رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قمة مجموعة السبع


بلا نتائج أو بيان ختامى، ستنتهى قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، (G٧)، التى تستضيفها مدينة «بياريتس» أو «بياريتز» الفرنسية. وغالبًا سيرفض الرئيس الأمريكى، على الأقل، التوقيع على البيان، كما فعل فى قمة العام الماضى التى استضافتها مدينة كيبيك الكندية. واستباقًا لذلك، قلل الرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون، من شأن البيان الختامى، بل إنه وصف البيانات الختامية، إجمالًا، بأنها «لا يقرأها أحد» وتصدر «فى إطار إجراءات بيروقراطية»!.
من فرنسا بدأت وإليها تعود. وكان اسمها «قمة مجموعة الست»، حين اقترح إقامتها الرئيس الفرنسى الأسبق فاليرى جيسكار ديستان، واستضافها لأول مرة، سنة ١٩٧٥، لمناقشة القضايا الاقتصادية الدولية بعد الركود الناتج عن أزمة النفط أو صدمة النفط الأولى، سنة ١٩٧٣، ثم عن انهيار سوق الأوراق المالية (١٩٧٣-١٩٧٤). ولاحقًا، انضمت كندا، قبل أن تجتمع دول المجموعة، سنة ١٩٧٨، فى «جوادلوب»، لتقرر تحويل القمة إلى «مكتب سياسى دولى» يستهدف ضبط الأداء السياسى والاقتصادى للعالم كله.
الفكرة عظيمة طبعًا، لكن ما حدث هو أن ذلك «المكتب السياسى الدولى»، منذ ظهوره وإلى الآن، لم يكن أى دور فى التغييرات الدرامية التى شهدها العالم. بالضبط، كما أن ما حملته البيانات الختامية للقمم الـ٤٤ السابقة، ذهب مع الريح دون أن يلامس أرض الواقع. وتكفى الإشارة، مثلًا، إلى أن قمة «ليون» التى انعقدت، سنة ١٩٩٦، أقرت ٤٥ إجراءً لمكافحة الإرهاب، لم يتم تنفيذ غير واحد منها، هو ذلك الذى ألزم المسافرين بخلع الأحذية فى المطارات!.
ذهاب ما صدر عن القمم السابقة مع الريح، لا ينفى الدور المؤثر، سياسيًا واقتصاديًا، لدول المجموعة السبع: الولايات المتحدة، بريطانيا، كندا، اليابان، ألمانيا، فرنسا، وإيطاليا. وكان للمجموعة ضلع ثامن بين عامى ١٩٩٨ و٢٠١٤، هو روسيا، لكن تم تعليق عضويتها بسبب أزمة أوكرانيا وقيامها بضم شبه جزيرة القرم. وغالبًا سيكون عودتها موضع نقاش، بعد إشارة الرئيس الأمريكى، الثلاثاء الماضى، إلى منطقية مشاركتها. وهى فعلًا منطقية ومهمة، كما أن وجود زعماء وقادة مصر والهند وتشيلى، هذا العام، سيسهم فى توسيع مجال النقاش حول ملفات الاقتصاد والتنمية وعدم المساواة.
تقديرًا لدور مصر فى محيطها الإقليمى وقارتها الإفريقية تمت دعوتها للمشاركة فى القمة الـ٥٥ التى تنعقد، هذا العام، تحت عنوان كبير هو «مكافحة أوجه عدم المساواة»، وتحته توجد خمسة عناوين فرعية يتضمنها جدول الأعمال: تعزيز المساواة بين الجنسين فى الانتفاع بالتعليم والخدمات الصحية الجيدة، تقليص أوجه انعدام المساواة البيئية حفاظًا على التنوّع البيولوجى، العمل من أجل إحلال السلام ومكافحة التهديدات الأمنية والإرهابية التى تزعزع أسس مجتمعاتنا، اغتنام الفرص التى يتيحها المجال الرقمى والذكاء الاصطناعى على نحو أخلاقى محوره الإنسان، وتجديد الشراكة مع القارة الإفريقية على نحو يتّسم بقدر أكبر من الإنصاف.
لمصر، بكل تأكيد، إسهام بارز فى تلك المحاور أو العناوين. بالإضافة إلى أن مشاركتها فى تلك القمة فرصة لشرح سياستها ومواقفها، وللدفاع عن قضايا أمتها، منطقتها، وقارتها الإفريقية. كما سبق أن فعلت فى ١٨ قمة شارك فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال فترة رئاسته الثانية: قمتان إفريقيتان فى إثيوبيا والنيجر.. قمتان عربيتان فى تونس ومكة المكرمة.. قمة عربية - أوروبية فى شرم الشيخ.. قمتان بشأن ليبيا والسودان.. قمة إسلامية فى مكة المكرمة.. قمة مجموعة العشرين فى طوكيو.. قمة صينية – إفريقية فى الصين.. قمة أوروبية - إفريقية فى النمسا.. مؤتمر ميونخ للأمن فى ألمانيا.. القمة المصغرة للقادة الأفارقة أعضاء المبادرة الألمانية للشراكة مع إفريقيا فى إطار مجموعة العشرين التى انعقدت فى ألمانيا.. إلخ.
من الطلاق البريطانى الأوروبى، «بريكست»، إلى ملف إيران النووى والعقوبات المفروضة عليها، إلى الحرب التجارية الأمريكية الصينية، أزمة كشمير بين الهند وباكستان، وغيرها من الملفات الكبرى أو الصغرى، ستتضاعف نقاط الخلاف بين الرئيس الأمريكى دونالد ترمب وقادة باقى الدول، باستثناء بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطانى. وليس متوقعًا أن تنجح ليونة أو ميوعة «ماكرون»، فى الوصول إلى تسويات لأى من تلك الملفات أو لغيرها. مع الوضع فى الاعتبار أن بين الملفات المتوترة، قرار فرنسا بفرض ضرائب على الشركات الرقمية الأمريكية الكبرى، الذى وصفه «ترامب» بـ«حماقة» ماكرون!.
بلا نتائج أو بيان ختامى، ستنتهى القمة، غدًا الإثنين. وعمليًا أو واقعيًا، لا يوجد شىء يمكن لـ«مجموعة السبع» أن تفعله لتغيير أو للتأثير على مجريات الأحداث أو لحسم أى من الملفات. وباستثناء بعض نتائج جولة النقاشات «غير الرسمية»، فإن القرار الوحيد الذى سيتم الاتفاق عليه، هو تحديد موعد ومكان انعقاد قمة العام القادم.