رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السكة الحديد وركابها


رفعت هيئة السكة الحديد غرامات ركوب القطارات دون تذاكر، ما أدى إلى تزاحم الركاب على شباك التذاكر فى كل محطة، وبعض المحطات ليس فيها إلا جهاز كمبيوتر واحد يعمل عليه موظف للتذاكر لكل القطارات، وأصبحت معاناة الركاب فى الحصول على التذاكر من الشباك قاسية ومرهقة فى الوقوف فى الحر الشديد فى الطابور الطويل.
المطلوب أن يزداد عدد الموظفين وتخصيص موظف للقطارات المكيفة وآخر للقطارات العادية. مع النظر إلى الجو القاسى والمعاناة التى يعانيها الموظف الواحد فى التعامل مع كل الفئات لحساب قيمة التذكرة وتسلم النقود وتسليم الباقى، وهى مهمة قاسية وشاقة، كان ينبغى على السكة الحديد العمل على راحة موظفيها من أجل راحة الركاب.
كما لم تتنبه الهيئة إلى معاناة الركاب فى محطاتها، ومع ذلك فإنها تبيع ركابها للشركات التى تستأجر البوفيهات فى محطات السكة الحديد. فإذا ما جلس أى راكب مع أسرته فى أحد تلك البوفيهات فسيجد نفسه مجبرًا على شراء قطعتى جاتوه تالفتين وزجاجة مياه معدنية ويقوم بفتحها على الفور وعلبة مناديل صغيرة، ليقطع عليك خط الرجعة، وبعد ذلك تطلب المشروب الذى تريد أن تشربه سواء باردًا أو ساخنًا، ولا يحق لك أن تتعلل بأنك تناولت طعام الغداء خارج المحطة ولا تريد هذا الجاتوه، أو أن القطار فيه طعام، أو أنك مريض بالسكر ولا تأكل الجاتوه، أو أنك ستكتفى بقطعة واحدة، كل هذا لن يسمع منك، لأنك فى النهاية ستدفع ثمن قطعتى الجاتوه والمياه المعدنية بضعف ثمنها بالإضافة إلى المشروب، كل هذا بأسعار سياحية.
وتجد نفسك فى النهاية مرغمًا على دفع أكثر من عشرين جنيهًا لو كنت أنت وزوجتك فقط، أما لو معك الأولاد فحدّث ولا حرج، وبالطبع فالأسعار سياحية تليق بالأجانب لا بسطاء الناس من أمثالنا الذين يحسبون ويعدون ويتذكرون ما فى جيوبهم جيدًا، فأنت ستدفع مهما تكلمت، ومهما شرحت ستدفع بالأسعار السياحية التى تحددها الشركة دون رقيب، حتى الجرائد والمجلات القومية المكتوب عليها أسعارها تباع بتلك الأسعار السياحية. لقد أصبحت عاجزًا عن فهم معنى كلمة سياحية، هل هى مقابل للاستغلال.. أم أنها لاستغلال السياح ومعهم ركاب القطار من باقى خلق الله؟
ومن ناحية أخرى فإنه فى نهار الصيف على وجه الخصوص تصل درجة الحرارة فى محطات السكة الحديد حدًا لا يطاق من شدة الحر، وتصبح محطة الجيزة على وجه الخصوص فى الفترة التى بعد الظهر وكأنها «فرن» كبير، ويواجه الركاب أشعة الشمس الحارقة، وتصبح الكراسى الأسمنتية المنتشرة على الرصيف كأنها الجمر، ومع ذلك فهى مزدحمة ولا تكفى الركاب، وفضلًا عن ذلك فهى بدائية وغير حضارية، ولا يوجد مكان يجلس فيه الركاب إلا فى بوفيهات المحطة التى تؤجرها السكة الحديد لتلك الشركات. وفى النهاية الراكب مضطر للجلوس فى البوفيه لعدم وجود مكان آخر يجلس فيه فى القيظ الشديد.
بالطبع توجد استراحة لركاب الدرجة الأولى على محطة الجيزة، وهى عبارة عن حجرة واسعة لا نوافذ فيها غير مكيفة تدور فيها مروحة بدائية لها صوت مزعج، أتمنى أن يذهب السيد وزير النقل، أو رئيس هيئة السكة الحديد، إلى محطة الجيزة متنكرًا لركوب قطار «٩٩٨» فى الساعة السادسة، أو أى قطار آخر فى النهار قبل أو بعد تلك الفترة من تلك القطارات التى يستخدمها خلق الله، وأن يجلس بين رواد البوفيه، ويتأمل قطعتى الجاتوه لعله يجد القابلية لتناولهما أو دفع ثمنها، وأتحداه لو تمكن من الاستمرار فى المحطة أكثر من دقيقتين، وأترك له الحكم بعدها على ما يراه.