رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تيكاد 7.. مسك الختام



النجاح أو عدمه مرهون بالنتائج. ومن نتاج قمة طوكيو السابعة للتنمية الإفريقية «تيكاد ٧» أنها وجهت بوصلة الاهتمام إلى ضرورة تعزيز أواصر التعاون ودفع المسيرة التنموية فى إطار من المصلحة المشتركة، تحدده خطط تنفيذية، تتسق مع الواقع الإفريقى، وتحترم سيادة الدول ومقدراتها، وتحقق نتائج ملموسة.
خلال الشهور الماضية، أو منذ ترأست مصر الاتحاد الإفريقى، قطعت دول القارة خطوات مهمة على طريق تحقيق التنمية المستدامة، وإيجاد أفضل مناخ لجذب الاستثمارات، أبرزها قيام القمة الإفريقية الثانية والثلاثين، التى انعقدت فى فبراير ٢٠١٩، بإطلاق أول تقرير للحوكمة فى إفريقيا. تبعتها خطوة تاريخية مهمة على طريق الاندماج الاقتصادى القارى تمثلت فى دخول اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية حيز التنفيذ خلال قمة يوليو الماضى الاستثنائية، التى شهدت أيضًا إقرار خطوات استكمال تحرير التجارة والخدمات والانتهاء من قواعد المنافسة وفض المنازعات وحماية الملكية الفكرية كركائز أساسية لفتح وضبط الأسواق.
تحت شعار «دفع التنمية الإفريقية من خلال الشعوب والتكنولوجيا والابتكار»، انعقدت قمة «تيكاد ٧» الأربعاء، برئاسة مصرية يابانية، وبمشاركة قادة وزعماء الدول الإفريقية، وعدد من المنظمات والمؤسسات الدولية، أبرزها الأمم المتحدة والبنك الدولى. وخلال الأيام الثلاثة الماضية، تم التركيز على التحولات الاقتصادية، تحسين بيئة الأعمال، وتعزيز الأمن والاستقرار والسلام. وانتهت أعمال القمة، الجمعة، بتحديد آفاق التعاون للسنوات الثلاث المقبلة، وأقرت ما تتطلع شعوب دول القارة إلى تنفيذه: الاستقرار والسلام، التصدى للتحديات التى تواجه تهيئة المناخ المناسب لتحقيق التنمية المستدامة، وإيجاد شراكة فعالة بين القطاعين العام والخاص، عبر مجموعة من الأفكار المبتكرة، تتناسب مع الواقع وإمكانات القارة وثرواتها البشرية. مناقشات مثمرة، اتسمت بالصراحة والشفافية، شهدتها جلسات القمة الست، التى بدأت وانتهت بتأكيدات حملتها كلمتا الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى جلستى الافتتاح والختام، على أن مسيرة الـ«تيكاد» يجب أن تتواصل وتستمر فى دعم التنمية الشاملة والمستدامة فى القارة الإفريقية من خلال ركائزها الثلاث: الإسراع فى التحول الاقتصادى وتحسين مناخ الأعمال، تطوير مجتمعات مستدامة ومرنة، وتعزيز السلم والاستقرار. وما من شك فى أن عملية البناء على هذه الركائز الثلاث، كما قال الرئيس، تتطلب وجود آليات متابعة فاعلة، حتى تتماشى مع الرؤية والأولويات الإفريقية وفق أجندة ٢٠٦٣ وأهداف التنمية المستدامة ٢٠٣٠.
فى ضوء ما عكسته أعمال القمة من إرادة سياسية مشتركة، جدد الرئيس عبدالفتاح السيسى الدعوة لكافة مؤسسات القطاع الخاص والشركات اليابانية والعالمية ومؤسسات التمويل الدولية للتعاون والاستثمار فى إفريقيا. موضحًا أن هذا هو التوقيت الصحيح للانفتاح على القارة السمراء، ولافتًا إلى أن أسواق إفريقيا مفتوحة والظروف الاستثمارية مهيأة والرغبة موجودة للتعاون مع كافة الشركاء. ولم يفت الرئيس مطالبة مؤسسات التمويل الدولية والقارية والإقليمية بالاضطلاع بدورها فى تمويل التنمية بإفريقيا، وتوفير الضمانات المالية لبناء قدرات القارة.
العلاقات المصرية اليابانية، كما سبق أن أوضحنا، قوية وراسخة، وترتكز على الاحترام المشترك والمنفعة المتبادلة وعدم التدخل فى الشئون الداخلية. وكنا قد تمنينا أن تتم ترجمة تلك العلاقات، وأن نرى جهودًا ملموسة من الحكومة المصرية لتحقيق مزيد من التعاون مع مجتمع الأعمال اليابانى. وأن نلمس حرصًا حقيقيًا على تقديم جميع أوجه الدعم للشركات اليابانية الراغبة فى العمل بالسوق المصرية. وخلال أيام القمة الثلاثة، رأينا بوضوح تلك الجهود وهذا الحرص. وغير توقيع عدد من مذكرات التفاهم، لم يترك الرئيس فرصة إلا وأكد خلالها امتلاك مصر للإمكانيات التى تجعلها محورًا مهمًا لكل الصناعات اليابانية، ونقطة انطلاق إلى أسواق إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا، نظرًا لاتفاقيات التجارة الحرة الموقعة بينها وبين مصر. سعيًا إلى تحقيق الهدف ذاته، استقبل الرئيس عددًا من رؤساء مجالس إدارات الشركات اليابانية الكبرى، واستعرض معهم المشروعات التى تدرس شركاتهم تنفيذها فى مصر، وكلهم أكدوا اهتمامهم بالتعرف عن قرب على مختلف الفرص الاستثمارية المتاحة، وأعربوا عن ثقتهم فى المستقبل الواعد للاستثمار فى مصر. كما أشاد هيروشيجى سيكو، وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانى، خلال لقائه بالرئيس، بالإجراءات التى تتخذها مصر من أجل جذب وتنمية الاستثمارات الأجنبية، وأشار إلى قيام الوزارة بتشجيع الشركات اليابانية على العمل والاستثمار فى مصر، مؤكدًا اعتزامه مواصلة العمل من أجل تعزيز التعاون الاقتصادى بين البلدين.
أخيرًا، وبانتهاء أعمال قمة «تيكاد ٧»، تكون الكرة فى ملعب مؤسسات التمويل الدولية، القارية، والإقليمية، التى بات عليها أن تفكر بشكل مختلف تجاه القارة السمراء، وأن تقدم شروطًا ومعايير أفضل للإقراض والتمويل، تسهم فى تنفيذ مشرعات رائدة، نتمنى أن ترى النور قبل انعقاد القمة القادمة، «تيكاد ٨»، بعد ثلاث سنوات.