رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أبو هريرة.. وبنت الشاطر


أسلم «أبو هريرة» فى السنة السابعة للهجرة، وصار أكثر رواة الحديث. وقيل إن اسمه الذى وُلد به، كان «عبد شمس» أو «سكين» أو «عامر» أو «سعيد» أو... أو... ثم تغير بعد إسلامه إلى «عبدالرحمن» أو «عبدالله». أما اسم «أبوهُريرة»، الذى اشتهر به، فيعود إلى تعلقه بهرة «قطة»، كان يضعها فى كمه. وفى رواية أخرى، كان يلعب معها وهو يرعى غنمًا لأهله.
ضاقت الدنيا فى وجه أسرة إخوانية، تعيش بيننا الآن، واختارت لأحد أبنائها اسمًا مركبًا هو محمد أبوهريرة، ولمّا كبر الغلام، زوَجته الأسرة من عائشة ابنة خيرت الشاطر، نائب مرشد جماعة الإخوان الإرهابية. وأنشأت منظمة اسمها «التنسيقية المصرية للحقوق والحريات»، جعلته متحدثًا باسمها. ومنذ نوفمبر الماضى، تم إلقاء القبض على المذكور وزوجته وآخرين، لاتهامهم بالانضمام لجماعة إرهابية، والتحريض على ضرب الاقتصاد القومى، و«توفير ونقل الأموال للتنظيمات المتطرفة، أبرزها تنظيم داعش الإرهابى». وصارت تلك القضية معروفة إعلاميًا بـ«خلية بنت الشاطر».
الإخوانية، كما قال فقيههم القانونى صبحى صالح، لا ينكحها إلا إخوانى. وبإلقاء القبض على الإخوانى المذكور، صار خمسة من أزواج بنات خيرت الشاطر خلف الأسوار: أبوهريرة، وأحمد ثروت (زوج مريم) ومصطفى حسن (زوج حفصة) وأحمد درويش (زوج خديجة) وخالد أبوشادى (زوج سمية). وكلهم إخوان، من عائلات إخوانية. بالضبط، كأيمن عبدالغنى زوج «الزهراء»، كُبرَى بنات الشاطر، الذى هرب إلى قطر فور فض اعتصام رابعة، واختارته قيادات الجماعة هناك ليكون همزة الوصل بينها وبين خلايا الإخوان النوعية الإرهابية فى مصر، ثم تولى مسئولية تلك الخلايا، بعد مقتل محمد كمال فى تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن.
المهم، هو أن خلية «بنت الشاطر»، ضمت إلى جانب أبوهريرة وبنت الشاطر، المحامية هدى عبدالمنعم، المسئولة عن «قسم الأخوات»، ويصفها عناصر الإخوان بـ«زينب الغزالى الجديدة». وفى عدد أمس، الثلاثاء، نقلت زميلتنا مريم جبل عن مصادر بعض ما كشفته تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا فى القضية، عن قيام المتهمين بتجنيد العشرات من أسر عناصر «داعش» لخدمة مخطط الإخوان فى نشر الفوضى وتنفيذ اغتيالات، وعن تكليفهم النساء بمهمة نقل الأموال والسلاح بين المحافظات إلى جانب زرع العبوات الناسفة فى المحافظات المشتعلة.
بتفتيش محل إقامة المتهمين، كما جاء بالتحقيقات، تم ضبط أجهزة كمبيوتر وتليفونات محمولة حديثة تحتوى على مخططات الخلية وعشرات من المحادثات مع عناصر تنظيم «داعش» الإرهابى تدور حول مخططات الهروب من الرصد الأمنى أثناء مواعيد تسليم الأموال وتهريب الأسلحة. كما كشفت اعترافات موثقة، عن قيام بنت الشاطر وهدى عبدالمنعم بتجنيد مجموعة من نساء الجماعة وأهل الثقة من الذكور، وتكليفهم بجمع تبرعات لصالح عناصر الجماعة المحبوسين، لكنهما وجهتا تلك الأموال إلى عناصر من تنظيم «داعش» تواصلتا معهم عبر موقع التواصل الاجتماعى «تليجرام»، لشراء أسلحة ونقلها وتسليمها لعناصر تنفيذ عمليات إرهابية.
التحقيقات لا تزال مستمرة، وما زالت محكمة جنايات القاهرة تجدد حبس المتهمين على ذمتها. وحتى تكتمل الصورة، نشير إلى أنه بعد انهيار جماعة الإخوان وتوقف عمل الكثير من لجانها الداخلية نتيجة القبض على العناصر الفاعلة فيها، عقد قسم «الأخوات» عدة لقاءات لوضع استراتيجية لإدارة الأزمة الراهنة، ركزن فيها على زيادة نشاطهن ودورهن للحفاظ على التنظيم. ولعلك تتذكر ذلك التنظيم النسائى المعروف باسم «الأنصاريات»، الذى دعا «الأخوات»، فى بيان، إلى الجهاد وحمل السلاح حتى عودة الإخوان للحكم، اقتداء بـ«خولة بنت الأزور التى ظلت تقاتل حتى ظن الروم أنها رجل من شدة قتالها، ويا جند الله اشهدى أننا ماضون فى سبيل الله حتى تضىء أقدامنا الجنة وحتى تحرر بلادنا ونطهرها من كل الكلاب الضالة».
خولة بنت الأزور، شخصية وهمية لا وجود لها فى الواقع، ولا ذكر لها فى كتب التراجم والسير، أو حتى فى كتب اللغة والأدب. أما الثابت، فهو أن فتاة اسمها مريم الصاوى، تنتمى لأسرة إخوانية، وشقيقة أحد منفذى هجوم البدرشين، ظهرت فى برنامج تليفزيونى، منذ سنتين، تحديدًا فى سبتمبر ٢٠١٧، وقالت بوضوح إن زوجة خيرت الشاطر، تمنح ٣ آلاف جنيه لأسرة كل مسجون، من أجل التمسك بالمشروع الإرهابى وعدم الانشقاق.
مع ذلك، لا تزال «أم الزهراء عزة توفيق» حرة طليقة. وقد تعتقد لو تجوّلت فى حسابها على «فيسبوك» أنه الحساب الرسمى لتماضر بنت عمرو، المعروفة باسم «الخنساء»، لكن ما سيلفت نظرك هو أن اسم «أبوهريرة» لم يرد ذكره، على الإطلاق، فى كل بكائياتها، شحتفاتها أو ولولاتها، على زوجها، أبنائها، وأزواج بناتها. تفتكر ليه؟!.