رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر والسبع الكبار


فى قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، التى استضافتها مدينة «بياريتس» أو بياريتز» الفرنسية، كان لمصر حضور لافت: كلمة أمام جلسة الشراكة مع إفريقيا، وأخرى أمام جلسة المناخ والتنوع البيولوجي. وعلى هامش فعاليات القمة، عقد الرئيس عبدالفتاح السيسى مباحثات ثنائية، ومتعددة الأطراف، مع كل رؤساء وقادة دول المجموعة تقريبًا، وآخرين.
ذهاب ما صدر عن القمم السابقة مع الريح، كما سبق أن أوضحنا، لا ينفى الدور المؤثر، سياسيًا واقتصاديًا، لدول المجموعة السبع: الولايات المتحدة، بريطانيا، كندا، اليابان، ألمانيا، فرنسا، وإيطاليا. ولا ينفى أيضًا أن مشاركة مصر فى قمة هذا العام، كانت فرصة لشرح سياستها ومواقفها، وللدفاع عن قضايا أمتها، منطقتها، وقارتها الإفريقية. كما سبق أن فعلت فى ١٨ قمة شارك فيها الرئيس السيسى خلال فترة رئاسته الثانية، وكما ستفعل فى القمة رقم ٢٠، قمة «تيكاد ٧» أو مؤتمر طوكيو الدولى السابع للتنمية الإفريقية.
على مدى أيام القمة الثلاثة، أسهمت مصر، بشكل فاعل، فى توسيع مجالات النقاش حول ملفات الاقتصاد والتنمية وعدم المساواة. و.... و.... العمل من أجل إحلال السلام ومكافحة التهديدات الأمنية والإرهابية. وجددّت التأكيد على ثوابتها فى مختلف القضايا الإقليمية والدولية: فى القضية الفلسطينية، أكد الرئيس على دعم مصر لجميع الجهود المخلصة التى تهدف لإيجاد حل عادل وشامل، على أساس مرجعيات وقرارات الشرعية الدولية. وبشأن أزمات سوريا، ليبيا، اليمن وغيرها، شدّد الرئيس على أهمية التوصل إلى حلول سياسية، مؤكدًا، على أن دعم المؤسسات الوطنية وترسيخ تماسكها من شأنه المساهمة فى الحفاظ على وحدة الدول وصيانة مقدرات شعوبها وإنهاء المعاناة الإنسانية الهائلة التى عانت منها طوال السنوات الأخيرة.
عقب مباحثاته مع الرئيس السيسى، أعرب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، كعادته، عن تقديره لمصر ولشخص الرئيس. وأكد على تطلع بلاده إلى المزيد من تطوير علاقات التعاون الثنائى على جميع المستويات، مشيدًا بما تحققه مصر من نجاح فى تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى ودفع عملية التنمية الشاملة. ومؤكدًا على محورية الدور المصرى فى منطقة الشرق الأوسط، وعلى جهودها فى مكافحة الإرهاب وإرساء دعائم السلام والاستقرار فى المنطقة. كما جدّد «ترامب» التأكيد على أن «الاتفاق الذى أبرمه باراك أوباما مع إيران انتهى»، وعلى عدم رغبة واشنطن فى تغيير النظام فى إيران التى طالبها بـ«التخلى عن المشاريع النووية والصاروخية».
الرئيس الأمريكى قال عقب المباحثات، أيضًا، إنه لم يفاجأ بحضور محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيرانى، موضحًا أن الرئيس الفرنسى أبلغه بذلك وطلب موافقته. ومضيفًا: «أنا أحترم مجيئه إلى فرنسا». وكانت الطائرة الإيرانية التى حملت ظريف، قد هبطت، عصر الأحد، فى مكان انعقاد القمة. وزعم البيت الأبيض إن دعوة ظريف «كانت مفاجأة لترامب»، وهو ما نفته الرئاسة الفرنسية، لاحقًا. وكنا قد ذكرنا فى مقال أمس أنه ليس بعيدًا أو مستبعدًا أن تكون دعوة ظريف تمت باتفاق بين الرئيسين الفرنسى والأمريكى، بل ربما كان بناء على طلب الأخير.
الإرهاب صار أحد البنود الثابتة على جدول أعمال القمة منذ قمة «ليون» التى انعقدت فى تلك المدينة الفرنسية سنة ١٩٩٦، وأقرت ٤٥ إجراءً لمكافحته، لم يتم تنفيذ غير واحد منها، هو ذلك الذى ألزم المسافرين بخلع الأحذية فى المطارات. وفى كل المباحثات الثنائية ومتعددة الأطراف، التى عقدها الرئيس على هامش القمة، تطرق إلى ملف مكافحة الإرهاب، وأكد على أهمية تضافر جهود المجتمع الدولى لمنع وصول الدعم للتنظيمات الإرهابية. كما أعلن الرئيس عن انضمام مصر إلى ميثاق «ميتز»، إيمانًا منها بضرورة الحفاظ على التنوع البيولوجي.
الميثاق، الذى تم التوقيع عليه فى مدينة «ميتز» الفرنسية، يهدف إلى تكثيف الجهود لمواجهة انحسار التنوع الحيوى وحماية الطبيعة، واعتماد إطار عالمى بشأن التنوع الحيوى لما بعد ٢٠٢٠. ويأتى انضمام مصر إليه اتساقًا مع المبادرة التى أطلقتها، خلال استضافتها لمؤتمر الأطراف الرابع عشر لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجى، بمدينة شرم الشيخ فى نوفمبر الماضي. وهى المبادرة الرامية إلى تعزيز التناغم بين اتفاقيات «ريو» الثلاث، وإيجاد مقاربة متكاملة للتعامل مع فقدان التنوع البيولوجى، ولمواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ.
بانتهاء قمة مجموعة السبع، غادر الرئيس عبد الفتاح السيسى فرنسا متوجهًا إلى اليابان للمشاركة فى مؤتمر طوكيو السابع للتنمية الأفريقية «تيكاد ٧»، الذى ينعقد خلال الفترة من ٢٨ إلى ٣٠ أغسطس الجارى، برئاسة مصر واليابان، وبمشاركة قادة وزعماء الدول الإفريقية. ومن المتوقع أن يكون هذا المؤتمر، أو تلك القمة، نقطة تحول فى مسار التعاون والشراكة الاستراتيجية بين اليابان ودول القارة السمراء.