رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وأذن فى الناس بالحج «1»


أثناء عودتى من الأراضى المقدسة على إحدى طائرات الخطوط الجوية العربية السعودية تصفحت مجلة «أهلًا وسهلًا»، وهى مجلة شهرية تصدر عن السعودية للطيران، وقد خصصت المجلة عددها الأخير للحديث عن الحج، وجعلت عنوانها الآية الكريمة: «وأذن فى الناس بالحج»، وغلافها صورة للكعبة المشرفة، وقد تدافع العشرات لمحاولة لمس الحجر الأسود وباب الكعبة.
شد انتباهى موضوع عن حج المستقبل، وكيف سيكون، الموضوع كتبه دكتور مهندس، عصام أمان الله بخارى، وهو باحث يحمل شهادة الدكتوراه، ومتخصص فى إدارة التقنية والابتكار، ومهتم بمجالات هندسة التنمية واستشراف المستقبل، وعمل ملحقًا ثقافيًا للمملكة باليايان.
وقد استعرض فى المقال عددًا من التقنيات المستقبلية التى يمكن أن يستفيد منها الحجيج فى الأعوام المقبلة، أو القرن المقبل، ومن هذه التقنيات «العدسات اللاصقة الذكية»: حيث تتيح هذه العدسات أن يرى الحجاج ويستمعوا إلى «الإمام» يخطب فى عرفات باللغة العربية، فتقوم هذه العدسات بالترجمة الفورية نصيًا. وعندما يتواصل الحجاج مع الكشافة سيتكلم كل بلغته، وتقوم هذه الأجهزة بالترجمة النصية بينهم، وستكون تلك العدسات مزودة بأجهزة استشعار قادرة على التعرف إلى الوجوه، وعندما يفقد أحد الحجاج الوعى ويلقى رجال الإسعاف نظرة عليه، ستتعرف العدسة على اسم الحاج، وفصيلة دمه وتاريخه المرضى الذى سيكون مُخزنًا فى قواعد البيانات الكبيرة.
الجمرات الذكية: سيكون من الممكن رمى الجمرات باستخدام الإشارات العصبية من دماغ الحاج، حيث تتحرك الجمرات التى ستكون طائرات درونز صغيرة على شكل حجر مهمتها تنفيذ المهمة بالطيران للاصطدام بالجمرة الكبرى والوسطى والصغرى، خاصة للحجاج المقعدين من ذوى الاحتياجات الخاصة، أو المصابين بالشلل.
العربات الطائرة: قد يكون متاحًا الطواف حول الكعبة بالعربات الطائرة دون طيار. كانت تويوتا قد تقدمت ببراءات اختراع عام ٢٠١٤ لسيارات طائرة لتصنع بتكلفة تجارية، وقدمت دعمًا بستين مليون دولار لجامعتى «إم آى تى»، وستانفورد لأبحاث السيارات ذاتية التحكم. وإذا ما فكرنا فى طائرات الدرونز حاليًا والطائرات التجارية التى يتركها قائد الطائرة للقيادة الذاتية فقد لا يكون ذلك مستحيلًا. سيعنى هذا الإسهام فى حل مشكلة الزحام المكانى فى ساحة الطواف والطوابق المحيطة، وذلك باستخدام المجال الجوى.
التعقيم بالتحفيز الضوئى: تستطيع تقنية التعقيم بالتحفيز الضوئى أن تقضى على ٩٩٫٩٪ من البكتيريا والفيروسات فى المستشفيات والمرافق العامة، وأماكن الوضوء ودورات المياه. كما تستطيع هذه التقنية القضاء على جميع الروائح الكريهة، ورائحة السجائر. وقامت شركة يابانية بتطوير هذه التقنية، وجرى تطبيقها فى عدد من المستشفيات، ومحطات القطار فى منطقة كيوشو جنوب اليابان. لا يستدعى الأمر كثيرًا من الإجراءات المعقدة، إذ المطلوب تركيب نوعية معينة من البلاط أو الملصقات على الأرضيات والجدران لتبدأ عملية التعقيم.
توليد الطاقة من المخلفات العضوية والنفايات: يمكن الاستفادة مستقبلًا من جلود الأضاحى، والمخلفات العضوية، والنفايات لتوليد الطاقة. إذ تشير الإحصائيات إلى أن ثلاثة أطنان من النفايات تحتوى على مقدار الطاقة نفسه المتيسر توليده من طن واحد من البترول. وفى معهد أوساكا للتقنية طورت منظومة تتيح إنتاج الطاقة من المخلفات والنفايات الخاصة بالمطعم الرئيس للجامعة.
توليد الطاقة من نفرة الحجيج: طورت تقنيات تتيح توليد الطاقة من الاهتزاز الناتج فى الأرضيات عن المشى عليها. وعندما طبقت هذه التقنية فى أوليمبياد لندن عام ٢٠١٢ فى الطريق بين مركز تجارى واستاد الأوليمبياد الرئيس وُفرت نصف الطاقة الخاصة بالإضاءة من هذه التقنيات. ولتبسيط الصورة أكثر فإن كل ٢٥٠ ألف خطوة يمكن أن تشحن ١٠ آلاف هاتف جوال. وما علينا سوى تخيل فقط مقدار الطاقة المهول الذى يمكن توليده فى النفرة من عرفات إلى مزدلفة.
ومع تكدس الملايين كل عام لتأدية مناسك الحج لن تُحل المشاكل التى تتفاقم بسبب تزايد أعداد الحجيج إلا بالاعتماد على التفكير العلمى الذى يتجاوز الواقع ويستشرف آفاق المستقبل، فمن كان يتوقع أن تنقل الناس بالطائرات، والسيارات، أو استخدام المكبرات الصوتية، أو الإضاءة والتكييف، ناهيك عن شبكات الاتصالات والإنترنت، أو التطعيم.
وللحديث بقية..