رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ظريف فى قمة السبع!


وكالة الأنباء الفرنسية نقلت، صباح الأحد، عن «مصدر بالرئاسة الفرنسية» أن قادة مجموعة الدول السبع الكبرى اتفقوا على تفويض الرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون، للحديث مع إيران باسم المجموعة، وتوجيه رسالة لها نيابة عنها. لكن سرعان ما نفى الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، موافقته على ذلك، أو حدوث اتفاق بهذا الشكل. ثم حدثت المفاجأة وهبطت، عصر الأحد، طائرة إيرانية فى مدينة «بياريتس» أو «بياريتز» الفرنسية، مكان انعقاد القمة، اتضح أنها تقل محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيرانى!.
الرئيس الفرنسى قال، أيضًا، إنه لم يحصل على تفويض رسمى من قادة دول المجموعة، موضحًا أن نقاشًا دار بينهم بشأن إيران، مكّنهم من رسم خطين مشتركين: لا توجد دولة عضو فى مجموعة السبع ترغب فى امتلاك إيران أسلحة نووية. وكل قادة المجموعة مهتمون بشدة بالاستقرار والسلام فى منطقة الشرق الأوسط. وأكد أنه سيواصل إجراء محادثات مع طهران على مدى الأسابيع المقبلة لتهدئة التوترات أو لتجنب المزيد منها.
خدعوك، وربما خدعوا الرئيس الفرنسى أيضًا، فقالوا إن الولايات المتحدة تريد هذا أو ذاك. مع أن العكس هو الصحيح، لأنها ببساطة تريد بقاء الوضع على ما هو عليه، لتواصل ابتزازها للدول الواقعة تحت مظلتها أو سيطرتها. ولا أعتقد أنك فى حاجة إلى إثبات أنها خلقت «أو استغلت» حالة عدم الاستقرار التى عاشتها المنطقة العربية، فى السنوات الأخيرة، وأتاحت لتركيا وإيران إنشاء مناطق نفوذ، وحرضت وشجعت قطر، على دعم وتمويل تنظيمات إرهابية.
الرئيس الفرنسى يحاول، طوال الشهور الماضية، إنقاذ الاتفاق النووى الذى انسحبت الولايات المتحدة منه. ولم نعرف بعد طبيعة العمل الرائع الذى قام به، خلال عشاء السبت، الذى أشاد به بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطانى، لدى استقباله له صباح الأحد. أما ما نعرفه فهو أن العلاقة بين إيران والولايات المتحدة، كما أوضحنا فى مقال سابق، شديدة التعقيد. وأن التوقيع على الاتفاق النووى بين إيران ومجموعة الدول «٥+١»، صيف ٢٠١٥، لم يكن غير حلقة من مسلسل إيرانى أمريكى طويل، بدأت أحداثه سنة ١٩٥٥، بتوقيع معاهدة صداقة- لا تزال سارية- بين البلدين، وتطورت مع سيطرة «آيات الله» على الحكم فى ١٩٧٩، وقطعًا لن تنتهى أحداث المسلسل بتلك الحلقة الجارى عرضها هذه الأيام.
قيل إن الرئيس الأمريكى رفض التعليق على حضور «ظريف». وقيل إن ملف إيران تسبب فى أول خلاف بين قادة مجموعة الـ٧، وتحديدًا حول كيفية التعامل معها. لكن، خلال لقائه رئيس الوزراء اليابانى شينزو آبى، قال ترامب إنه يدعم أى تواصل يقوم به ماكرون بهدف تهدئة التوترات. كما أنه ليس بعيدًا أو مستبعدًا أن تكون دعوة ظريف تمت باتفاق بين الرئيسين الفرنسى والأمريكى، بل ربما كان بناء على طلب الأخير. إذ سبق أن ذكرت مجلة «نيويوركر»، فى ٢ أغسطس الماضى، أن ظريف، تلقى دعوة للقاء الرئيس الأمريكى، فى البيت الأبيض. وكان غريبًا أن يأتى ذلك بعد أيام من قيام واشنطن بفرض عقوبات، على وزير الخارجية الإيرانى، شملت تجميد أى أصول له داخل الولايات المتحدة!.
المجلة الأمريكية، نقلت عن مصادر أمريكية وإيرانية «واسعة الاطلاع» أن راند بول، السيناتور الأمريكى الجمهورى، لعب دور الوسيط مع «ظريف»، بموافقة «ترامب». وخلال لقاء جمعهما، منتصف يوليو الماضى، فى نيويورك على هامش زيارة الأخير للأمم المتحدة، اقترح السيناتور على ظريف أن يقوم بطرح أفكاره حول كيفية وضع حد لمأزق الملف النووى على «ترامب» شخصيًا. غير أن ظريف أعرب عن خشيته من أن تكون هذه المقابلة مجرد جلسة لالتقاط الصور، ولم يقبل القادة الإيرانيون هذا اللقاء.
كانت هناك، أيضًا تسريبات عن محادثات أمريكية مع إيران، خلف الكواليس، قام بها عضو جمهورى فى مجلس الشيوخ الأمريكى زار طهران، برفقة مسئول فى وزارة الخارجية وآخر فى وزارة الدفاع. وقالت تلك التسريبات إن طائرة الوفد الأمريكى حطت فى مطار «بيام» غرب طهران، التابع لـ«الحرس الثورى» الإيرانى، وطبقًا لتلك الأنباء، التى لم ينفها أو يؤكدها البيت الأبيض أو الخارجية الأمريكية، فقد التقى السيناتور الأمريكى مسئولين فى مكتب المرشد الأعلى، على خامنئى، ومسئولين فى «الحرس الثورى».
بلا نتائج أو بيان ختامى، ستنتهى قمة مجموعة السبع، اليوم الإثنين. وعمليًا أو واقعيًا، لا يوجد شىء يمكن لـ«مجموعة السبع» أن تفعله لتغيير أو للتأثير على مجريات الأحداث أو لحسم أى من الملفات، وتحديدًا ملف الاتفاق النووى مع إيران، الذى لن تكون مخطئًا لو اعتقدت أن ما حدث ويحدث بشأنه، ليس أكثر من سيناريو متفق عليه.