آخر العمر، الشعب يعبأ دومًا بمن بنى له وسيبنى له مستشفيات ومدارس وطرقًا ومواصلات وتأمينات ومعاشات.. من سيحميهم من المعتدى ومن سيعطيهم شرعية ومواطنة لفظها الهارب غير العابئ واستبدلها بوثيقة سفر ليعيش فى بلد آخر بأموالهم هم وحتى تلك البلدة الأخرى فلن تعبأ به، بل بأمواله التى سينفقها فيها، سيعيش محمد على ليسدد فواتيره بعضها يملك كلفتها بالطبع وبعضها الآخر لن يستطيع دفعه أو تسديده ولو معه المصباح السحرى، من يعبأ إذن باللص الهارب؟
يعبأ به وللأسف من يعتبر نفسه معارضًا سياسيًا، ومن اعتبر اللص الهارب معارضًا سياسيًا أيضًا، وينقسم هؤلاء المعارضون ما بين الحاقد والمتمنى سعداء جميعًا بما فعله اللص، لقد جعلوا اللص فارسًا ونموذجًا يحلمون بمقاربته وإن التقاه أحدهم خارج البلاد سيركع له ويمتدحه بسير عنترية، وربما بأشعار تشبه أشعار البحترى والمتنبى وأبوتمام، ليجد له وظيفة فى مجال السلب ونهب البنوك والهروب بها للخارج، محمد على صار سيدًا للمعارضة البلهاء، وإلهًا لها، لكنه فى نظر الشعب كان وسيظل اللص الهارب، وبالتبعية والتهليل صار هؤلاء البلهاء أصدقاء لذلك اللص، فهل سيحب الشعب هؤلاء البلهاء؟ هل سيستجيب يومًا لهم؟ هل سينصت لهم أو يصدقهم إن عارضوا النظام لاحقًا؟
سيمزق المطحونون ثياب هؤلاء ومعهم سيدهم إن تمكنوا منهم، فالمطحونون جوعى يطلبون الأبسط دومًا وأقل القليل مما لدى سيد المعارضين الهارب الذى سرق أموالهم ولم يمنحهم شيئًا، فى حين تمنحهم الدولة ولو قليلًا. فولاء الغالبية إذن لمن؟ للدولة أم للهارب ومصدقيه؟ وما سيكون مصير المهللين للهارب؟
لقد أضاع هؤلاء مصداقيتهم للأبد عندما صدقوا وصفقوا وهللوا للفل الهارب نكاية وكراهية فى النظام، فاعتبرت الغالبية أن هؤلاء يكرهونهم هم ويكيدون لهم ولا يعبأون بهم، بل باللص وأموالهم المهربة وتصبح المحصلة صفرًا كبيرًا حصلت عليه تلك المعارضة البلهاء، وحصل عليه المهللون سيضاف حتمًا لأصفار اللص الهارب.